“خالد بن سلمان”: المملكة تسعى لمسارٍ تصحيحي حازم دون المساس بالحساسيات الدينية
نادراً في تاريخ البشرية ما تقوم البلدان بالشروع في اتخاذ مسارٍ تصحيحي حازم من أجل تعديل اقتصادٍ وطني وتوسيع دائرة الأعراف الاجتماعية دون خطر المساس بالحساسيات الدينية، ومع ذلك؛ فهذا هو ما تحاول المملكة العربية السعودية فعله بالضبط.
بهذه الكلمات افتتح سفير خادم الحرمين الشريفين بالولايات المتحدة الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز مقاله بـ”واشنطن بوست”، مضيفاً: “لعقود، عاشت المملكة وفقاً لأعراف اجتماعية وثقافية لم يتم إعادة النظر فيها، مما عرقل تقدمنا، لكن قادتنا وضعوا مساراً جديداً يهدف إلى تغيير اقتصادنا ومجتمعنا، والاستفادة من قدراتنا غير المستغلة”.
وتابع الأمير خالد بن سلمان: “قبل عامين، أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع –الذي كان يعمل بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان– رؤية 2030، وهي خطة شاملة للتنويع الاقتصادي والإصلاح الاجتماعي والثقافي”.
وأضاف: “ولي العهد –مهندس التغيير– الشاب والحيوي يفهم المكون السكاني الأكبر لدينا، وأنا هنا أتحدث عن شبابنا، فطريقتنا القديمة لم تكن مستدامة، ولكن التغيير الآن يأخذ مجراه تقريباً في كل جانبٍ من جوانب المجتمع، فنحن نوسَّع حقوق المرأة، ونحسِّن خدماتنا للحجاج والمعتمرين، ونستثمر في مشروعات كبرى في شتى الصناعات، وقمنا بفتح بلادنا للسياح، وببناء صناعة ترفيهية محلية، وشجعنا الموروث الثقافي والتراثي السعودي، ونعمل أيضاً على إعادة هيكلة نظامنا الصحي والتعليمي، وهذه فقط بعض من الإصلاحات التي تم إطلاقها”.
واستطرد سفير خادم الحرمين الشريفين بواشنطن: “يمكن للولايات المتحدة أن تحظى بفرصة التعرف على هذه الإصلاحات بنفسها خلال الزيارة الرسمية الأولى هنا لصاحب السمو الملكي الأمير الشاب محمد بن سلمان كولي للعهد، والتي ستبدأ الثلاثاء، وتهدف هذه الزيارة إلى تدعيم الشراكة السعودية الأمريكية التي هي قوية في أصلها، معتمدةً على ما نتج عن قمة الرياض 2017 والتي رفعت من مستوى العلاقة بين البلدين، ولكن سمو ولي العهد لم يأتِ إلى هنا ليتحدث حول السياسة، بل إنه هنا لمناقشة الشأن الاقتصادي، لا سيما الفرص الاستثمارية الثنائية التي أصبحت ممكنة؛ بسبب استراتيجيته الرامية لتنويع الاقتصاد.
وأضاف: “زيارة سمو ولي العهد هذه سوف تضع حجر الأساس لزيارة خادم الحرمين الشريفين سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الولايات المتحدة لاحقاً هذا العام.. ويأتي سمو الأمير الشاب محمد بن سلمان على قمة هرم السياسيين في السعودية، وسيزور واشنطن لمقابلة مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، بالإضافة إلى أعضاء الكونجرس من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، الأمر الذي سيعزز العلاقات القائمة بين البلدين منذ زمنٍ طويل، وتمتد العلاقة التاريخية بين السعودية والولايات المتحدة إلى عقودٍ من الزمن، حيث قام كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري باحتضان هذه العلاقة وحمايتها”.
وتابع: “نشأت هذه العلاقة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، واستمرت خلال الحرب الباردة، ثم ترسخت أثناء عملية عاصفة الصحراء.. ويتضمّن تعاوننا على الصعيد الأمني جهوداً مشتركة لمكافحة الإرهاب؛ بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية ومشاريع مكافحة الإرهاب المشتركة؛ مثل المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف، أو ما يسمى “باعتدال”.
وأكد الأمير خالد بن سلمان أنه على الصعيد التعليمي، تلقى آلاف الطلبة السعوديين العلم في الولايات المتحدة على مدى عقود، أما على الصعيد الاقتصادي، استثمر رجال الأعمال السعوديون مئات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة؛ وذلك من خلال الاستثمار في مختلف القطاعات بما في ذلك القطاعات التقنية والعقارية والبنية التحتية.
وأضاف: “كما هو الحال مع كل إدارة أمريكية جديدة، نركز دائماً على الحفاظ على علاقتنا المقربة الناجحة، وبناءً عليه حققت إدارة الرئيس ترامب إنجازات عظيمة، وهنالك تأثيرات نتجت عن قرارات الرئيس ترامب –بالأخص في مجال محاربة التطرف ودحر النفوذ الإيراني الخبيث، ويستمر قادة المملكة وإدارة الرئيس ترامب في بناء وتقوية إطار عمل هذه العلاقة الثنائية التي تسهل التعاون بين الوكالات”.
وتابع: “نرى الآن فرصاً جديدة لإعادة إحياء التحالف السعودي الأمريكي القائم من زمن بعيد، وسيسلط سمو ولي العهد الضوء على هذا الأمر أثناء زيارته –بالأخص في مجال التجارة والفرص الاستثمارية– وسيوسع الجهود التي بدأها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان والرئيس الأمريكي ترامب العام الماضي في الرياض، لافتاً إلى أن علاقة البلدين اليوم أقوى وأعمق وذات أبعاد أكثر مما كانت عليه في السابق، وهي تتعدى المكتب البيضاوي، وقاعات الكونجرس، والقواعد العسكرية، وغرف التجارة”.
واختتم: “إن المملكة تقوم بعملية إصلاحية، والآلية التي نتبعّها سترقى بعلاقةِ السعودية والولايات المتحدة إلى مستويات جديدة، فيجب على كلا الجانبين اغتنام الفرصة. يجب علينا انتهاز الفرصة لنلزم أنفسنا مجدداً بتحالف راسخ بإرث نعتز به، بيد أنه تحالفٌ يتطلع إلى المستقبل أيضاً، ويبعث الازدهار بإطلاق الإمكانيات الكاملة لجميع السعوديين، ويساعد على تحقيق الاستقرار في منطقة حرجة وفي العالم”.