الشمراني حوكمة وإدارة البيانات تساهمان في تعزيز الأمن السيبراني وحماية الخصوصية في السعودية
أوضح إبراهيم الشمراني، كبير مسؤولي الأمن في شركة “هواوي تك إنفستمنت في السعودية ان من أهم التطورات في عالمنا متصل التزايد غير المسبوق في استخدام التكنولوجيات الخفيفة – بما فيها الأجهزة الشخصية والآلات ذاتية التشغيل والتجهيزات الصناعية وغيرها – مما يؤدي الى توليد كميات هائلة من البيانات يومياً، وفي ظل التنوع والنمو الذي يشهده الاقتصاد الرقمي في السعودية بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030، من المتوقع تزايد توافر البيانات التي يجب أن يتم تحليلها ومعالجتها بالشكل الملائم لوضع الخطط التي تسهم في تعزيز المجتمع السعودي وإطلاق إمكاناته. وأثناء معالجة البيانات، تبرز أهمية حمايتها من خلال الحوكمة للحفاظ على سلامة الأفراد والشركات والبلد بأكمله.
واتخذت المملكة العديد من الإجراءات المهمة من أجل حوكمة البيانات بهدف إنتاج بيانات عالية الجودة ودقيقة وآمنة، حيث تم تأسيس مكتب إدارة البيانات الوطنية الذي تشرف عليه الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي. وأصدر مكتب إدارة البيانات الوطنية مؤخراً لوائح إدارة البيانات بما فيها سياسات حوكمة البيانات الوطنية. وتساهم هذه اللوائح في تمكين ودعم المجتمع بالاعتماد على البيانات وحمايته ضمن إطار خطة عمل واضحة وشفافة، وستنعكس آثار هذه الخطوة المهمة على القطاع التقني وغيره من القطاعات في المملكة.
ولكن ما الذي تعنيه حوكمة البيانات، وما أهمية لوائح مكتب إدارة البيانات الوطنية؟ باختصار، حوكمة البيانات تعني ضمان أمن وسلامة وقيمة البيانات وتوفرها. ومن خلال حوكمة البيانات، ستتمكن المملكة من اتباع نفس النهج الذي يتبعه الاتحاد الأوروبي من خلال النظام الأوروبي العام لحماية البيانات والذي وفر مبادئ المساءلة والحماية لأي جهة تقوم بمعالجة البيانات الشخصية مثل الشركات. كما يتيح النظام للأفراد التحكم ببياناتهم الشخصية. ومن المتعارف عليه في أوروبا وغيرها من المناطق أن البيانات الشخصية مملوكة للأفراد وليس للشركات وأنه يجب على الشركات أن تلتزم بذلك وتحافظ على سريتها وخصوصيتها.
وتنطبق نفس الأنظمة على المواطنين في المملكة إذ نُعتبر جميعاً مصادر للبيانات، فغالباً ما تتم مطالبتنا بقبول ملفات تعريف الارتباط أثناء تصفح مواقع الإنترنت. ولا تعتبر ملفات الارتباط ضارة، بل تقوم بتخزين البيانات التي تمكنك من الوصول إلى ميزات معينة على الموقع الإلكتروني وحفظ تفضيلاتك وتزويد مالكي مواقع الإنترنت بمعلومات عن كيفية تصفح المستخدمين لمواقعهم ولأغراض تسويقية. وعندما تقبل ملفات تعريف الارتباط، فأنت بالتالي تسمح باستخدام بياناتك الشخصية.
وستضمن اللوائح الجديدة لمكتب إدارة البيانات الوطنية حماية هذا النوع من البيانات وغيرها. ولا تشمل اللوائح تصنيف البيانات فحسب، بل تشمل إجراءات الحماية التي يجب توفيرها للبيانات الشخصية وكيف ينبغي مشاركة البيانات وما هي البيانات التي ستكون متاحة للجميع كذلك. وستسهم هذه المعايير التي تشمل جميع أنحاء المملكة في تعزيز الامتثال والشفافية، مما سيؤدي بدوره إلى تعزيز الاعتماد على البيانات لدفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز الابتكار والقدرات التنافسية المحلية.
لذا، يجب أن يشارك الجميع في إدارة البيانات. وينبغي على الشركات في المملكة أن تسعى إلى فهم لوائح مكتب إدارة البيانات الوطنية والالتزام بها نظراً لدورها في بناء مستقبل مزدهر، إذ سيسهم امتثال الشركات للوائح في تعزيز ثقة عملائها. كما ستسهم اللوائح الوطنية لإدارة البيانات في بناء نظام إيكولوجي رقمي متماسك للمساهمة في تحقيق التنوع الاقتصادي ودفع عجلة التنمية الوطنية. وسيؤدي نشر ثقافة الانفتاح والشفافية في القطاع التقني إلى نشر الحلول الذكية التي تعتمد على البيانات في وقت قصير.
وقال الشمراني ان الأمن السيبراني وحماية الخصوصية هما عاملان أساسيان لمستقبلنا المشترك. وبالتالي هناك العديد من التحديات التي يجب على الحكومات وشركات الاتصالات وموردي تجهيزات الشبكات وباقي الأطراف أن يتعاونوا معاً على مواجهتها. وتتطلب حماية خصوصية المستخدمين الاعتماد على التقنيات الحديثة. كما ينبغي على الحكومات والشركات أن تعتمد على تقنيات الأمان المتطورة لحماية البيانات الشخصية والخصوصية أثناء تحسين تجربة المستخدم.
ضمان الأمن السيبراني هو مسؤولية مشتركة وتتطلب معايير موحدة تتيح التحقق من البيانات بشكل مستقل ونهجاً يشمل المجتمع بأكمله. ويجب أن تستند الثقة بالبيانات أو عدم الثقة بها على حقائق واضحة. كما يجب أن تكون الحقائق قابلة للتحقق بما في ذلك إسنادها إلى معايير موحدة. سيضمن هذا النهج تقييم البيانات بشكل عادل وموضوعي ويتيح للمؤسسات اختيار المنتجات التي اجتازت عمليات التحقق الأمنية اللازمة.
وفي ظل العولمة الشاملة، يعتبر الأمان والثقة عاملان أساسيان في بناء عالم ذكي ومتصل بالكامل. وينبغي أن نتعاون معاً – أي القطاع التقني والمجتمع بأكمله – على تطوير نظام للأمن السيبراني يستند إلى الحقائق ويواكب المخاطر المحتملة ويمكن التحقق من كفاءته. ومن خلال بناء جسور التعاون والعمل المشترك بين القطاعين العام والخاص وفق سياسات حوكمة البيانات الوطنية وغيرها من الأنظمة التي سيتم اعتمادها، يمكننا أن نحقق القيمة الفعلية للبيانات ودفع عجلة التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية.