سناب شات.. واعيباه!
حين تطفو الجرأة، وترتفع الغرابات، ويموج الوعي، ويحكم الجهل يتحكم الهوى.. هنا سيغرق الحياء، وتدفن المروءة، وتغيب الأخلاق، وينكمش السمت.
في دواخلنا يفترض دين قويم، وخلق مستقيم، وأحاسيس نقية ومشاعر طيبة.. وفي عمقنا مبادئ ثابتة ومُثل قائمة.. كل ذلك حين يختل.. تكون الحواس في فوضى.. ويكون المرء في سقم، والقلوب سخيمة، والعقول مرضى.
وسائل التواصل فعلت بنا ما فعلت وعبثت بالفضائل لدى الكثير فاختلت الرؤى، وتحولت المفاهيم، وتحققت التبعية، واستوطن الهوس بيننا.. الكثير يركض خلف الأشياء، ويلهث وراء الفتن، ويلاحق الفارغ..
وفي وسيلة تدعى “سناب شات” حلت في أيدي الناس، وتفرقت بين الدهماء، والرعاع فكان الاستخدام لكثير من الحالات استخداماً يدمي القلوب، ويزعج العقول، ويجرح الأخلاق.. هنا رصدت شيئاً من الأسى حين ذابت أمنياتي.
أم تصور ابناً لها يردد كلاماً “وقحاً” ومعيوباً.. تضحك الأم لا تقول شيئاً ولا تردعه.. لا أعلم ما الغاية.. لا أعلم أين ذلك من التربية؟.. ثم تسارع بالنشر وتصل كل قريب وغريب.
رجل يصور مجموعة عمال في مطعم يأكلون ويرمي بكلمات ساخرة في وصف حالهم وأكلهم.. فينشر لمجموعاته وأعزائه المتابعين.
شاب يصور أخاه الصغير وهو يعبث بأمور لا تليق ويتحدث بكلام لا ينبغي في محل غير مناسب.. يضحك ثم يرسل إلى مجموعته.
امرأة تدخل محلاً ولم تترك لبساً أو قطعة إلا وصورتها بالتفصيل وتنتقي بعض ما يثير الجدل من الملابس.. تعلق فتضحك ثم تنشر.
امرأة تصور العاملة المنزلية بطريقة مزعجة وهي تطبخ، ترمي بكلمات تظنها ظريفة وتسألها ماذا ستقدمين لنا اليوم ثم تعدد مكونات الطعام ثم تهرول لتنشر لمتابعيها.
فتى يدخل بقالة يطلب علبة دخان يرد عليه العامل البائع لا يوجد فيزعجه بالأسئلة لماذا لا يوجد دخان “دخان كويس.. أنت خوف بلدية، يركز على ملامح العامل ويلتقط تعابيره.. يضحك ثم ينشر.
شخص نائم في البر يأتي أحد رفقائه بماء بارد وهو يصور ويتحدث بهمس ثم يصب الماء فينتفض فزعاً ويقوم يسب ويشتم.. ثم يبث وينشر بكل سفاهة.
ويبقى القول: مشاهد مسطحة فارغة وقتل للوعي وموت للأحساس لا تعلم كيف تصفها ولا تعرف كيف تشرح من أولئك.. ولا تفهم لماذا تنازل هؤلاء عن عقولهم وأخلاقهم؟.. لذا أقول “واعيباه”.