إمام المسجد النبوي: الإفلاس الحقيقي يكون بالتهاون بحقوق المخلوقين وظلمهم بشتى أنواع الظلم
دَعَا فضيلة إمام وخطيب المسجد النَبَوِيّ الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ إلى اغتنام موسم رمضان في الطاعة وعمل الخيرات، موصياً المسلمين بتقوى الله عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَالَ في خطبة الْجُمُعَة التي ألقاها اليوم: إن أرفع المطالب وأجل المقاصد مسارعة العبد إلى الخيرات، واغتنام المواسم باكتساب الحسنات، مستشهداً بقوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)، مُشِيرَاً إلى أن رمضان فرصة للتزود من الصالحات، والتقرب بسائر الطاعات، ففي الحديث عن النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (من قَامَ رمضان إِيمَاناً واحتساباً، غُفر له ما تقدم من ذنبه).
وبين فضيلته، أن الموفق السديد في هذه الحياة هو من يحفظ جوارحه عن المنهيات، ويصون حسناته عن المكدرات، وأن من الخسارة والبوار أن يسعى المؤمن ويجتهد إلى نيل الحسنات، ثم يسارع لنقض ما أبرم وهدم ما عمر، فذلك الإفلاس، فالإفلاس الحقيقي أن يسدي أحد حسناته لغيره، ويكون ذلك بالتهاون بحقوق المخلوقين وظلمهم بشتى أنواع الظلم، وأذيتهم بسائر أصناف الأَذَى، والاعتداء عليهم بأنواع الاعتداء مما حرمه رب العالمين، وحذر منه أفضل المرسلين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أن النَّبِيِّ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي؟ “قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُقْتَصُّ لِهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَلِهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِذَا فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ”.
وَأَكَّدَ فضيلة إمام وخطيب المسجد النَبَوِيّ أن النجاة في هذه الدنيا في حفظ الجوارح عن ما حرم الله، والسعادة تكون في لزوم الطاعات، وحفظها مما يؤثر على آثارها الحسنة لقوله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَلَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ)، داعياً المسلمين أن يكونوا على وقاية تامة من حقوق الخلق في هذه الدنيا الفانية، فإن الله عَزَّ وَجَلَّ يقتص للمظلوم من الظالم.
وأَشَارَ فضيلته إلى أنه يجب على الصائم أن يتذكر حقيقة الصيام وهي التربية على التقوى سراً وجهراً، ظاهراً وباطناً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وَقَالَ: في التوجيهات النَبَوِيّة الخالدة أعظم زاجر، وأوعظ واعظ عن الوقوع فيما تكون عاقبته على المسلم الوبال والخسار، داعياً المسلمين إلى حفظ حسناتهم، والحرص عليها بعدم ظلم المخلوقين.