المحلية

أميران في البيت الأبيض.. الأول “فوق هام السُّحب” والثاني “كأنه لم يمر من هنا”

وكأنه لم يمر من هنا ..هذه خلاصة زيارة أمير قطر تميم بن حمد لأمريكا خلال الساعات الماضية، بدأت وستنتهي وكأنها لم تحدث ليأتي توقيتها ويضعها في مقارنة غير متكافئة مع زيارة سبقتها بأيام لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لعدة مدن أمريكية بدأها بواشنطن، فزيارة سموه سبقها ترقب وانتظار وصاحبها اهتمام واحترام وانتهت بزخم وحراك ستظل نتائجه وتحليلاته حاضرة طيلة الأشهر القادمة، في حين جاءت زيارة تميم ولقاؤه مع ترامب كمحاولة جديدة لحل أزمته وأزمة نظامه، حيث وصل واشنطن ليضيفها إلى عواصم أخرى كان يأمل أن يجد فيها الحل، رغم أن الطريق الواضح المرسوم منذ البداية يشير إلى الرياض، بيت الحل ومكانه.

وليس هذا فحسب، فأمام ترامب أقر تميم بوجود قصور في مكافحة الإرهاب في بلده، حينما قدم التعهدات بأن يفعل المزيد لمحاربة الإرهاب، مؤكدا أنه لا يمكن التسامح مع دعم الإرهاب.

اهتمام كبير
وعلى عكس ما حدث مع تميم فقد اهتمت وسائل الإعلام الأمريكية والدولية بزيارة ولي العهد منذ أسابيع، مؤكدة أهميتها في مسيرة العلاقات التاريخية بين البلدين وخلالها أمضى الأمير محمد بن سلمان زيارته بين لقاءات مع القادة بداية من ترامب مرورا بالوزراء والمسئولين ورؤساء الشركات ورجال الأعمال الكبار في أمريكا، حيث بحث معهم الشراكة التي تقود إلى تحقيق المصلحة للطرفين.

حضور إعلامي
وفي الزيارة كانت هناك لقاءات سياسية، شملت كل المؤثرين في السياسة، بدءًا بالرئيس وأعضاء الكونجرس، مرورًا بالوزراء وأعضاء من الحزبَين الرئيسَين (الجمهوري والديمقراطي)، ولقاءات صحفية مع أغلب الصحف الكبرى المهمة في الولايات المتحدة الأمريكية.

ووفق ما عبر عنه رئيس تحرير صحيفة الجزيرة خالد المالك: “ولي العهد لم يترك تخصصًا أو قطاعًا في الدولة أو خدمات ضرورية بالمملكة إلا وناب عن الوزراء في بحثها مع الأصدقاء الأمريكيين، ولم يغادر أمريكا إلا وقد توصل إلى تفاهمات مع المؤثرين فيها، بما يخدم الجانبَين”.

حضور إنساني
وفي نهاية جولته لم ينس ولي العهد أن يقوم بتجديد التواصل مع الرئيسَين الأمريكيَّين السابقَين بوش الأب وبوش الابن، وكذلك مع وزير الخارجية السابق جيمس بيكر، من خلال الاجتماع بالرئيسَين والوزير في مقر إقامة الرئيس بوش الأب في تكساس. وقد تصدر الخبر واجهات وسائل الإعلام الأمريكي ليلحق به لفتة إنسانية، من سموه تظهر الدور الإغاثي الذي بادر به متطوعون سعوديون، عندما تعرضت بعض المنازل لإعصار (هارفي)، حيث قام سموه بزيارة لأحد المنازل التي تعرضت للإعصار، وأُعيد بناؤها بجهد إغاثي من سعوديين، مؤكدًا سموه أن هذا العمل عكس الصورة المشرفة للسعوديين في تعاطفهم مع جيرانهم، وهو ما كان حديث وسائل الإعلام قبل أيام .

فوق هام السُّحب
وقبلها جاء توقيع ولي العهد على أول قمر صناعي سعودي مستخدمًا عبارة (فوق هام السُّحب) ليتصدر تغطيات الإعلام المحلي والدولي حيث أعاد للواجهة العبارة التي كانت من كلمات الأمير بدر بن عبدالمحسن، ووظفها الأمير في هذا الحدث الأهم؛ ليعبّر في الوقت المناسب عن قيمة بلاده واعتزازه بها، والعمل بما يعزز من مكانتها.

أين الحل؟
وعلى الجانب الآخر، فأمير قطر، تميم بن حمد، كان في محاولة جديدة لحل أزمته وأزمة نظامه، حيث وصل واشنطن أمس الثلاثاء ليضيفها إلى عواصم أخرى كان يأمل أن يجد فيها الحل، رغم أن الطريق الواضح المرسوم منذ البداية يشير إلى الرياض، بيت الحل ومكانه. ليس هذا فحسب فأمام ترامب أقر تميم بوجود قصور في مكافحة الإرهاب في بلده، حينما قدم التعهدات بأن يفعل المزيد لمحاربة الإرهاب، مؤكدا أنه لا يمكن التسامح مع دعم الإرهاب، وهنا يطل التناقض برأسه مظللا النظام القطري في الدوحة.

فالتجربة القطرية في مكافحة الإرهاب لا تكاد تكون أكثر من حبر على ورق، وذلك بكل ما للكلمة من معنى، بل هي أقرب إلى دفن الدوحة رأسها بالرمال، فالعاصمة القطرية تحوي عشرات وربما مئات الإرهابيين أو الداعمين للإرهاب وتنطلق منها – وفق “سكاي نيوز ” – عمليات تمويل وتحريض وتخطيط تهدد استقرار المنطقة بل حتى العالم، فقبل مدة بسيطة، أعلنت قطر قائمة لإرهابيين منهم من يعيشون على أراضيها لكن القائمة القطرية لم تغير في الحقيقة شيئا، فأحد الإرهابيين القطريين تم تتويجه بطلا في سباق رياضي، واحتفت ببطولته الدوحة علنا، بل أن الإرهابي يستطيع أن يغرد على وسائل التواصل الاجتماعي بكل أريحية.

مهمة صعبة
ولكن مهمة تميم كانت صعبة فالدوحة دعمت فصائل متشددة عديدة، تسببت في إراقة الدماء وإعطاء الذرائع للنظام السوري ومعه إيران بشن حرب شاملة على السوريين. ولم تكن هذه المأساة الوحيدة التي خطتها قطر بيدها على الأرض السورية فالدوحة رعت ماليا وسياسيا عمليات تهجير طائفية، وقدمت المال لمليليشيات حزب الله من أجل طرد سكان مدن سورية من بيوتهم وذلك خدمة لأهداف قطرية ضيقة.

طرق الأبواب
إذن، يطرق أمير قطر الباب الأميركي لحل أزمته، ومجددا يجد نفسه مثل كل مرة، أمام أسئلة مكررة، حول دعمه للإرهاب وتعاونه مع طهران وسياساته في المنطقة فتتحول الخطة القطرية من الهجوم إلى الدفاع، وذلك باستخدام ذات الأسطوانة المشروخة، عبر تقديم وعود لم تر النور، منذ اتفاقي عامي 2013 و2014 وعود باتت لا تصلح حتى للاستهلاك المحلي القطري الذي يعترف بالإرهابيين ليلا ويحتفي بهم نهارا جهارا.

اللقاء الصعب
ومن بين التغطيات الإعلامية الشحيحة لزيارة تميم جاءت فوكس نيوز لتقول : استمر إلحاح أمير قطر في طلب الوساطة الأمريكية لإنهاء المقاطعة العربية، في الوقت الذي تجنب ترامب الإشارة لهذا الموضوع بعد أن اقتنع بتأجيل القمة الأمريكية الخليجية إلى وقت لاحق من هذه السنة دون تحديده.

ووفق ما نقلت الاتحاد الإماراتية عن محللين سياسيين أميركيين، فقد أكدوا بدورهم أن التغييرات الأخيرة في إدارة الرئيس دونالد ترامب، والتي شملت الإطاحة بوزير الخارجية السابق المعروف بانحيازه لقطر ريكس تيلرسون من منصبه، قادت إلى أن يجري اللقاء الذي عُقِدَ أمس (الثلاثاء) في البيت الأبيض بين ترامب وتميم بن حمد في «ظروفٍ عصيبةٍ» بالنسبة للدوحة، وذلك في الوقت الذي شدد فيه مسؤولون سابقون في واشنطن على أنه بات على الدويلة المعزولة الاختيار ما بين إصلاح علاقاتها مع الولايات المتحدة، أو مواصلة المضي على درب تعزيز روابطها الوثيقة مع نظام الملالي المُهيمن على الحكم في إيران.

ونقل موقع «واشنطن فري بيكون» الإخباري الأميركي المرموق عن المحلل رون هالبر قوله، إن اختيار مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي آيه) مايك بومبيو وزيراً للخارجية خلفاً لـ «تيلرسون» وانضمام الدبلوماسي المخضرم جون بولتون إلى الإدارة مستشاراً للأمن القومي يعني أن لقاء ترامب – تميم، عُقِد «في ظل وضعٍ صعب بالنسبة لقطر، على أقل التقديرات».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى