عام

دور الكويت في ترسيخ السلام ونشر ثقافة العمل الإنساني

حفلت مسيرة دولة الكويت منذ نشأتها بالعديد من المبادرات والمواقف الإنسانية التي أسهمت في ترسيخ السلام ونشر ثقافة العمل الإنساني، وترسيخ مفاهيم التعاون الدولي ومساعدة الدول والشعوب على تجاوز الأزمات وتحقيق السلام والأمن الدوليين.
وشكلت السياسة الخارجية للكويت بقيادة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الأحمد دورا بارزا في نشر ثقافة السلام وتحقيق الاستقرار و الأمن في العالم والدفاع عن قضايا الأمة العربية والأزمات بمنطقة الخليج على الخصوص .
و مما ساعد على ذلك حظوة أمير دولة الكويت بمكانة مرموقة على الصعيد العربي و الدولي، إذ يرتبط اسمه بالعديد من الألقاب مثل القائد الحكيم، ورجل السلام، وقائد العمل الإنساني، وذلك لما قدمه للإنسانية جمعاء من المبادرات الجليلة والمساعدات العديدة ، حيث يعتبر من أقدم الرؤساء الذين شغلوا مناصب سياسية رفيعة المستوى، ما منحه خبرة كبيرة وواسعة وكما هائلاً من العلاقات والصداقات التي استثمرها في حل الكثير من الخلافات و إدارة العديد من الأزمات، وهو ما منحه تقديراً خاصاً ومكانة مرموقة بين ملوك و رؤساء الدول العربية .
وتقوم دولة الكويت بدور رئيسي في العمل السياسي والإنساني سواء على مستوى الوطن العربي أو على المستوى العالمي، وذلك لما تتمتع به من خبرات و كفاءات متميزة ، لاسيما في المجال الدبلوماسي و إدارة الأزمات السياسية والإنسانية. و هذا الدور هو نتيجة لما يتمتع به أمير دولة الكويت من مكانة وقبول كبيرين من كافة الأطراف العربية والعالمية، إلى جانب ما يحظى به من احترام وتقدير كبيرين، وهو ما ساعد في أن تكون الكويت طرفاً في للعب دور الوساطة لتسوية الكثير من الخلافات و الأزمات على مستوى الشرق الأوسط و منطقة الخليج .
وحرصت دولة الكويت منذ انضمامها لمنظمة الأمم المتحدة في عام 1963 على دعم جهودها ونشاطاتها من أجل تحقيق الأهداف النبيلة التي تسعى إليها، وعلى الخصوص تحقيق الأمن والسلم الدوليين وتعزيز علاقات الأخوة والشراكة والتعاون مع مختلف دول العالم ومع المنظمات الاقليمية والدولية الفاعلة.
وفي هذا الصدد ، تمتلك دولة الكويت على الصعيد الديبلوماسي رصيدا حافلا بجهود المصالحة والوساطة من أجل تنقية الأجواء العربية ولمّ الشمل العربي ، وذلك نظرا لما تحظى به الديبلوماسية الكويتية من خبرة تاريخية وسياسية في حل العديد من المشكلات العربية ـ العربية .
ونذكر في هذا السياق ، الدور الذي قامت به دولة الكويت في حل الخلاف المصري ـ اليمني خلال الحقبة الناصرية والتوسط بين اليمن الجنوبي واليمن الشمالي عام 1972 لوقف المناوشات بينهما على الحدود المشتركة والذي أسفر عن توقيع اتفاقية سلام.
كما أدت الكويت دورا فاعلا من خلال ديبلوماسيتها المحنكة في التوسط لحل خلافات بين دول عربية وأخرى اقليمية في نهاية عقد الستينيات وأسفرت عن تسوية نزاعات واستتباب الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط ، كحل الخلاف الأردني الفلسطيني عام 1970 ، و تخفيف الاحتقان بين بعض الدول العربية وتحقيق التقارب بين جميع الأطراف من خلال زيارات واجتماعات عقدتها على أراضيها وأسفرت عن التوصل إلى حلول سياسية ومصالحات وتعهدات باحترام كل دولة للشؤون الداخلية للدولة الأخرى.
ونذكر أيضا الجهود الديبلوماسية التي بذلتها الكويت حين استضافت مشاورات السلام اليمنية برعاية الأمم المتحدة عام 2016 ، و ذلك بهدف التوصل إلى اتفاق شامل ينهي الازمة اليمنية ويسمح باستئناف حوار سياسي شامل بين الفرقاء.
وأيضا بادرت الكويت عام 2018 إلى محاولة تطويق الأزمة بين الدول الأربع، وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، ودولة قطر واحتوائها قبل اشتدادها، كما فعلت بنجاح كبير في سابقة مماثلة عام 2014، حين سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة. وفي هذا الإطار ، شدد أمير دولة الكويت على أن الخلاف الخليجي عابر مهما طال ، كما شدد على ضرورة رص الصفوف في مواجهة التحديات ، و على أن تكون المبادرة لحل الأزمة بيد الدول الخليجية لا بيد الولايات المتحدة أو غيرها من الدول الغربية الصديقة.
وفي مجال العمل الإنساني ، امتدت المساعدات الكويتية لتشمل كل القارات وفي جميع القطاعات الإنسانية والتنموية والتي قدمت إلى الدول والحكومات والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية في مختلف أنحاء العالم . كما قامت دولة الكويت بالعديد من المبادرات والمواقف الإنسانية في مجالات البناء والتنمية والاستثمار البشري ودعم البحث العلمي اذ شكل ذلك نموذجا إنسانيا فريدا يقوم على تسويق سياسة السلم والأمن الدوليين في العالم.
فقد أنشأت الكويت عام 2009 صندوق الحياة الكريمة الذي ساهمت فيه بمبلغ 100 مليون دولار لمواجهة انعكاسات أزمة الغذاء العالمي على الدول الأقل نموا وتحسين عمليات الانتاج الزراعي بها إضافة إلى تبرعها بمبلغ 500 مليون دولار كمساهمة لتوفير الموارد المالية اللازمة للمشاريع التنموية العربية. و ساهمت أيضا ، منذ عام 2013 ، بشكل كبير في دعم الوضع الإنساني للشعب السوري ، من خلال التبرع بآلاف ملايين الدولارات.
وإذا كانت دولة الكويت قدمت مساعدات كبيرة لعدد من الدول العربية و الأسيوية، فإنها لم تغض الطرف عن القارة الافريقية . ففي عام 2013 ،أعلن صاحب السمو مبادرة تتمثل في توجيه الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لتقديم قروض ميسرة للإسهام في تمويل مشاريع إنمائية في الدول الافريقية.
و بناء على هذه الجهود الكبيرة التي بذلتها دولة الكويت في مجال نشر ثقافة العمل الإنساني على مستوى العالم ، جاءت تسمية الكويت عام 2014 مركزا إنسانيا عالميا وقائدها أمير دولة الكويت قائدا للعمل الإنساني من قبل الأمم المتحدة تتويجا لدورها في العمل الإنساني وتعزيزا لمكانتها كدولة تنتهج سياسة السلام و العمل الانساني .
وبالإضافة إلى الدورالهام الذي تقوم به الدولة في نشر ثقافة العمل الانساني، تعد الجمعيات الخيرية الكويتية علامة بارزة في هذا المجال بفضل تحركاتها الميدانية السريعة على الصعيد الوطني و العالمي ، تجلى ذلك من خلال تقديم المساعدات لكل من يحتاجها في أي مكان حول العالم بغض النظر عن الدين أو الجنس أو اللون ، وإيصال الاحتياجات الأساسية من طعام وشراب وخدمات صحية وتعليمية إلى المجتمعات الفقيرة.
وقد سيق أن أعرب الأمين العام للمنظمة الدولية انطونيو غوتيريس عن شكره وتقديره البالغ للدور القيادي البارز لسمو الأمير في مجال العمل الانساني. جاء ذلك في كلمة ألقاها غوتيريس خلال استقباله من قبل سمو الامير وذلك في اطار زيارته لدولة الكويت ، حيث قال : ” إنه لشرف كبير وسعادة بالغة ان اتواجد هنا مجددا لأشيد وبكل وضوح ليس بقيادتكم الانسانية فحسب والتي شهدتها بحكم موقعي وقادت سلفي الامين العام السابق للأمم المتحدة الى تسميتكم قائدا للإنسانية وانما اليوم اصبح الامر اكبر من ذلك بكثير”.
إن تسمية الكويت مركزا إنسانيا عالميا و تقليد سمو الأمير لقب قائد العمل الإنساني ، يعد مفخرة للكويت و للإنسانية جمعاء ، لدرجة أن هناك من طالب بمنح أمير دولة الكويت لقب قائد القرن على مستوى العالم نظراً لخبرته وحكمته ورؤيته الثاقبة في مختلف القضايا العالمية والعربية والوطنية .

الدكتور خالد الشرقاوي السموني
أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط – المغرب
مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى