كيف سَحق العربُ إقتصاد أوروبا وأبكى أمريكا وقهر الصين؟؟
سوف تشعر أمريكا بالحزن وسوف تبكي قياداتها، وسوف تُقهر الصين وتدخل في مظاهرات داخلية بسبب أزمات إقتصادية حادة، وسوف تتحطم روسيا، وتنهار أوروبا، وتتمزق اليابان.
سوف يتعطل مجلس الأمن، ويتم إلغاء الأمم المتحدة وتصبح أمماً مفككة، كما أن محكمة العدل الدولية ستقفل أبوابها.
وبالطبع سيتم إنهاء خدمات ما يزيد عن نصف الجيش الأمريكي وتنقطع أرزاقهم، وتتوقف مصانع السيارات اليابانية والأمريكة والألمانية، كما ستشهد البورصة العالمية إنهياراً كاسحاً، وسوف تعاني بريطانيا وروسيا من ويلات المجاعات.
كما أنه من المتوقع أن تصبح دولة كوستريكا هي أقوى دولة في العالم!!!
هذا ما سوف يحصل بالتأكيد إذا إنتهى العرب تماماً … وطالما أن العرب يقتلون بعضهم بعضاً، وطالما أن العرب منقسمون الى دولٍ ودويلات أصغرَ فأصغرَ، وأحزابٍ ومللٍ وشيع أكثرَ فأكثرَ، فلن يتبقى مواطن عربي على قيدِ الحياة.
نعم يا سادة…
فلم يتوقع العالم هذا التسارع في قتل بعضنا البعض !!
(فهم يرغبون أن نكون أبطأ من ذلك قليلاً… حتى لا ننقرض).
ولم يتوقع المستفيدون من اقتتال العرب والمسلمين هذا التنفيذ المتزايد !!
(فلم يعتقدوا نجاح خططهم إلى هذا الحد المتسارع).
فلن يجد العالم مواطناً عربيا لبيعه أسلحه وذخيره لقتل أخيه !!
ولن يجدوا مواطنا عربيا يشتري سيارة ولا طائرة ولا تلفاز ولا حتى حليب أطفال!!
ولن يجدوا مُستهلكين عرب لترويج صناعاتهم وتجاراتهم لهم!!
كما أن السياحة لديهم سوف تنهار وتتهاوى الأسهم!!
ولن يبقى مشاكل تقضي بها محكمة العدل الدولية!!
ولن يصبح هناك أي داعٍ لبقاء الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن!!
فقد أباد العرب بعضهم بعضاً، وانتهى هذا الصنف البشري المحبوب لباقي العالم.
عزيزي القارئ،،،
س/ لماذا تخلفت أمتنا وتقدمَ غيرهم؟
س/ لماذا يوجد فجوةٌ بيننا وبين العالمِ المتقدمِ في العلمِ والتقنيةِ والبحثِ العلمي، ومكافحة الفساد وغيرها؟؟
س/ لماذا نعيشُ حالةً من التشرذمِ والفوضى والحروب، ويعيشُ غيرُنا حالةً من الاتحادِ والتقدمِ والازدهار؟
إن التقهقر والتخلف الحضاري يُعد أكبر ظاهرة تهيمن علينا وعلى حياتنا، وابتعادُ أمتنا عن دفع مسيرة البشرية والتطوير، والإثراء في مجالات الحياة الإنسانية المختلفة، جعل غيرنا من الأمم يتطاول علينا وقاموا بتقسيم الدول إلى عالمٍ أول وعالمٍ ثاني وعالمٍ ثالث، وأصبحنا في نظرهم عالماً ثالثاً.
فما الذي غيرنا بعد أن كنا خير أمّة، وسادة الدنيا، فإذا قمنا بتقيلب صفحات القرآن الكريم نجده يتحدث عن هذه الأمة في قوله تعالى:
“كنتم خيرَ أمةٍ أُخرِجَتْ للنّاسِ”،
فإذا نظرنا إلى واقعنا نجد البون الواسع والفرق الشاسع بين ما كنا عليه في الماضي، وما نحنُ عليه الآن.
ويثيرُ كوامنَ الحسرةِ والأسى في قلوبِنا قولُ شاعرِنا:
إنّي تذكرْتُ والذكرى مُؤرّقَةٌ،
مجداً تليداً بأيدينا أضعناهُ.
أنّى اتجهتَ إلى الإسلامِ في بلدٍ،
تجدْهُ كالطيرِ مقْصوصاً جَناحاهُ.
كمْ صرّفتْنا يدٌ كنّا نُصرفها،
وباتَ يمْلِكُنا من قدْ ملكناُه.
استرشـدَ الغـربُ بالماضي فأرشـدَهُ،
ونحنُ كـان لنا مـاضٍ نسيناهُ.
إنَّـا مشينـا وراءَ الغـربِ نقبِسُ مِـن،
ضيائِـهِ فأصابتنـا شظايـاهُ.
فتعالوا نلْتـمِس بعض الأسباب التي أدت إلى إنحدار أمتنا، حتى نضع أيدينا على الداءِ، ومن ثم نجد الدواء بعد ذلك:
أولاً: سُقوط الخلافة الإسلامية وما تبِعها من تشرذم وتفرق وتمزق.
ثانياً: الجهل وتأخر المسلمين في العلوم الإسلامية والمادية.
ثالثاً: الإعجاب بالغرب وإعتباره القدوة لنا في كلِ شيء.
رابعاً: الجهود الهدامة التي بذلها المستشرقون والمستغربون.
خامساً: الاستعمار وما خلّفَه في بلادِ المسلمين من جراحٍ لم تندمل بعد.
وقدْ ترتب على هذه الأسباب: إنحراف فكري وخلل اجتماعي، وخاصة في لبنة المجتمع الأولى، ألا وهي الأسرة.
وأجزم الآن أنّ الكل ينتظر بشغف لسماع الحلولِ والعلاج لهذه المشاكلِ المزمنة، ويتوقع منّي في هذه العُجالة أن أقوم بإخراج العصا السحرية وأقول هاتيكم الحلول. كلا أيها السادة؛؛؛
فالأمرُ ليس بهذه البساطة !!
وهذا لا يعني أنْ نجلس ونبكي على ماضينا ونُكَبِل أيديَنا، ونعيب زماننا والعيبُ فينا، فيجب علينا البحث عن حلول ؟؟
وأكاد أجزم أن أهمَ هذه الحلولِ هو:
أولاً: أن تعود أمة اقرأ للقراءة، بعد أن أصبحت أمة اقرأ لا تقرأ.
ثانياً: الاعتزاز بإسلامِنا والاستقلال الفكري، ومن ثم البدء في وضع الخطط لنهضتنا، فإن نهضتـنا سرُ قوتـنا.
ثالثاً: تعزيز الأخلاق في مجتمعاتنا، والتربية الصالحة لأبنائنا.
وكما قال الشاعر:
إنّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت،
فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
وأودُ أن أذكر لكم قصة نجاح لإحدى الدول التي كانت فقيرة ومقسمة، وكانت هذه الدولة تعمل على الزراعة فقط، وبعد ثلاثين عاماً من الصبر والإصرار والاستثمار في الإنسان؛ أضحت هذه الدولة في مصافِ الدولِ المتقدمة، فهل تعلمون ما هذه الدولة؟؟ إنها دولة ماليزيا…
وختاماً
يجب علينا أن نعرف من أين نبدأ؟؟
فيُحكى أنَ ملكاً كان يحكم دولة كبيرة، وقام يوماً برحلة برية طويلة، وخلال عودته وجد أن أقدامه قدْ تورمتْ من كثرة المشي في الطرقِ الوعرة، فأصدر مرسوماً بتغطية كل شوارع المملكة بالجلد، لكنّ أحد مستشاريه أشار عليه برأي أفضل وهو عمل قطعة جلد صغيرة تحت قدمي الملك فقط، وكانت هذه بداية انتعال الأحذية.
وأسردُ عليكم هذه القصةَ يا سادة كي أقولَ لكم أننا لا نستطيع البدء بتغيير العالم دفعة واحدة، وإنّما نستطيع البدء بتغير أنفسنا أولاً، ومن ثمّ بتغيير البيئة المحيطة بِنا شيئاً فشيئاً.
ولن نفقد الأمل في أن يأتي جيلاً يقرأ؛ ويقرأ؛ ويقرأ؛ ويقود ويلبس مما يصنع؛ ويأكل مما يزرع؛ وبالقليل يقنع؛ وعن القتل والظلم يمنع، وعن المنكر يترفع؛ وللضعيف والمسكين يسمع؛ وشعار العدل يرفع؛ ومن الفساد يجزع؛ ويقوم بتنمية إقتصاد أمتنا ويعمل على وحدة أراضينا… في ذاك الوقت يكون قد سَحق العربُ إقتصاد أوروبا وأبكى أمريكا وقهر الصين.