تأكيد مقتل «ذو القرنين» في الموصل
بعد نفي وتأكيد أكثر من مرة، لمقتل المتطرف الألماني المنحدر من مصر، رضا صيام، القيادي في تنظيم داعش الإرهابي. أكدت مصادر أمنية ألمانية أمس، أن «صيام قُتل العام الماضي خلال طرد (داعش) من مدينة الموصل العراقية». وصيام كان معروفاً في مدينة الموصل العراقية بـ«ذو القرنين»، وشغل منصب رئيس ديوان التعليم – أي وزير – في المدينة، وغيّر شكل هذا القطاع بشكل متطرف وخطير لصالح «داعش».
وكانت السلطات الألمانية رفضت تأكيد أخبار مماثلة تحدثت عن موت صيام في قصف جوي في ديسمبر (كانون الأول) 2014… كما امتنعت قبل سنة عن تأكيد خبر موته ثانية، وفق تقارير تحدث عن مقتله خلال عمليات تحرير الموصل. وذكرت المصادر الأمنية، أنه «تم التأكد من هوية القتيل بعد فترة من الغموض».
وعُيّن صيام وزيراً للتربية والتعليم في تنظيم داعش، وأصدر تعليمات لجامعة الموصل والمدارس التي يسيطر عليها «داعش» بمنع تعليم مواد الموسيقى والفن والجغرافيا والعلوم الاجتماعية.
و«ذو القرنين» مصري الأصل ألماني الجنسية، ولد عام 1960، وله ستة أولاد أنجبهما من زوجته الثانية، وعاش في ألمانيا أكثر من 15 عاماً، وكان يحصل على 3000 يورو شهرياً من المزايا التي تقدمها الدولة هناك. وقد أثار غضب ألمانيا بعد أن أصر على تسمية مولود له بـ«جهاد»، الاسم الذي اعتبرته ألمانيا من الأسماء الممنوع تداولها، وتسبب في أزمة، خصوصاً أن هذا الرجل كان من «المتطرفين» والداعين للتطرف في ألمانيا، ولم يكن مرحباً به شعبياً هناك – بحسب مراقبين.
واتهم القيادي المصري بـ«داعش» بالضلوع بالتخطيط وتنفيذ تفجيرات إندونيسيا عام 2002 والتي راح ضحيتها 202 قتيلاً، و240 جريحاً، وألحقت أضرارا مادية كبيرة بالممتلكات، وبعد بدء الأزمة السورية توجه إلى سوريا وعمل مراسلاً لقناة «الجزيرة» القطرية في سوريا، وأنجز الكثير من التقارير لصالح القناة.
وقال مراقبون، إنه «تم اعتقال واستجواب صيام في إندونيسيا من قبل وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بعد عملية لتنظيم (القاعدة) فجرت خلالها ملهى يرتاده السائحون في بالي عام 2002، وهي العملية التي خلفت 202 ضحية… وتعتقد المخابرات الأميركية أن صيام أحد مخططي العملية الإرهابية».
وقالت زوجته الأولى التي تركته بعد 15 عاماً من زواجهما، في العام نفسه الذي وقع فيه تفجير بالي، بحسب تقارير دولية، إن «زوجها شخص متعصب»… ومنذ ذلك الحين تتم حمايتها ضمن برنامج «حماية الشهود». وقام المدعي العام في ميونيخ بالتحقيق مع صيام وسبعة آخرين بتهمة الانتماء إلى «منظمة إجرامية»، والتحدث عبر شبكة الإنترنت إلى الشباب الألماني من المتحولين إلى الإسلام من أجل ضمهم إلى الجهاد ضد الغرب.
وبحسب المعلومات المتاحة عن صيام أكدت، أنه ليس غريباً عن الخلية الأصولية الأميركية التي تُمسك بتلابيب قناة «الجزيرة» منذ تدشينها، وكاد أن يتسبب في فضيحة للمحطة عام 2002 عندما أُلقي القبض عليه في إندونيسيا قبيل تفجيرات بالي، وفي حوزته أموال وخطط وصور تشير إلى تحضيرات لعملية إرهابية. حينها قال رضا صيام في التحقيقات، إنه يعمل مصوراً «حراً» لصالح قناة «الجزيرة» الفضائية.
من جهته، قال الدكتور رسمي عجلان، المختص في شؤون الحركات الأصولية بمصر، إنه بحسب المعلومات المتوفرة، فإن «ذو القرنين» كان يمتلك نظرات مخيفة جداً، ولم يكن يثق في أي عراقي من أفراد التنظيم؛ فقد اختار حاشيته من الحمايات والمرافقين، من الذين يحملون جنسيات عربية حصراً وليس عراقيين، ولم يكن يسمح لأي عراقي من «داعش» بمرافقته.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أنه من خلال شهادات المحيطين به، كان صيام أكثر رجل يتردد اسمه بين أبناء الموصل، حتى أكثر من خليفته الإرهابي أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش»؛ كون «ذو القرنين» أحدث تغييرات جذرية في العملية التربوية والتعليمية في الموصل، منها، فصل الذكور عن الإناث، وإلغاء كليات وأقسام علمية في جامعة الموصل ومعاهدها، فضلاً عن إلغاء مناهج تعليمية في الجامعة والمدارس، وفرض لبس الخمار على الوجه للطالبات منذ الابتدائية، ودفع الطلاب الذكور للالتحاق بصفوف «داعش».
ويشار إلى أن آخر أعمال صيام التي لم ينسها أهل الموصل، والتي أدت إلى ترك مئات طالبات الإعدادية مقاعد الدارسة في الأشهر الأخيرة قبل هزيمة التنظيم من قبل قوات التحالف الدولي، هي اقتحام مجاميع من «داعش» مدارس إعدادية للبنات في الموصل، وعرض عليهن الزواج بمقاتلي «داعش».