المحلية

“المطلق”: تطبيق قاعدة “مراعاة الخلاف في الفتوى” له أثر إيجابي في التقريب بين المذاهب الفقهيَّة

عُقدت، اليوم، الجلسة الختامية من “ندوة الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما”، والمُقامة برحاب المسجد النبوي، بحضور عدد من أصحاب الفضيلة العلماء، وتُنظمها رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، بالتعاون مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وبالشراكة الإعلامية مع وكالة الأنباء ‎السعودية.

وحملت الجلسةُ عنوانَ “مراعاة الخلاف في الفتوى في الحرمين الشريفين وتطبيقاتها”، ورأسها الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند، وتحدّث خلالها المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق، عن “مراعاة الخلاف في الفتوى ضوابط وأحكام”، منوِّهًا إلى حرص ولاة الأمر، حفظهم الله، على عقد هذه النَّدوة المباركة.

وأشار إلى قاعدتين مهمتين من القواعد الفقهية التي تبيّن محاسن هذا الدِّين، وأمارات سعة الشريعة ومراعاتها لجلب مصالح العباد، ودرءِ المفاسد عنهم، ورحمتها وتيسيرها على المكلَّفين؛ القاعدة الأولى “مراعاة الخلاف”، والقاعدة الثانية “الخروج من الخلاف”، مُبينًا معنى القاعدتين وضوابط العمل بهما، وما يندرج تحتهما من مسائل مهمة تتعلّق بأمور الحرمين الشريفين ومناسك الحج والعمرة، كما بيَّن أن في تطبيق قاعدة “مراعاة الخلاف في الفتوى” أثرًا إيجابيًّا، يتمثَّل في التقريب بين المذاهب الفقهيَّة، ومنع التعصُّب المذهبي، والتوسعة على المسلمين.

من جانبه قال فضيلة عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق: “إن مراعاة الخلاف ليست ذريعة إلى تتبُّع الرُّخص المحرَّم وتمييع الدِّين، فما من مسألة إلا وتجد فيها اختلافًا في الغالب، بل إنَّ من المسائل المجمع عليها ما لا يخلو من مخالف أو معارض بقول شاذٍّ لا يعتدُّ به، وعليه فليس مجرد الاختلاف دليلًا كافيًا للقول بمراعاته، وإلا لما استقرَّ مذهب من المذاهب الفقهية، موضحًا أنه لا بدَّ من شروط وضوابط للعمل بمراعاة الخلاف؛ ومن أهمِّ هذه الشروط والضوابط: أن يكون الذي يراعي الخلاف مجتهدًا، وألا توقع مراعاته في خلاف آخر، وألا يخالف سنَّة ثابتة صحيحة، أو حسنة، أو الإجماع، وأن يقوى مدركه، أي دليله الذي استند إليه المجتهد.

من جهته تحدّث عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور جبريل بن محمد البصيلي، عن “مراعاة الخلاف وأثره في النوازل المعاصرة في الحرمين”، وقال: “إن آثار مراعاة الخلاف حسن، ونفعها كبير، لاسيما في حالٍ كحال الحرمين الشريفين؛ إذ يقصدهما على طول العام وتكرر الأعوام مع اختلاف الأحوال ملايين المسلمين، مُشيرًا إلى أن ثمرة قاعدة “مراعاة الخلاف” عظيمة، ومعرفتها وتطبيقها ومراعاتها يراعي مصالح القاصدين للحرمين الشريفين.

وبيَّن أن من أهم المسائل التي تجب العناية بها، ويلزم المتصدّي للإفتاء في الحرمين الشريفين معرفتها: مسائل العبادات، من أبواب الطهارة والصلاة، وكذا الصوم والحج والعمرة والزيارة، وما يعمّ شيوعه ويكثر وقوعه والخلاف فيه مشهور ومنتشر؛ فمراعاته فيها تُيسِّر على المكلفين بتصحيح عباداتهم؛ مما يحقّق مقصود الشارع والمكلف، مُوصيًا بالعناية بقاعدة “مراعاة الخلاف” تأصيلًا وتطبيقًا، وكذا العناية بدراسة المذاهب الفقهية المتبوعة عند المسلمين، والتعمق في فقه الخلاف ومراعاته بضوابطه عند الإفتاء والتدريس والبحث والتأليف.

بدوره تحدّث المدرس بالمسجد النبوي الشيخ الدكتور سلمان بن صالح الدخيل، عن “نماذج تطبيقية لمراعاة الخلاف في الفتوى”. وقال: إن حقيقة مراعاة الخلاف في الفتوى: هي إفتاء المجتهد بقول مغاير لما استقرّ عليه اجتهاده لوجود مقتضٍ معتبر، مبيِّنًا أن للعمل بمراعاة الخلاف ضوابط مهمة، تحفظ المجتهد من الخطأ والزلل، وهذه الضوابط غير منصوص عليها، إلا أنه يمكن استنباطها من كلام أهل العلم والتأمل في طريقتهم بالنظر والاستنباط، وأن للفتوى بمراعاة الخلاف شروطًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى