بكين.. بدء أعمال الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني
بدأت في العاصمة الصينية بكين، اليوم، أعمال الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي- الصيني؛ لبحث سبل تفعيل ودعم العلاقات العربية- الصينية في مختلف المجالات؛ ولا سيما في المجال الاقتصادي.
ورأس وفد المملكة العربية السعودية في أعمال الاجتماع وزيرُ الخارجية عادل بن أحمد الجبير رئيس الدورة الحالية.
القضية الفلسطينية
واستهل الرئيس الصيني شي جين بينغ، المنتدى بكلمة أعلن خلالها عن عزمه عقد مؤتمر دولي عن القضية الفلسطينية، ودعمه لإيجاد حل دائم لها قائم على حل الدولتين ومبادرة السلام العربية التي تُعَد الأساس لمفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل من أجل الخروج من الجمود الحالي.
وقال: إن بكين سوف تقدم مساعدة مالية تُقَدر بقيمة 100 مليون دولار لدعم النمو الاقتصادي، وتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين، وأنها سوف تقدم تبرعات أخرى لوكالة “غوث” وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين/ الأونروا/، مشدداً على ضرورة العمل على إحلال السلام وتحقيق التنمية في منطقة الشرق الأوسط من منظور أمني مشترك، واحترام خصوصية الدول والتمسك بالعدل والمساواة.
تحقيق السلام
وأكد الرئيس الصيني أهمية التنمية من أجل تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط والانفتاح والتعاون من أجل تحقيق الكسب المشترك والازدهار للشعوب العربية والصينية؛ مشيراً إلى أن الأمة العربية التي تمتلك الحكمة وخلقت حضارة باهرة؛ تستطيع مواجهة تحديات العصر الحديث.
قروض للتنمية
وأشار إلى أن بلاده ستقدم قروضاً للتنمية الاقتصادية بقيمة 20 مليار دولار إلى دول عربية؛ وذلك في إطار مساعي بلاده لتعزيز تأثيرها في الشرق الأوسط وإفريقيا؛ مضيفاً أن القروض ستخصص لمشاريع ستوفر فرص عمل جيدة، وسيكون لها تأثير اجتماعي إيجابي في دول عربية لديها حاجات لإعادة الإعمار.
وأضاف: القروض جزء من برنامج صيني خاص “لإعادة الهيكلة الاقتصادية” و”تحفيز الصناعات”؛ مؤكداً أن بلاده مستعدة لتقديم قرض آخر بقيمة نحو 150 مليون دولار أخرى لدول في المنطقة؛ من أجل تعزيز قدراتها على الحفاظ على الاستقرار؛ مستخدماً التعبير المعتاد للإشارة إلى حفظ النظام والمراقبة.
التعاون العربي الصيني
ثم ألقى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، كلمة بصفته ضيف شرف، أكد خلالها أن التعاون العربي الصيني من شأنه تحقيق المشاورات السياسية والتنسيق حول القضايا والأزمات الراهنة؛ بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وقال: إن “هذا التعاون الذي مضى على تأسيسه ما يقارب العقد ونصف العقد؛ لن يتحقق له النمو والاستمرار والوصول به إلى الغايات المنشودة من انطلاقته، ونحن نعيش في ظل أوضاع متوترة وغير مستقرة في وطننا العربي”.
وأضاف “أن القضية الفلسطينية وهي قضيتنا المركزية الأولى، ما زالت بعيدة عن دائرة اهتمام وأولويات العالم؛ برغم ما يمثله ذلك من تهديد للأمن والاستقرار علينا وما زالت الأوضاع المأساوية في اليمن وسوريا وليبيا والصومال تُدمي قلوب أبناء أمتنا العربية؛ لأن مصيرها لا يزال يقع ضمن دائرة المجهول”.
ولفت إلى أن ذلك يدعونا إلى التوجه إلى أصدقائنا في الصين للعمل معنا لنتمكن من تجاوز ما نواجهه من تحديات؛ لما تمثله الصين من ثقل وتأثير دولي والتزام صادق بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة؛ حتى نستطيع معاً الدفع بتعاوننا إلى الآفاق التي تحقق مصالحنا المشتركة وتضمن لنا الاستمرار في هذا التعاون.
التعاون الخليجي الصيني
وأكد في إطار الالتزامات المتبادلة لهذا التعاون، دعمَ الكويت لسياسة الصين، ومبدأ وحدة أراضيها، والتزامها الثابت بمبدأ الصين الواحدة، وأيضاً دعم مساعي الصين لإيجاد حل سلمي للنزاعات على الأراضي والمياه الإقليمية عبر المشاورات والمفاوضات الودية؛ وفق الاتفاقيات الثنائية وعلى أساس اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وشدد أمير دولة الكويت على أن التعاون الخليجي الصيني البنّاء والمستمر يمثل دعماً قوياً للتعاون المشترك في الإطار العربي.
وأوضح أن المفاوضات المتعلقة بإقامة منطقة تجارة حرة بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين؛ أحد أهم الروافد للتعاون المشترك خصوصاً أن حجم التبادل التجاري بين دول (التعاون) والصين بلغ 127 مليار دولار، وهو رقم مرشح للازدياد في ضوء توسيع مجالات التعاون وتعزيزها.
شراكة واعدة
وذكر أنه على مستوى التعاون العربي- الصيني؛ فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والصين 191 مليار دولار لعام 2017، وتتطلع الدول العربية إلى الشراكة الواعدة في مشروع “الحزام والطريق”؛ لما يمثله من أهداف استراتيجية وفرص غير محدودة للتعاون والربط وتسهيل حركة النقل ومضاعفة فرص الاستثمار وتعزيز الاقتصاد العالمي.
وأشار إلى التعاون العربي الصيني في مجال الطاقة، وإيلاء الأهمية القصوى لهذا القطاع بإقامة مشاريع الاستثمار الكبرى في مجال النفط والغاز الطبيعي، والاستفادة من الخبرات الصينية في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية والطاقة المتجددة.
وبيّن أن اجتماع اليوم في إطار منتدى التعاون العربي الصيني؛ يأتي استكمالاً لمسيرة علاقات تاريخية طويلة “ننظر من خلالها لتعاوننا مع أصدقائنا في الصين بأفق واسع وتفاؤل غير محدود.
الارتقاء بالعلاقات
كما ألقى أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، كلمةً أكد خلالها أن افتتاح أعمال الدورة الوزارية الثامنة لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي تأسس عام 2004؛ يعكس حرص الجانبين على تعميق أواصر العلاقات العربية الصينية والارتقاء بمستوى العلاقات بينهما؛ مطالباً الصين بوصفها قوة عظمى باستمرار دعمها للقضايا العربية الراهنة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
منعطفات خطيرة
وأوضح أبو الغيط أن المنطقة العربية تمرّ الآن بمنعطفات خطيرة جراء الظروف والأحداث الإقليمية والدولية المتسارعة، ويتزامن انعقاد الاجتماع مع تزايد التحديات والضغوط على العالم العربي؛ وفي مقدمتها ما تتعرض له القضية الفلسطينية بعد قرار الولايات المتحدة بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وبنقل بعثتها إليها؛ مما يشكل خرقاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والشرعية الدولية.
خيار استراتيجي
وأكد أهمية السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط كخيار عربي استراتيجي تجسّده قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية التي تَبَنّتها جامعة الدول العربية في قمة بيروت عام 2002؛ مثمناً دور الصين ومواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية بما في ذلك تأييد حصول دولة فلسطين على صفة مراقب في الأمم المتحدة، ودعمها الثابت لكل القرارات التي تُطرح أمام الجمعية العامة ومجلس الأمن؛ وآخرها الخاصة بالقدس بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
وأعرب عن تطلعه إلى مزيد من الدعم الصيني للقضية الفلسطينية العادلة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأن تستمر في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني؛ مجدداً ثقته في أن تبقى الصين حريصة على مساندة الأونروا، وتعزيز مستوى مساهماتها المالية في ميزانية وأنشطة الوكالة؛ لتمكينها من أداء عملها في تقديم خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية للاجئين الفلسطينيين.
حل سلمي
وشدد على ضرورة إيجاد حل سلمي لهذه الأزمات؛ بما يكفل صون وحدة وسلامة وسيادة الدول العربية، وضرورة العمل على إيجاد حل سياسي يُنهي الأزمة السورية عبر مسار جنيف، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254 والقرارات ذات الصلة؛ مطالباً الجميع بتقديم المزيد من الدعم والمساعدة للدول العربية التي تستضيف اللاجئين السوريين ودعم إعادة إعمار في سوريا.
وحدة ليبيا
كما دعا إلى دعم المؤسسات الشرعية في لييبا؛ بما يضمن الحفاظ على وحدة ليبيا وسيادتها وسلامة أراضيها؛ استناداً إلى الاتفاق السياسي الليبي الموقّع في الصخيرات؛ مشدداً على التزام الجامعة العربية بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه ودعم الشرعية في اليمن وحل الأزمة اليمينية؛ وفقاً لمبادرة مجلس التعاون لدول الخليج وآليتها التنفيذية ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخاصة قرار 2216.
ظاهرة الإرهاب
وتَطَرّق أمين عام جامعة الدول العربية إلى تفشي ظاهرة الإرهاب في المنطقة؛ مما يشكل تحدياً خطيراً على الأمن والسلم الإقليميين والعالميين؛ وهو ما يضعنا أمام مسؤوليات تجاه توطيد التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب والعمل على إيجاد حلول شاملة تعالج كافة جوانبه وجذوره السياسية والاقتصادية والعالمية.
وجدد موقف الجامعة العربية تجاه دعم الجهود المبذولة في مجال نزع السلاح وعدم الانتشار النووي وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة والتأكيد على أهمية إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
الإعلان التنفيذي
وأشار أبو الغيط إلى أنه سيتم اليوم التوقيع على وثيقة “الإعلان التنفيذي العربي الصيني الخاص ببناء الحزام والطريق”؛ وهو ما يمثل فرصة واعدة للتعاون وتحقيق المنفعة المتبادلة بين الصين والدول العربية بوصفهما شركاء في بناء الحزام والطريق، ويتشاركان الطموح لتحقيق الأهداف التنموية للجانبين، وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية لديهما؛ معرباً عن ترحيبه بتوقيع 8 دول عربية على وثائق تعاون في إطار المبادرة.
المكتبة الرقمية
ورأى أمين عام الجامعة العربية، أن إطلاق المكتبة الرقمية العربية الصينية؛ سيفسح المجال أمام دفع التعاون المشترك في مجال المكتبات، وتشجيع علاقات التوأمة والشراكة بين المكتبات المركزية والمتخصصة في الدول العربية والصينية؛ مقدماً الشكر لمكتبة الملك عبدالعزيز على استضافتها ومساهمتها في هذه المكتبة الرقمية.
ولفت النظر إلى أنه سيتم اليوم اعتماد البيان الختامي والبرنامج التنفيذي للعامين المقبلين والإعلان التنفيذي العربي الصيني الخاص ببناء الحزام والطريق؛ مشيداً بالتقدم الذي تَحقق منذ الدورة السابقة للمنتدى.
تعزيز التعاون
وسينظر الاجتماع الوزاري للمنتدى في الفعاليات والأنشطة التي عُقِدت في دورته السابعة عام 2016، كما سيبحث سبل تطويره وآفاقه المستقبلية، مع تبادل وجهات النظر حول أبرز القضايا السياسية والدولية ذات الاهتمام المشترك؛ لا سيما القضية الفلسطينية والأزمة السورية والإرهاب، إلى جانب تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
وسيصدر عن الاجتماع الوزاري ثلاثُ وثائق مهمة هي: (إعلان بكين) للدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي- الصيني، والبرنامج التنفيذي للمنتدى بين عاميْ 2018 و2020، والإعلان التنفيذي العربي- الصيني الخاص بمبادرة (الحزام والطريق).
يُذكر أن منتدى التعاون العربي- الصيني تَأسس في عام 2004 بمبادرة من الرئيس الصيني السابق هو جينتا خلال زيارته إلى مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة؛ حيث صدر حينئذ الإعلان العربي- الصيني المشترك.