عام

عمامة إيران وبدلة الغرب

في الواقع أن هناك علاقات دولية وسياسية جعلت عمامة إيران تكوّر بدلة الغرب، وبدلة الغرب “تشلح” عمامتهم.. فتبادل وتقاطع المطامع والمصالح بينهما أفرز نمطاً سياسياً مختلاً يقوم على لبس البدلة أو خلع العمامة وتبادل الأدوار.

إيران التي يدرك العالم حجم إرهابها، وضخامة إفسادها، ويعترف ويدين أفعالها التخريبية يتم التعامل معها من قبل الغرب ومنظماته بليونة غريبة، ومياعة عجيبة لا تعبر عن شعارات تلك الدول المنتشرة والتي تدعي من خلالها قيمة ردع الإرهاب، وتعزيز الأمن، وضبط حقوق الإنسان.

في حقيقة الأمر إيران بلاد النيات السوداء، بارعة في الشر ومقوماته، ومميزة في تدابير الإفساد، ولديها عدة لغات للتحاور الكاذب، وماهرة في فنون المماطلة وكسب الوقت والالتفاف على أي التزامات ومواثيق، وهي أيقونة في التأجيل والتلون الدبلوماسي ويجيدون معادلة التفاوض الطويل (كم سنة استغرقت مفاوضاتها حول برنامجها النووي).. وتأملوا تصريح رئيسهم “بأن أوروبا يمكنها أن تحمي إيران من العقوبات المفروضة عليها.. وعليهم التعجل في ذلك وإلا..”.

سياسة الفرس توحي لهم أنهم يكسبون.. فيغدو هذا السلوك لزمة من لزمات الحراك السياسي ومواجهة مشكلاتها.. فكان أسلوب حياة ورد فعل لديهم وصارت تعاملاتهم مع دول في الغرب.. واللجان الدولية، والمنظمات العالمية، ورسموا مخططات مطاطية للتعاطي مع السياسات الأخرى الضاغطة.. ‏لذا فمساحة التلاعب لديها واسعة ومتحورة بحسب المزاج السياسي الغربي ومنظماته.

من يرى إيران متأزمة هذه الأيام سيدرك أنها تبدأ بحراك الليونة السياسية وحزم المبادرات الخادعة وسنسمع الاسطوانة المعتادة عندما تسخن وتشد الأمور بداية بالتوجه السريع إلى التفاوضات وإدخال أطراف وساطة.. وأطروحات “ظريف” وزير خارجيتهم هذه الأيام الذي يتحدث عن انتظار إيران لأي مبادرات للتفاهم السياسي، وتفعيل اتفاقيات عدم اعتداء.. وإن إيران ستقبل بأي تدخل إيجابي يخفف من حالة التوتر.. وإبراز موضوع الاتفاق النووي ستلتزم به.. وفي الوقت نفسه هذا العالم يراهم يفجرون ناقلات النفط.. ويصرّحون بأن تخصيب اليورانيوم ستتم مضاعفته خلال أيام..

ويبقى القول: الكل يتفهم أن حقيقة السياسة وتفاصيلها ومآربها لن تكون في وسائل الإعلام ومضامينه وأخباره فهي تكمن تحت الطاولات، وعلى أوراق العقود والمصالح.. والمملكة اليوم أنضج وعياً وأكبر قوة بفضل الله ومنته ثم بحزم وعزم قيادتنا.. فلا يغتر أحد بمشاهد الإثارة وزخم الأخبار التي تخصهم، ويظن أنها الواقع بل ليكن الشك وسوء الظن هو العصمة الحقيقية لعقولنا وقلوبنا.. فلا يردع أعداءنا أو يحمينا بعد الله عز وجل إلا أنفسنا وقوتنا وحسن تدبيرنا وهذا ما يؤكده تعاطينا السياسي مع كل حدث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى