المعلم يبحث في تطورات الأزمة مع بيدرسون في دمشق
بحث وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم أمس، مع المبعوث الدولي الجديد للأمم المتحدة غير بيدرسون، الذي يزور دمشق للمرة الأولى منذ تعيينه، الجهود المبذولة من أجل إحراز تقدم في المسار السياسي للأزمة في سورية.
وذكرت صفحة وزارة الخارجية على موقع «فيسبوك»، أن المعلم التقى بيدرسون ظهراً «وجرى خلال اللقاء بحث الجهود المبذولة من أجل إحراز تقدم في المسار السياسي للأزمة في سورية، ومتابعة الأفكار المتعلقة بالعملية السياسية».
ووصل المبعوث الجديد إلى دمشق صباح أمس في أول زيارة منذ تعيينه في منصبه خلفاً للموفد الدولي السابق ستيفان دي ميستورا في مهمة صعبة تهدف الى إعادة إحياء المفاوضات، من أجل تسوية النزاع السوري المستمر منذ نحو ثماني سنوات.
ورحب المعلم بتولي بيدرسون منصبه الجديد، معرباً له عن «استعداد سورية للتعاون معه من أجل إنجاح مهمته لتيسير الحوار السوري – السوري، بهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، والذي هو مصلحة سورية» وفق الوزارة.
وبيدرسون، الذي تسلّم مهماته في السابع من كانون الثاني (يناير) الجاري، ديبلوماسي مخضرم، شارك في 1993 ضمن الفريق النروجي في المفاوضات السريّة التي أفضت إلى التوقيع على اتفاقات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين. وأمضى سنوات عدة ممثّلاً لبلاده لدى السلطة الفلسطينية. وشغل منصب سفير النروج لدى الصين، وسبق أن كان سفيراً لبلاده لدى الأمم المتحدة.
واستبقت دمشق وصول بيدرسون بتأكيدها أمس استعدادها للتعاون معه من أجل «إنجاح مهمته».
وقال معاون وزير الخارجية السورية أيمن سوسان خلال مؤتمر صحافي عقده الأحد في دمشق، إن هذه الزيارة «هي زيارة تعارف على رغم أن بيدرسون معروف من قبلنا، ولكنها محطة أولى سنستمع إليه، سنجدد له استعدادنا للتعاون معه من أجل إنجاح مهمته». وأمل بأن يحقق بيدرسون «ما عجز الآخرون عن تحقيقه لأن لدينا مصلحة في ذلك». وكان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أكد في وقت سابق، وفق ما نقلت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطات، استعداد بلاده للتعاون مع بيدرسون «بشرط أن يبتعد عن أساليب من سبقه، وأن يعلن ولاءه لوحدة أرض وشعب سورية، وألا يقف إلى جانب الإرهابيين كما وقف سلفه».
واتهمت دمشق دي ميستورا، الذي استقال من منصبه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بعد أربع سنوات من المساعي التي لم تكلل بالنجاح لتسوية النزاع السوري، بـ«عدم الموضوعية» في تعاطيه مع الأزمة السورية.
وقبل دي ميستورا، تولى الجزائري الأخضر الإبراهيمي والأمين العام السابق للأمم المتحدة الراحل كوفي أنان مهمة المبعوث الدولي الى سورية، من دون أن تثمر جهودهما في تسوية النزاع، الذي تسبب منذ اندلاعه بمقتل أكثر من 360 ألف شخص، وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية، وتسبب بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
واكتفى بيدروسن على حسابه على موقع «تويتر» بالقول إنه وصل إلى دمشق «متطلعاً إلى اجتماعات مثمرة يجريها هناك».
ويتولى بيدرسون مهماته بعدما تمكنت القوات الحكومية من استعادة السيطرة على أكثر من ستين في المئة من مساحة البلاد، بينما تخوض دمشق مفاوضات مع الأكراد، ثاني قوة عسكرية في سورية، أفضت في مرحلة أولى الى انتشار الجيش السوري في محيط مدينة منبج في محافظة حلب شمالاً.
كما تأتي مع مؤشرات على بدء انفتاح عربي تجاه دمشق، تمثل الشهر الماضي بافتتاح كل من الإمارات والبحرين سفارتيهما في دمشق بعد إقفالهما منذ العام 2012.
وتمحورت جهود دي ميستورا في العام الأخير على تشكيل اللجنة الدستورية، التي انبثقت فكرتها في يناير 2018 خلال قمة للدول الثلاث الضامنة لعملية السلام، وهي روسيا وإيران، حليفتا دمشق، وتركيا التي تدعم قسماً من المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد. وطغى مسار آستانة على مفاوضات جنيف.
إلا أن دي مستورا فشل في مساعي تشكيل اللجنة التي من المفترض أن تضم 150 عضواً. وقال الديبلوماسي الإيطالي – السويدي لمجلس الأمن في 20 كانون الأول (ديسمبر) الماضي: «إني آسف جداً لما لم يتم تحقيقه»، مشيراً إلى مشاكل مع قائمة الأسماء التي طرحتها دمشق واعتبرت الأمم المتحدة أنها تفتقر إلى «معايير الصدقية». وكانت دمشق أبدت رفضها أيضاً لأسماء اقترحها دي ميستورا.
على صعيد آخر، أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أمس عن وفاة 15 طفلاً نازحاً، غالبيتهم من الرضع في سورية، جراء البرد القارس والنقص في الرعاية الصحية.
ولقى الأطفال، وبينهم 13 لم يبلغوا عمر السنة، حتفهم في مخيم الركبان الواقع في جنوب شرقي سورية قرب الحدود مع الأردن، والذي يعاني من نقص حاد في المساعدات الإنسانية، وآخرون خلال الرحلة الشاقة بعد الفرار من آخر جيب لتنظيم «داعش» في دير الزور في شرق البلاد. وقال المدير الإقليمي للمنظمة خيرت كابالاري، في بيان أمس: «تتسبب درجات الحرارة المتجمدة والظروف المعيشية القاسية في الركبان (…) في تعريض حياة الأطفال للخطر بشكل متزايد»، حيث توفي ثمانية أطفال خلال شهر واحد.
وفي شرق سورية، توفي سبعة أطفال من النازحين، نتيجة رحلة النزوح الشاقة من «الانتظار أياماً في البرد، دون توافر مأوى أو حتى اللوازم الأساسية التي يحتاجونها».
وحذّر كابالاري من أنه في حال عدم توافر الرعاية الصحية والحماية، فإن «عدداً أكبر من الأطفال سيموتون يوماً بعد يوم في الركبان ودير الزور وأماكن أخرى في سورية».