عام

العرب أول مستفيد من الصراع الأمريكي الصيني!

منذ أكثر من قرنين ركز الغرب على العرب كخطر أساسي وفعلا كانت أغلب حروب أوربا الخارجية مع العرب والمسلمين، فخطط الغرب، ووضع في بلادنا إسرائيل تلبية لرغبة اليهود ولحاجة أوربا إلى إضعاف العرب؛ وهذه حقيقة وليست رأي.
وفعلا تمكن الغرب ووريثتهم الولايات المتحدة الأمريكية بإضعاف المنطقة وتحييد خطرها على السياسة الدولية منذ وعد بلفور عام ١٩١٧م.
وبينما كانت العين الغربية مسلطة على العرب نسي جيراننا الأوربيون وأمريكا نمو الصين والتي بدأت تغزو العالم بقوتها الناعمة، عبر صناعاتها وتمويلها لمشاريع في دول العالم.
في السنوات الأخيرة علم الغرب أن إسرائيل ترسخت في المنطقة ولم يعد الخوف المبالغ فيه من العرب مجديا، بل الرعب آتٍ من الأخطبوط الصيني الذي سيلتهم العالم، عبر نموه الاقتصادي وعبر مشروع “طريق الحرير الجديد”.
* ما هي مبادرة “الحزام والطريق”؟
في عام ٢٠١٣ أعلنت الصين عن مبادرة “الحزام والطريق” بديل طريق الحرير القديم -الذي كان ينقل المنتجات من الصين الى أوربا مرورا بآسيا- حيث يتوقع أن يصل إنفاق الصين إلى 150 مليار دولار سنويا على البنية التحتية للدول الـ68 التي وافقت على مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وهي مبادرة تتألف من طرق برية تربط الصين بأسيا الوسطى وروسيا فأوربا، وتتألف هذه الطرق من خطوط برية وسكك حديدية وخطوط نفط وغاز وطاقة وإنترنت.
وإضافة للطرق البرية هناك طرق بحرية تمر عبر المحيط الهادي حتى تصل بحر البلطيق، وتتضمن موانئ ومراكز تخزين البضائن وإعادة تصديرها.
وإذا ما تركنا الجزء الرئيسي للخطة المرتبط بآسيا وأوربا فهناك أجزاء من المبادرة الصينية تمر بأفريقيا ودولنا العربية والخليجية تحديدا؛ حيث تعمل الصين ليل نهار لترسيخ وجودها الاقتصادي في إفريقيا، وآخرها ما أعلنه الرئيس الصيني “شي جين بينج” بداية سبتمر أيلول الماضي في المنتدى الصيني الإفريقي، من أن بلاده ستقدم تمويلا بقيمة 60 مليار دولار لدول قارة أفريقيا، إضافة لإعفاء دول إفريقية من ديونها للصين؛
كل ذلك بالتأكيد سيقوي الصين، وسيضعف الدور العالمي للولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى.
* أمريكا والعرب:
وإذا وقفنا بموقف الأمريكان فإننا سنرى ضخامة الخطر الصيني والذي سيهدد الأمريكان ونفوذهم في العالم، لذا فما هي الخيارات لدى أمريكا..؟
مبادرة أمريكية مضادة للصينية:
في فبراير – شباط 2018 كشف مسؤول أمريكي عن مشروع بنية تحتية إقليمي تبحثه أمريكا مع الهند واستراليا واليابان، وهو مشروع مناهض لـ “الحزام والطريق” الصيني، وهذا يؤكد كما ذكرت المخاوف الأمريكية من نمو النفوذ الصيني.
* كيف نستفيد كعرب من الصراع الأمريكي الصيني القادم؟
أمريكا اليوم أمام خيارين؛ إما أن تترك العرب ضعفاء في المنطقة؛ فتعبئ الصينُ بمنتجاتها وقوتها المالية الفراغَ لدى العرب أنفسهم وأيضا الفراغ لدى جارتهم إفريقيا؛ أو أنها ستقوي العرب بالصناعة وتمنحهم التكنولوجيا لكي تقويهم تجاريا واقتصاديا وتجعلهم قوة كبيرة أمام الهجوم الاقتصادي الصيني.
فدول الخليج قادرة على جذب الصناعة وتوطينها ولديها بنية تحتية ضخمة وقوة مالية هائلة، ومصر لديها خزان بشري بـ100 مليون إنسان ويد عاملة منخفضة التكلفة، والعراق بثرواته وبشعبه المتعطش للعمل وسوريا كذلك، والأردن منطقة جميلة للتقنية والصناعة، وليبيا تحتاج الاستقرار فقط لتحقق النمو، ودول المغرب العربية لديها صناعة نامية تحتاج إلى المصالحة بين بلدانها والتنسيق والدعم..
كل ذلك سيخدم العرب بالحصول على الصناعة والتقنية وأيضا سيخدم الأمريكان بدرجة كبيرة، وإلا فلا خيار للأمريكان إلا الحرب العالمية الثالثة للحد من تقدم الصين وهذا الخيار مدمر للعالم.
اعتقد بأن الأمريكان بدأوا يشعرون بالخطر والالتفات للحلفاء العرب، ودعونا من العروض التلفزيونية التي يتحدث بها الرئيس الأمريكي ترمب بأنه يحمي العرب ودول الخليج وعليهم أن يدفعوا، بل كما قال الأمير محمد بن سلمان أمس “لن ندفع لأمننا..” و “أسلحة أمريكا نشتريها بمالنا وليست بالمجان..”
ولتأكيد تنازل الأمريكي يكفي أن نعلم أن الأمريكان قبلوا تصنيع بعض المنتجات العسكرية في السعودية باتفاق الـ400 مليار مع المملكة! ومن كان يعتقد أن أمريكا ستسمح للعرب والخليج تحديدا بأن يصنعون رصاصة واحدة؟! إذا أمريكا ستتغير وبدأت تهدئ المنطقة وستغير سلوك إيران، وهي بحاجة لأن تقوي العرب وإلا فالصين قادمة.

يومكم سعادة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى