المحلية

“أبا الخيل”: اليوم الوطني ذكرى خالدة وتاريخ مجيد وسير عطرة

أكد مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو هيئة كبار العلماء الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل، اليوم، أن المملكة ترتدي حلة بهيجة يفوح شذاها من جنبات السبل وهامات الآكام وذرات تراب هذا الوطن.

وقال “أبا الخيل”: السعودية انفردت عما عداها من الأقطار والأمصار بيوم وطني منقطع النظير، يوم تضافرت فيه رايات لأطياف متجانسة فانبسقت عنها تلك الحلة الخضراء إنها راية التوحيد، رفعها القائد الأول لمملكتنا الحبيبة على رؤوس تلك الأطياف فارتضتها راية لها واحتضنتها لواءً لها، كيف لا؟! وهي لواء التوحيد، وارتضت بذاك الرجل حاكماً ومؤسساً لها.

وأضاف: إنه لم ينتزع طاعته منهم انتزاعاً بل احتواهم بسعة الصدر، فاجتمع أمرهم عليه، وتوحدت كلمتهم على يديه، إنه ذاك الملك المبجل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وجزاه عن أبناء هذا الوطن الغالي خير الجزاء.

وأردف: لقد جعل ذاك اليوم من هذه البقعة مناسبة فريدة، تركت أثراً بالغاً في ذاكرة أبناء هذا الوطن ووجدانه، ذاك اليوم أسبغ الله على هذا البلد نعمته بالوحدة ونبذ الفرقة، فاجتمع شتاتهم، واجتمعت كلمتهم، وانقشعت خلافاتهم، وانتصب التاريخ شاهداً على تلك الأيام، فسَطَر سطوراً بماء الذهب لمع بريقها وامتد نورها إلى يومنا هذا.

وتابع: لقد سجّل في ذاك الوقت مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة التي قادها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بمسيرة جابت آفاقها الزمنية 32 عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م.

وقال “أبا الخيل”: هذا اليوم يمثل ذكرى عظيمة استرد فيها الملك المؤسس مدينة الرياض، فكان محوراً فاصلاً اشرأبَّت له صفحات التاريخ المعاصر لجزيرة العرب، وأرفلت فيه جنبات هذا الوطن ففاضت بخير وفير لا يَقْدره حق قدره إلا المخضرمون ممن لامسوا العهدين وشهدوا تلك الحقبتين التاريخيتين، ورَأَوا ولادة النور من بطن التاريخ المظلم، الذي كان يبطش بالجزيرة آنذاك، فحاد بأهلها عن المنهج القويم، فكانوا شراذم متناحرين، تقطعت بهم الأسباب، وأَفَلَت عنهم شمس الأخوة، واضطرب فيهم ميزان العدل.

وأضاف: كان قلب الجزيرة الذي أدركه المؤسس الملك عبدالعزيز في 1902م بقعة تتجاذبها النوائب من كل جانب، قضت نحو أربعة قرون بعيدة عن الجادة، ما أن عزمت على النهوض إلا كبت، غاب عنها ماضٍ مجيد لطالما تغنّت به، وانصرمت حضارة تربعت على تخوم الصين إلى قلب أوروبا، وتلك هي الأيام يداولها الله بين الناس، وفرض الغزاة عليها واقعاً لا مناص منه، فأصبح أهلها رعاة دام تقاتلهم على مراعيهم وضاقت بهم أرزاقهم، يضربون في أرض الجزيرة هنا وهناك يبتغون الكلأ والعشب ومواضع الماء التي ضَنَّت بهم، حتى إذا لم يجدوا قتلهم الظمأ، لم يعرفوا إلى المال سبيلاً، ولا علم لهم بثقافة ولا تجارة، وإن افتقدوا المراعي سلبوها من غيرهم عنوة، وإلا أهلكهم الجوع، تتخطفهم الأسقام فلا طبَّ لهم ولا طبيب، اللهم إلا في بعض المدن فقد كان هناك الشيء اليسير من الخير، وأحياناً كانت تدور الدائرة على الجميع فيعم البؤس البادية والحاضرة، تلك هي الأرض التي وجد المؤسس نفسه فيها سنة 1319هـ (1902م).

وأردف: إذا ما التفتنا عن ذاك الماضي القريب نحو حاضرنا الزاهر، لرأينا عجباً عجاباً، الأرض أرض الجزيرة والأهل أهلها، إلا أنه شتان ما بين اليوم والبارحة فهذه بلاد ابن سعود، وقد أضحت تحكي قصة وطن وضع لبناته الأولى رجل ذو عزم وإرادة، رَسَم لها حاضراً ومستقبلا مجيداً من ماضيها القريب، فقد يسجل المرء تاريخَه في فقرات، إلا أن تسجيل التاريخ عند الملك المؤسس كان يقتضي شجاعة لا تلين، وصبراً لا ينفد، ورصيداً من الحكمة لا ينفد.

وتابع: كان حتماً عليه أن يضع خطة استراتيجية حسنة الإعداد والتدبير، وكان عليه أن يرتضي نكسات وقتية واتفاقات لا يرحب بها حتى يستطيع أن يبلغ هدفه الأسمى. وكان عليه قبل كل شيء أن يعتصم بالإيمان، فمنذ تلك اللحظة بزغ لهذه البلاد فجر جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى