مال واعمال

مستثمرو الأسهم يحولون أنظارهم إلى ما بعد فيروس كورونا

يمكن للمستثمرين أخيرا أن يروا الضوء في نهاية النفق. أخبار مطلع الأسبوع الماضي التي تفيد بأن شركتي “فايزر” و”بيونتيك” حققتا تقدما في بحثهما عن لقاح ضد فيروس كوفيد – 19، عززت الأسهم التي عانت خلال الأزمة الصحية والاقتصادية. حطمت بعض الأسواق أرقاما قياسية جديدة.
الآن، حالة النشوة آخذة في التلاشي. لا تزال الشكوك قائمة حول اللقاح المحتمل – بما في ذلك كيف ومتى سيتم توزيعه، وما إذا كان لقاح “فايزر” سيكون الحل العالمي. لذا يلزم بعض الحذر. لكن بالنسبة لمديري الصناديق الذين يتم الدفع لهم للتطلع إلى الأمام، مثل هذه التفاصيل غير مهمة. المهم هو أن النهاية تلوح في الأفق.
قال سلمان بايج، مدير الاستثمار متعدد الأصول في “يونيجيسشين” في جنيف: “من الناحية الصحية، كل هذا مهم جدا. لكن من منظور الأسواق، الأمر ليس كذلك”. انتهت الانتخابات الرئاسية الأمريكية، الأمر الذي لا يترك شكوكا خطيرة بين مديري الصناديق في أن جو بايدن سيتولى منصبه في كانون الثاني (يناير)، كما قال بايج، وأن أخبار اللقاح تجعل من الممكن فعلا ولأول مرة عودة الحياة إلى طبيعتها في أقرب وقت في العام المقبل. “هذان المصدران الرئيسان لعدم اليقين انخفضا بشكل كبير. يجب أن نشهد انتعاشا واسعا من هنا”.
كانت الأسهم العالمية تتداول بالفعل بالقرب من أعلى مستوياتها على الإطلاق قبل انتشار أنباء عن لقاح محتمل، مدعومة بالكمية الضخمة من الحوافز النقدية التي تديرها البنوك المركزية منذ آذار (مارس) لتخفيف التأثير المالي للجائحة. لكن مع ذلك اكتشاف “فايزر” كان كافيا لتسجيل أرقام قياسية جديدة في مؤشر مورجان ستانلي كابيتال إنترناشونال العالمي ومؤشر ستاندر آند بورز 500 المرجعي في الولايات المتحدة.
“على الرغم من تركيز المستثمرين على الآثار السياسية المحتملة لرئاسة بايدن، إلا أن لقاح كوفيد – 19 هو العامل الأكثر أهمية في مسار الاقتصاد وسوق الأسهم في 2021″، حسبما كتب محللون في “جولدمان ساكس” الأربعاء في الوقت الذي رفعوا فيه توقعاتهم لمؤشر ستاندر آند بورز 500 للأشهر المقبلة. يتوقع البنك الآن أن يصل المؤشر – الذي أغلق عند 3585 الجمعة – إلى 3700 بنهاية هذا العام، بدلا من 3600 كانت متوقعه في وقت سابق.
بشكل حاسم، جاء الارتفاع الأسبوع الماضي مع تغير مفاجئ: شهدت الأسهم التي استفادت من التحول إلى العمل واللعب في المنزل، مثل “زووم”، تراجعا حادا، ما جعل مؤشر ناسداك 100 المحمل بأسهم التكنولوجيا، ينخفض أكثر من 1 في المائة الأسبوع الماضي. في الوقت نفسه، ارتفعت أسهم شركات الطيران وسلاسل السينما، من بين شركات أخرى، الأمر الذي يزيد في النهاية من احتمال انتعاش الأسهم الرخيصة وغير المرغوبة، المسماة أسهم “القيمة”، خاصة الصناعات التقليدية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالأداء الاقتصادي.
عانت أسهم القيمة سلسلة من الخسائر استمرت لعقد من الزمان، في حين كانت أسهم النمو، في قطاعات مثل التكنولوجيا، في حالة من النشاط والارتفاع. أثرت أخبار الأسبوع الماضي في تلك الأسهم الرائجة، وأدت بالمقابل إلى ارتفاع قوي في أسهم القيمة التقليدية.
ذكرت “أموندي”، أكبر مجموعة استثمار أوروبية، في توقعاتها لـ2021 أن لقاح “فايزر” “سيصنع الفارق”. لكنها حذرت من أن الطريق أمامنا سيظل وعرا. قال باسكال بلانكيه، كبير مسؤولي الاستثمار: “الأسواق الآن تحدد الأسعار في سيناريو مشرق: توافر اللقاح على نطاق واسع، ووفرة السيولة، وسياسات ستظل مواتية إلى الأبد. لن يكون التسلسل خطيا إلى هذا الحد”.
حتى الآن، تم إثبات ذلك. لم تفقد أسواق الأسهم الرئيسة كل بريقها الناشئ عن تطوير اللقاح. لكن معظمها تراجع قرب نهاية الأسبوع.
يعكس ذلك جزئيا طبيعة ارتفاع السوق في مطلع الأسبوع. ارتفعت الأسهم والقطاعات التي تضررت من الفيروس، لكن الأسواق الأكثر ازدهارا كانت تلك التي جذبت أثقل وزن من الرهانات السلبية أو المراكز المكشوفة. ويرى محللون أن وضعها تعزز عندما قلص المستثمرون مراكزهم المكشوفة.
مؤشر ستاندر آند بورز 500، مثلا، الذي ارتفع 10 في المائة تقريبا هذا العام، حقق مكسبا متواضعا بلغ 1 في المائة، متأثرا بضعف أداء أسهم شركات التكنولوجيا الكبيرة. لكن الأسواق الأوروبية ارتفعت بقوة أكبر، وحقق مؤشر ستوكس 600 ارتفاعا بلغ 4 في المائة تقريبا، وهو أعلى مستوى منذ أيار (مايو). في أوروبا كانت الفجوات كبيرة أيضا. مؤشر كاك 40 الفرنسي، مثلا، الذي لا يزال يحمل ندوب أوائل 2020، قفز 7.6 في المائة – أكبر ارتفاع له منذ اضطرابات آذار (مارس) وأحد أعلى مستوياته على مدار العقدين الماضيين.
النغمة الأكثر هدوءا في الأسواق بحلول نهاية الأسبوع أكدت أيضا كيف يتصارع المستثمرون مع العوامل المتنافسة. أحدها هو الوعد المغري بالعودة إلى الحياة الطبيعية في الأشهر المقبلة. تعمل الأسواق على تحديد الأسعار المستقبلية اليوم، لذا يدخل هذا الاحتمال في أسعار الأصول الآن. لكن في المقابل، يبرز الواقع الكئيب الحالي المتمثل في عمليات الإغلاق المطولة في أوروبا وتسارع معدلات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة.
يرى مديرو الصناديق أن الآفاق الزمنية مهمة. قال بايج: “على المدى القصير هناك احتمال لعمليات إغلاق في الولايات المتحدة ومزيد من الإجراءات في أوروبا (…) من وجهة نظرنا لا نريد أن تكون لدينا آراء قصيرة المدى. هذا يعني أنه يتعين علينا تحمل بعض التقلبات على طول الطريق، لكن بالنسبة لنا هذا أفضل من محاولة توقيت الأخبار المتعلقة بفيروس كورونا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى