المحكمة العليا توجه ضربة قاصمة لـ “ترامب” ودعوات للانفصال
تلقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضربة جديدة في مسعاه لقلب نتيجة الانتخابات الأمريكية لصالحه، وذلك بعد رفض المحكمة العليا الأمريكية دعوى قضائية من ولاية تكساس سعت لإبطال فوز الرئيس المنتخب جو بايدن في الانتخابات التي جرت في 3 نوفمبر الماضي.
وأسقطت المحكمة العليا الدعوى التي تقدم بها المدعي العام لولاية تكساس، ودعمتها 17 ولاية أخرى، بدعوى انعدام “الصفة القانونية”، وأشار قضاة المحكمة إلى عدم أحقية “تكساس” في التدخل في طريقة إجراء الانتخابات في ولايات أخرى. وجاء تصويت قضاة المحكمة العليا بأغلبية 7 قضاة مقابل اثنين، ومن بين من رفضوا الدعوى ثلاثة قضاة عيّنهم “ترامب” في المحكمة العليا.
واستهدفت الدعوى القضائية إبطال نتيجة الانتخابات في 4 ولايات أمريكية (جورجيا، وميشيغن، وبنسلفانيا، وويسكونسن)، والتي كانت ساحات لمعارك انتخابية بين “بايدن” و”ترامب”.
وكان “ترامب” يعلّق آمالاً كبيرة على الفوز بتلك الدعوى التي وصفها بـ”الكبيرة” عبر أكثر من تغريدة دونها في الأيام القليلة الماضية، ولفت إلى أهميتها في تحويل مسار الانتخابات، التي يزعم أنها سُرقت منه، وأنها جرى تزويرها.
وتضاف الخسارة إلى سلسلة من الهزائم التي منيت بها حملة “ترامب” ومسؤولين جمهوريين آخرين؛ إذ لم يفوزوا بأي من الدعاوى القضائية المرفوعة منذ يوم الانتخابات. دعوات للانفصال وسرعان ما توالت ردود الفعل على إسقاط الدعوى، فقد استنكر الحزب الجمهوري في تكساس قرار المحكمة العليا الأمريكية إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية في بعض الولايات المتنازع عليها. وفي بيان صدر يوم الجمعة قال ألين ويست رئيس الحزب الجمهوري في تكساس، تعليقاً على إسقاط الدعوى القضائية: إن المحكمة “أصدرت مرسوماً يقضي بأن تتخذ أي ولاية إجراءات غير دستورية وتنتهك قانونها الانتخابي”، في إشارة إلى عدم رضاه عن الحكم، واعتباره مخالفًا للدستور.
كما قال إن عدم الالتزام بالقانون في ولاية ما له آثار ضارّة على الولايات الأخرى التي تلتزم بالقانون، فيما ألمح إلى ضرورة أن تفكر بعض الولايات في الانفصال؛ وذلك بقوله: “يتعين على الولايات التي تحترم القانون أن تتحد مع بعضها البعض، وتشكل اتحادًا يلتزم بالدستور”؛ وهو ما يعطي لمحة عن مدى الانقسام الذي تعيشه البلاد، والتبعات الكارثية التي خلفتها الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
فيما رحب متحدث باسم “بايدن” بالقرار، قائلاً إن المحكمة العليا: “رفضت أحدث هجمات دونالد ترامب وحلفائه على العملية الديمقراطية”.
ماذا تحمل الأيام القادمة؟ لا شك أن الولايات المتحدة تعيش حالة من الانقسام والاستقطاب لم تعهدها في عصرها الحديث، تجعل من المستقبل غامضاً، وبرغم خسارة “ترامب” الدعوى القضائية في المحكمة العليا التي راهن عليها كثيراً، وتعهد أكثر من مرة باللجوء إليها في حال خسارته للانتخابات، إلا أنه لا زال الوضع قابلاً للانفجار، خاصة بعد ما ألمح رئيس الحزب الجمهوري في تكساس إلى الانفصال، وتشكيل اتحاد جديد بين الولايات المؤيدة لـ”ترامب”.
وستتجه الأنظار الآن إلى الحلقة الجديدة من هذا المسلسل يوم الاثنين 14 ديسمبر؛ حيث يجتمع كبار الناخبين عن كل ولاية للإدلاء بأصواتهم، وفي حالة عدم الإدلاء بأغلبية الأصوات لمرشح ما، تُجرى انتخابات طارئة، ويحول على إثرها مجلس النواب نفسه إلى جلسة انتخابات رئاسية، ويُخصص صوت واحد لكل ولاية من الولايات الخمسين. وبالمثل، فإن مجلس الشيوخ مسؤول عن انتخاب نائب الرئيس، بحيث يكون لكل عضو صوت واحد. وهو الأمر الذي يبدو أن الرئيس الأمريكي الحالي يراهن عليه بعد خسارة فرصته مع المحكمة العليا، بعد إسقاطها للدعوى المقدمة لإلغاء الانتخابات في الولايات المتأرجحة.
ولا يوجد في الدستور الأمريكي ما يرغم كبار الناخبين على التصويت للمرشح الفائز بالتصويت الشعبي، وإن كانت بعض الولايات ترغمهم على احترام نتائج التصويت الشعبي، وإذا امتنعوا عن ذلك يمكن معاقبة “غير النزيهين” بغرامة. لكن في 2020 قضت المحكمة العليا أنه بإمكان الولايات معاقبة كبار الناخبين الذين يمتنعون عن التصويت، بوضع قوانين ترغمهم على الاقتراع بحسب نتيجة التصويت الشعبي في تلك الولاية.
وما بين بين 1796 و2016، أعطى 180 من كبار الناخبين أصواتهم إلى غير المرشح الرئاسي أو نائبه الفائز بالولاية بحسب التصويت الشعبي، لكنّ الناخبين الرافضين لنتائج التصويت الشعبي لم يؤثروا أبداً على النتيجة النهائية لهوية الرئيس المقبل.
ماذا لو أصرّ “ترامب” على البقاء؟ يتخوف البعض من لجوء “ترامب” إلى التمسك بالسلطة ورفض المغادرة، وعلى الرغم من ذلك فإن الدستور الأمريكي يحسم مثل تلك الأمور بوضوح؛ إذ ينص في تعديله العشرين على “انتهاء فترة ولاية الرئيس ونائب الرئيس ظهراً في اليوم العشرين من يناير”.
فإذا حدث شيء استثنائي غير مسبوق كرفض “ترامب” المغادرة، سيتعين وقتها على عناصر وكالة الخدمة السرية في البيت الأبيض إرغام ترامب على تسليم السلطة عنوة.