محللون: نظام مكافحة التحرش ينتصر للجميع ويؤسس لمجتمع خال من الجريمة
يرى محللون أن المواد الثماني لمشروع نظام مكافحة جريمة التحرش، الذي صادق عليه مجلس الوزراء أمس برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، صيغت بعناية فائقة، تشير إلى حرص ولاة الأمر على ترسيخ حق جميع المواطنين في التمتع ببيئة خالية تماماً من أي تحرش بجميع أنواعه، سواء الجسدي أو اللفظي، وهو ما من شأنه أن يضفي أجواء من الطمأنينة على الجميع، خاصة بعدما أدخلت المواد الثماني بجرائم التحرش ضمن فئة جرائم الاستغلال الخاطئ للسلطة، لتمنع تعرض الطرف الضعيف للاستغلال من الطرف القوي، وهو ما يعزز العمل على تلاشي تلك الجرائم بصورة واسعة النطاق.
وأضافوا أن شمولية مواد هذا النظام لجميع الحالات التي قد تقع، يؤسس لمجتمع إنساني آمن تماماً، وخال من جميع الانتهاكات بحق الإنسانية، عبر عقوبات واضحة وصارمة، تصل إلى السجن سنتين وغرامة 100 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ضد كل من يرتكب جريمة تحرش. كما تضمنت حالات تغليظ العقوبة، إذا كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد، وكذلك إذا كان المجني عليه نائماً أو فاقداً للوعي أو في حكم ذلك، وأيضاً إذا وقعت الجريمة في حالات الأزمات أو الكوارث أو الحوادث.
وتنص المادة الثانية على الهدف من النظام وهو مكافحة جريمة التحرش، والحيلولة دون وقوعها، وتطبيق العقوبة على مرتكبيها، وحماية المجني عليه، وذلك صيانة لخصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية التي كفلتها أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة، وشددت المادة الثالثة على أنه لا يحول تنازل المجني عليه أو عدم تقديم شكوى دون حق الجهات المختصة نظاماً في اتخاذ ما تراه محققاً للمصلحة العامة، وذلك وفقاً لأحكام نظام الإجراءات الجزائية والأنظمة الأخرى ذات الصلة، ولكل من اطلع على حالة تحرش إبلاغ الجهات المختصة لاتخاذ ما تراه، وتشير هذه المادة إلى أن المجتمع السعودي يرفض التنازل عن حقه في معاقبة المتحرشين، حتى لو تنازل المعتدى عليه عن حقه الشخصي، وهذا الحق مشروع للمجتمع الراغب في تنقية أجوائه من أي أسباب قد تعكر صفوه.
وأوجب النظام على كل من يطلع بحكم عمله على معلومات عن أي من حالات التحرش بالمحافظة على سرية المعلومات، ولا يجوز الإفصاح عن هوية المجني عليه إلا في الحالات التي تستلزمها إجراءات الاستدلال أو التحقيق أو المحاكمة.
وألزم نظام مكافحة التحرش الجهات المعنية في القطاعين الحكومي والأهلي، وضع التدابير اللازمة للوقاية من التحرش ومكافحته في إطار بيئة العمل، على أن يشمل آلية تلقي الشكوى داخل الجهة، والإجراءات اللازمة للتأكد من صحة الشكوى وجديتها، بما يحافظ على سريتها، ونشر التدابير اللازمة وتعريف منسوبي الجهات بها، حيث يجب على كل الجهات المعنية في القطاعين الحكومي والأهلي مساءلة أي من منسوبيها تأديبياً في حالة مخالفته أياً من الأحكام المنصوص عليها في نظام التحرش، ولا تخل المساءلة التأديبية بحق المجني عليه في تقديم شكوى أمام الجهات المختصة.
إلى هذا لفت المحللون إلى أن طريقة صياغة المواد الثماني، تكشف أيضاً عن رغبة أكيدة لدى حكومة خادم الحرمين الشريفين، بمكافحة أسباب التحرش من أساسه، ووضع حد لانتشار عملياته، ولم تستهدف هذه المواد المتحرشين بالنساء فحسب بالعقوبات الصارمة، وإنما شملت أيضاً المتحرشين بالأطفال، فضلاً عن التحرش بذوي الاحتياجات الخاصة من الجنسين، وقد شهد المجتمع السعودي في الفترة الأخيرة بعض حالات تحرش طالت الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، وتفاعل معها أفراد المجتمع بشكل كبير، رافضاً مثل هذه الجرائم الجديدة في المجتمع السعودي المحافظ.
وقد مر المشروع بعدة مراحل، للدراسة والتدقيق والبحث، حيث أحيل من المقام السامي إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتمت مناقشته بمشاركة الجهات ذات العلاقة، ثم أُحيل إلى مجلس الشورى لدراسته، والتصويت عليه، وبعد ذلك رفع قرار المجلس بشأنه إلى مقام خادم الحرمين الشريفين حسب نظام المجلس. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، قد وجه وزارة الداخلية بإعداد هذا النظام؛ نظراً لما يشكله التحرش من خطورة وآثار سلبية على الفرد والأسرة والمجتمع، وتنافيه مع قيم الدين الإسلامي الحنيف، وضرورة سن نظام يجرم ذلك، ويحدد العقوبات اللازمة التي تمنع بشكل قاطع مثل هذه الأفعال.
وتظهر البنود الثمانية حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين على تحقيق العدالة القصوى والأمن والحماية للجميع، وبخاصة الفئات المغلوب على أمرها، والانتصار لأي شخص يتعرض للتحرش بوسيلة أو بأخرى، عبر تغليظ العقوبات بحق المتحرشين أنفسهم، أو الذين سهلوا تنفيذ عملية التحرش أو الذين ساهموا فيها بأي دور كان. وعمليات التحرش ـ وفقاً للنظام ـ ليست موجهة ضد المرأة فحسب، وإنما قد يقع التحرش على الأطفال، وعلى المعاقين جسدياً أو عقلياً، ويمكن أن يقع داخل أفراد الجنس الواحد في المدارس والجامعات. ورفع النظام العقوبة إلى السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وغرامة لا تزيد على 300 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالات محددة، منها في حال كانت الضحية طفلاً أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك في حالة وجود سلطة مباشرة للجاني على المجني عليه، أو إذا كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد.