عام

مدمنو الآراء..!

أحيانا يكون لنا موعد مع الثرثرة.. تعتقلنا كلمات وقد لا نعقلها.. وغالبا ما يكون حولنا نثرات حروف تحوم بيننا بالضجيج.. كلمة خلف كلمة.. وصخب يعلوه صخب.. كلام ليس كالكلام.. وبقايا آثار.

الكل يريد أن يضع عقله على طاولات «السوالف».. ويمدد لسانه على مساحات الأحاديث.. يردد ما يقال.. ويقول ما يردد.. والكل يتمنى القفز فوق أسوار النقاشات.. ليقدم ذاته المتسرعة، ويتصدى في منصات التفوق.

نعم.. بيننا وهم كثر.. مدمنو الآراء «كل شيء لنا رأي فيه».. لا يكاد أحدهم يسمع عن فعل لشخص ما.. أو خيار، أو عمل، أو نوايا، أو قرار، أو عزيمة على أمر.. إلا ويقفز حوله بآراء كثيفة.. ونصائح ثرثرة.

نحن نسمعها كل يوم.. تدور الأحاديث في المجالس و«يفضفض» البعض عن نواياه، وأفعاله، وأخباره.. ويفرج عن شيء من مكنوناته.. يذكر لمن حوله.. «أنا فعلت كذا.. وشريت كذا.. وبعت كذا وووو».. انتظر لحظات فقط لتجد سيلا عرما من الآراء تقذف على رأس المتحدث.. وتحلق حول بصره بكل ضجيج لا يحتمل.

يلتفت فينطلق أحدهم حين يسمع أن «خويه».. «صاحبه»..قريبه اشترى منزلا.. يبدأه بأسئلة كالمحقق «كونان» متى، وأين، وكيف، وكم، «وما علمتنا».. الرجل اشترى وسكن داره واستقر.. فيصر صاحبنا إلا أن يقول رأيه فيعيب ويستعيب ويتفلسف.. فيبث بكل ذلك طاقة سلبية عنيفة تحطّم كل مجاديفه بإصرار.. يقول له: اشتريت. يرد عليه: «غلطان» هذا المحل فيه كذا وكذا وهو يدرك أو لا يدرك أن أمامه رجلا اختار أمرا وانقضى.

واتجهوا إلى من يشتري سيارة، أو يخطب ليتزوج، أو يختار مسارا تعليميا، أو يتوظف، أو يتاجر مجتهدا، أو يبتاع حتى ثوبا، أو يواجه مشكلة، أو يريد الإقدام على مشروع حيوي في حياته.. ستجد من صاحبنا ومثله من مدمني الآراء، والطاقات السلبية كثيرين جدا.

ويبقى القول: رأيك، اجعله حين يطلب منك فتستشار قبلا ومبكرا.. وليرشد البعض ويكون حكيما حين يرى أحدهم اعتزم أمرا، أو قضاه وليكون حامل مسك وخير يعينه ويدعو له ويمنحه طاقة ايجابية فكثرة الآراء بعد الانقضاء مفسدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى