المملكة.. والمتغير السياسي
السياسة لا تبنى على العواطف أو من المشاعر، السياسة مناخات متقلبة، ومتاهات لا منافذ لها، متغيرات مستجدة، ومستجدات متغيرة، وخيارات غريبة، وهذا ما تستوعبه العقلية السعودية الناضجة لتلك الفلسفات السياسية.
المملكة في كل أزمة لديها أذن واعية في فهم المتغير السياسي ومتابعة تطوراته، ولديها النضج الكافي في إدارة مشهده المرتبك ومعطياته بما يناسب قيمتها ومكانتها ومصالحها، لذلك كانت سياسة المملكة لا تبنى على انفعالات، ولا ردود فعل غير محسوبة، ولا مغامرات غير رشيدة، بل تتعاطى مع كل موقف سياسي بكل جدارة تقودها نحو تعزيز سياستها الثابتة، وتكريس ثبات سياستها بما يتوافق مع مصلحة الوطن والمواطن والشركاء.
الحوادث الإعلامية والتي تثير الاستخفاف لا علاقة لها بسياسة المملكة أبداً، فآلة، وفكر، ورؤية الإدارة السياسية لدى قيادتنا الرشيدة تضمن لنا – بإذن الله وفضله – منتجاً سياسياً يلائم الوطن والمواطن، ويتجه بمصالحنا المختلفة إلى حقول المنفعة والاستقرار والأمان، وحين تخرج أطروحات، أو تسجيلات، أو تسريبات، أو خدع إعلامية، أو كلمات هنا وهناك تدار باللغط وتحاط بالجدل، وتبرز بالإثارة، وتشمل الاستفزاز.. يكون التعامل معها بأدوات الرشد، وترشيد الكلام، وحكمة الفعل.
معلوم أن الخيارات، والرؤى، والسياسات السعودية هي كيمياء متفاعلة بإيجابية في معادلة العلاقات الدولية، والأحداث العالمية لذا قد تواجه مثل تلك الرؤى شيئاً من محاولات التعكير، التنكيد، والتضييق للحصول على خيارات مائلة لهؤلاء المعكرين.
تمتلئ كثير من الوسائل والمحطات ما يمكن أن يقاس بعقل بشري إنه مصائب إعلامية؛ إلا أن فلسفة الدولة الثابتة على مواقفها، وضبط نفسها هي فلسفة لا تبالي إلا بما يأتي بسوء أو افتعال يلامس مباشرة القيم السياسية للمملكة، فمن يصنع الكذب حولنا هم كثر، ومصانع الاحتيال والافتراء هي أكثر، فالدولة كالمملكة بقيمتها الدينية والسياسية هي خيار دولي قبل أن يكون إقليمياً أو انتقاء محدود الخيار للاستقرار الإقليمي والعالمي، فكان الثقل الإدراكي السياسي للقيادة هنا هو ثقل مبني على أدوات فاعلة لا تتعاطى مع الصغائر التي قد تعطل سيرها وتنميتها، بل هي كبيرة فتتعاطى مع كبائر الأمور بما يستحق.
الوطن قيمة والمواطن رصيد من معطيات سياستنا، حيث إن المصالح المدركة لتلك القيمة وذلك الرصيد لدى القيادة دوماً مقدمة على أي ردود أفعال طارئة أو مفتعلة. وسياسة الضجيج هي سياسة الدول التي لا تملك أفعالاً.
لذا فعطاءات المملكة هي ثابتة في المواقف الواعية فيما يحقق مصالحها، ويجلب المنافع لشعبها الداعم لقيادته، ويتماهى وأفقنا السياسي فيجعلنا نلبس دوماً رداء الحكمة والتبصر الذي لا تجيده كثير من الدول، فنحن نعلم المفروض والمرفوض، ونفهم الواجب والموجوب.