عام

أنديتنا وإدمان التغيير

خيال قادم من مسارب الوهم، ومسالك الوهن، ورؤى غارقة في «التخبط»، ومختنقة بالحيرة، هكذا تبدو مسيرة الوعي بما يحدث، بأن الشيء لا يحدث.

أنديتنا تقبع بين سحيق الفهم، أو نحن نكمن في قاع الجهل، دعوني أصخب، تلبك كروي رياضي هائل يصيبنا، وزخم مشتت يفترس عقولنا، فقط لأننا لا نعرف كيف نواجه مشكلاتنا في أنديتنا، خصوصا حين تسبق عواطفنا عقولنا التي نفاخر بها.

ما الحل «وش بنسوي»؟ سؤال يطرح كل مرة في كل مشكلة «تطول»، وأصدقكم القول «أو تقصر»، أنديتنا لا تصبر، إعلامنا الرياضي لا يطيق، جماهير الأندية لا تتحمل، بالفعل الكل يغلي، والكل متعب.

ويتكرر السؤال مرارا وتكرارا عند كل مشكلة لأي ناد أو فشل يرونه، أو هزيمة، أو تأخر، وتأبى عبقريتنا إلا أن تحل بيننا، وتصر ثقافتنا الخفيفة، ويتعنت وعينا البسيط إلا أن نرمي بالحل الشهير، والعلاج السحري المزعوم «غيروا»، الفريق يحتاج «صدمة» ما نوعها، طبعا «التغيير».

لا نعرف أن نصلح أمرا ما، أو نتصبر ونعالج العلل، أو نعيد النظر في بعض التفاصيل ونصحح الأخطاء، لذا نتجه لتغيير الأشياء والمكونات كلها، غيروا رئيس النادي، غيروا المدرب، غيروا اللاعبين، غيروا أي شيء المهم «نغير»، وأحمد الله أن الجماهير يستحيل تغييرها وإلا لاقترح البعض تغييرهم.

راجعت تاريخنا في التغيير وفنونه وتأكدت أننا متصدرون ومتفوقون على دول العالم كلها، وسمعتنا في التغيير سبقت سمعة كرتنا ورياضتنا، لذا يأتون إلينا بلا طموح معنوي وليس لأجل تحقيق البطولات بل لتحقيق مكاسبهم الشخصية ويرحلون.

أزعم أن الهدر المالي الذي ذبح رياضتنا وجعلها تتأخر وتتشتت كله بسبب «أقرب ملف وسكة» التغيير فقط، حتى أن ثقافة المواجهة عند الفشل باتت هشة جدا، لأن الحل الأول التغيير، المشكلة أن الأدوات التي تفشل في مرحلة، ويتم تغييرها، يعودون مرة أخرى عند تغيير من قبلهم فيستمر الوضع ويغيرون لاحقا.

يا لهذا التغيير الذي جعلنا نخسر نفسيا ومعنويا بجانب المال والسمعة، أمثلة حولنا لا نستفيد منها ولا نعتبر، طاقة الصبر بيننا معدومة تماما فخسارة مباراة أو بطولة تعني كارثة تستوجب فقط التغيير حتى لو لم يتغير شيء، ويا لهذه العقول السريعة.

التغيير فن إداري لكنه مثل الكي عند الحالة المستعصية، يجب أن يكون أقصى وأبعد حل، وليس أقربه، ولا نجعله للإرضاء أو صرف النظر فقط، فالأندية وثقافتنا الرياضية يجب أن تتعقل وتؤمن بالإصلاح والمحاسبة وتعتبر الأندية من تجاربها السابقة في التغيير ومآلاته، ويجب أن ترصد الأخطاء والعلل التي حدثت لكي لا تتكرر وتهيئ كل المقومات للنجاح بصدق، يجب أن نتغير نحن فنتوقف عن فلسفة التغيير الفوضوي، ونبحث عن حلول مبتكرة بيننا يعيها ويتفهمها كل طرف.

@aziz_alyousef

https://www.alyaum.com/articles/6070421/الميدان-الرياضي/أنديتنا-وإدمان-التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى