المحلية

في اليوم العالمي للتسامح.. رئيس “اعتدال”: كلمة ولي العهد شاهدة على عظمة السعودية

امتدح رئيس مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال، الدكتور الحسن المناخرة، الجهود العظيمة التي تبذلها المملكة في مجال تعزيز التسامح العالمي، وتقبّل الآخر والعيش بسلام، ومحاربة الفكر المتطرف الذي يقوض الجهود المحلية والعالمية لجعل العالم بيئة أمن وسلام؛ حيث يتوافق اليوم السادس عشر من نوفمبر، مع الاحتفال باليوم العالمي للتسامح الذي أقرته منظمة اليونيسكو عام 1995، بمناسبة مرور (50) عاماً على تأسيسها عقب الحرب العالمية الثانية.

وأضاف “المناخرة”: “ما كلمة صاحب السمو الملكي ولي العهد محمـد بن سلمان عنا ببعيد، عندما قال: “سنعود للإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان”.. لقد لمس الجميعُ الانفتاحَ الكبير والرغبة الجامحة بين المنظمات الإسلامية وغيرها من المنظمات من الديانات الأخرى من أجل تعزيز الحوار لينعم العالم بسلام وأمان، ولعل أقرب شاهد على ذلك الجهودُ العظيمة التي تقوم بها رابطة العالم الإسلامي لإبراز الإسلام الحقيقي وتقديمه للعالم في أجمل حلة”.

وواصل “المناخرة” حديثه قائلاً: “إن المتابع لتوجهات المملكة يلمس مدى رغبتها في تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان والعمل على إيجاد القواسم المشتركة التي تجمع الشعوب ليعيشوا بسلام، وكان آخر تلك المواقف استقبال المملكة لأول بطريرك ماروني في زيارة وُصفت بالتاريخية، و‎تأتي أهمية التسامح في هذا الوقت عربياً في وقت تعيش فيه المنطقة مخاطر “الفوضى” والتجزئة والتعصب المذهبي والعرقي واللغوي، واستبداد بعض الحكام ضد شعوبهم لدرجة ارتكاب جرائم حرب؛ مما يوجب علينا أن نكرس من جديد لمفاهيم التسامح والانطلاق بمسارات متوازية؛ تبدأ بالتربية الأبوية وتمر بالتعليم المجتمعي عبر المدرسة والمراكز المهتمة بالتنشئة، وأيضاً بوضع التزامات إعلامية بمنهج وقيم التسامح والمهنية، إضافة إلى التشريعات الرافضة لجرائم التمييز والعنف والكراهية، والاستراتيجية الوطنية التي تضعها البلدان العربية لاحترام التعددية؛ ولكن الأهم يبقى دور المسجد والمؤسسات الدينية بإزالة ما تَشَوّه بعقول الناس جراء الخطابات المغالية، وزرع روح التسامح الحقيقية”.

وعن احتفالية العالم اليوم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية قال: “تلك الحرب العظمى التي تُعَد الأعظم فداحة ووحشية في القرن العشرين، وربما في التاريخ عموماً، وتذكر بعض التقارير أن ضحاياها قد تجاوزت (60) مليون إنسان؛ بينما بلغ عدد ضحايا الحرب العالمية الأولى 13 مليون فرد؛ فضلاً عن عشرات الحروب بين الدول ومئات الحروب الأهلية وجرائم التطهير العرقي؛ ‎لذا كانت الدعوة للتسامح والاحتفاء به ضرورة ومطلباً عالمياً لتكريس السلام والتمكين له، ودفع التطرف والعنف ولغة الحروب التي لا تنتهي؛ لأن السلام عملية مكتسبة وليست وضعاً طبيعياً، كما يقول الفيلسوف “كانت”؛ ذلك أن التسامح جزء من الكينونة البشرية، وبغير التسامح الذي هو مبدأ الطبيعة الأول وحقوق الإنسان كافة؛ لن نستطيع الحياة.

ويضيف: ‎”لقد دعت اليونيسكو لتثقيف الناس بشأن احترام ثقافات ومعتقدات وتقاليد الآخرين وفهم المخاطر التي يشكلها التعصب”، وقالت إيرينا بوكوفا الأمين العام السابق للمنظمة السابقة في التفرقة بين التسامح والتنازل: “إن التسامح لا يعني الشعور باللامبالاة تجاه الآخرين، ولا يستبطن قبول كل المعتقدات وكل أنماط السلوك دون أي تحفظ؛ وهو لا يعني تدني التزام المرء بمعتقداته أو تهاونه فيها، كما أنه لا يحمل أية دلالة على أن الشخص المتسامح أرفع مرتبة من الآخرين”؛ لكن الأهم أن اليونيسكو أيضاً وضعت أول تعريف قانوني للتسامح، واعتبرته واجباً عاماً؛ ليس مؤسسياً فحسب بل وأخلاقياً؛ حيث جاء في إعلان المنظمة الدولية تعريف للتسامح بأنه: “التسامح يعني الإقرار بأن البشر المختلفين بطبعهم في مظهرهم وأوضاعهم ولغاتهم وسلوكهم وقيمهم، لهم الحق في العيش بسلام، وأن يطابق مظهرهم مخبرهم، وتعني أيضاً أن آراء الفرد لا ينبغي فرضها على الآخر”.

‎وتحدث “المناخرة” عن الإسلام كدين التسامح، وقال: “‎لقد بلغ مجموع الآيات التي ورد فيها معنى الاختلاف في القرآن الكريم، اثنتين وخمسين آية؛ منها ست وثلاثون آية مكية وست عشرة آية مدنية، وكان الفعل “اختلف” الأكثر وروداً من الأفعال في القرآن الكريم؛ فقد ورد في وصف أهل الدنيا وأحوالها كما ورد في وصف نعيم الآخرة وعذابها.. ‎وقد جعل الله الاختلافات الطبيعية في الألوان والبشر واللغات والثقافات آية عظمى من آيات قدرته سبحانه وتعالى لعباده في الأرض، وتؤكد سنة الاختلاف الكونية والثقافية والعنصرية؛ بل تجعل الاختلاف علامة من أعظم العلامات على قدرة الله عز وجل؛ وهو ما تتفق معه الفطرة البشرية السوية؛ ولكننا اليوم نشهد حروباً مستعرة بين الفرقاء في الجنس واللون والدين، يجري خلالها لَيّ عنق النصوص لخدمة قوى الشر وتكريس شريعة الدماء بديلاً لشريعة الله.

واختتم: ‎في كتاب “قانون التسامح” لهوبرتس هوفمان، الصادر في برلين 2015؛ نرى شهادة جديدة تؤكد أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن رجل السيف، كما تدّعي حملات مغرضة، بل رجل الكلمة وداعية التناغم والتعايش السلمي، قبل (1400) سنة، وأراد أن يخلق للقبائل المتنازعة في مدينة مكة وفي الجزيرة العربية بفضل عودتهم إلى الله الأوحد، نظامَ سلام متناغم أفضل، نظام الدين والحلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى