النفط ينهي موجة صعود مع عودة المخاوف بشأن تخمة المعروض
هبطت أسعار النفط بنحو 2 في المائة أمس منهية أطول موجة ارتفاع لخام القياس العالمي مزيج برنت في 16 شهرا، التي استمرت عدة أسابيع، وسط بيع لجني الأرباح ومع عودة المخاوف بشأن فائض المعروض.
وبحسب “رويترز”، فقد انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 1.03 دولار إلى 55.97 دولار للبرميل متكبدة خسارة بنسبة 1.8 في المائة في الأسبوع المنصرم وإنهاء سلسلة من المكاسب استمرت خمسة أسابيع هي الأطول منذ حزيران (يونيو) 2016.
وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.30 دولار، أو ما يعادل 2.6 في المائة، إلى 49.49 دولار للبرميل خلال الجلسة منهيا الأسبوع منخفضا بأكثر من 4 في المائة، وتلك هي أكبر خسارة أسبوعية في أربعة أشهر.
وسادت حالة من الحذر أسواق النفط أمس مع مراقبة المتعاملين لعاصفة مدارية تتجه صوب خليج المكسيك، وفي ظل بقاء الأسواق الصينية مغلقة في عطلة عامة تستمر أسبوعا.
غير أن احتمالات تمديد تخفيضات إنتاج النفط التي تنفذها منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” بقيادة السعودية ومنتجون آخرون خارجها بقيادة روسيا أسهمت في دعم أسعار النفط الخام، لكن لا تزال هناك مخاوف بشأن نمو صادرات الخام الأمريكي التي يحفزها خصم كبير لخام غرب تكساس الوسيط إلى أسعار خام برنت، وأدى ارتفاع الدولار أيضا إلى تكبد سوق النفط مزيدا من الخسائر أمس.
وكان النشاط محدودا بسبب عطلة “الأسبوع الذهبي” في الصين، ومراقبة المتعاملين للعاصفة المدارية نيت، التي دفعت إلى إغلاق مصاف ووقف إنتاج على خليج المكسيك بعد أسابيع فقط من تعرض المنطقة لعدد من الأعاصير، وبدأت شركات نفطية كبرى من بينها إكسون موبيل وشيفرون ورويال داتش شل في سحب موظفيها من منصات الإنتاج على خليج المكسيك.
ولم تقطع السعودية، أكبر منتج في “أوبك”، تعهدا قويا بتمديد الاتفاق بين “أوبك” وروسيا ومنتجين آخرين على خفض الإمدادات، لكنها أكدت أنها “مرنة” تجاه اقتراحات بتمديد الاتفاق حتى نهاية 2018.
ودخل اتفاق خفض إنتاج النفط بنحو 1.8 مليون برميل يوميا حيز التنفيذ في كانون الثاني (يناير) الماضي، ومن المقرر أن ينتهي سريانه في نهاية آذار (مارس) 2018.
وفي ظل احتمال تمديد التخفيضات، يرفع المحللون توقعاتهم لأسعار الخام، وقالت “بي.إم.آي” للأبحاث “نزداد تفاؤلا في توقعاتنا لبرنت، حيث عدلنا بالرفع تقديراتنا للمتوسط السنوي في 2018 إلى 57 دولارا للبرميل، وتوقعاتنا للأجل الأطول إلى 73 دولارا للبرميل بحلول 2022، من 55 دولارا للبرميل و70 دولارا للبرميل في السابق”.
يأتي ذلك بعدما قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية “إن صادرات الخام الأمريكية قفزت إلى 1.98 مليون برميل يوميا في الأسبوع الماضي لتتجاوز المستوى القياسي المرتفع الذي سجلته الأسبوع السابق وبلغ 1.5 مليون برميل يوميا”.
وسجلت مخزونات الخام في الولايات المتحدة هبوطا حادا الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت مخزونات البنزين وتراجعت مخزونات نواتج التقطير، وانخفضت مخزونات الخام ستة ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 29 أيلول (سبتمبر)، مقابل توقعات محللين لانخفاض قدره 756 ألف برميل.
وتراجع استهلاك مصافي التكرير من الخام 145 ألف برميل يوميا مع انخفاض معدلات التشغيل 0.5 نقطة مئوية، وزادت مخزونات البنزين 1.6 مليون برميل في حين كان محللون استطلعت آراؤهم قد توقعوا ارتفاعا قدره 1.1 مليون برميل.
وأفادت إدارة معلومات الطاقة أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، انخفضت 2.6 مليون برميل مقابل توقعات لهبوط قدره 1.8 مليون برميل.
وتراجعت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام 706 آلاف برميل إلى 5.23 مليون برميل يوميا الأسبوع الماضي، وكان معهد البترول الأمريكي قد ذكر أن مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة سجلت هبوطا أكبر من المتوقع الأسبوع الماضي مع تراجع الواردات في حين ارتفعت مخزونات البنزين.
وأظهر استطلاع أنه من المستبعد ارتفاع أسعار النفط كثيرا هذا العام فوق أعلى مستوى في عامين الذي سجلته الشهر الحالي، مع استمرار المخاوف بين المحللين من أن نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي سيعوق استعادة التوازن بين معروض النفط العالمي والطلب.
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي مزيج برنت 52.60 دولار للبرميل في 2017، بما يزيد قليلا عن توقعات الشهر السابق البالغة 52.53 دولار، وفي عام 2018 من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر الخام 54.40 دولار للبرميل مقارنة بتوقعات الشهر السابق البالغة 54.48 دولار.
وتوقع الاستطلاع الشهري الذي شمل 36 محللا ومختصا اقتصاديا أن يبلغ متوسط سعر خام برنت أكثر من 60 دولارا للبرميل بحلول 2020، وبلغ برنت في الأسبوع المنصرم أعلى مستوياته منذ يوليو 2015، مدفوعا بالطلب على المنتجات المكررة وتقييمات بأن سوق النفط تستعيد توازنها سريعا بعد تخفيضات الإنتاج التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”.
ومن المتوقع أن يزيد إنتاج النفط الصخري الأمريكي للشهر العاشر على التوالي في تشرين الأول (أكتوبر) ليسجل 6.1 مليون برميل يوميا، وتتوقع دانييلا كورسيني المختصة الاقتصادية المعنية بسوق السلع الأولية لدى “إنتيسا سان باولو”، أن يظل ارتفاع إنتاج النفط الصخري وإنتاج ليبيا ونيجيريا هو الخطر الرئيسي الذي يهدد جهود “أوبك” لتقييد المعروض العالمي.
وأضافت كورسيني “في ضوء تأثره بأسعار العقود الآجلة الأمريكية، سيمثل النفط الصخري أكثر الأدوات فاعلية في عملية استعادة التوازن وسيسهم في إبقاء أسعار الخام داخل نطاق ضيق نسبيا”.