أليكس كارب .. مورد غير تقليدي في سوق التكنولوجيا
هناك القليل مما هو تقليدي حول أليكس كارب، الرئيس التنفيذي لشركة بالانتير، شركة البيانات الكبيرة التي أصبحت مكروهة من نشطاء الخصوصية والحريات المدنية لعملها لمؤسسة الأمن القومي.
مستثمر سابق درس الفلسفة تحت إشراف الفيلسوف الألماني الشهير يورجن هابرماس، يدير الآن شركة تكنولوجيا في طليعة تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي. يصف نفسه بأنه تقدمي، لكن شركته تعرضت لانتقادات لتزويد الحكومات بالتكنولوجيا التي يمكن استخدامها لممارسة سيطرة مفرطة على المواطنين.
بصفته رئيسا لواحدة من أكثر شركات التكنولوجيا الأمريكية الخاصة التي تتم مراقبتها عن كثب، غالبا ما كان كارب يزدري فكرة تحويلها إلى شركة عامة ويدعي أنه لا يهتم كثيرا بالثروة الشخصية. لكنه اتخذ القرار أخيرا وكانت حصته أقل بقليل من مليار دولار في نهاية الشهر الماضي.
ظهرت بالانتير لأول مرة في وول ستريت، بعد 17 عاما من تأسيسها، لمنح الموظفين على المدى الطويل والمستثمرين الآخرين فرصة للاستفادة منها. حتى مع إثارة تكنولوجيا الشركة لقضايا شائكة حول الخصوصية، يعرب كارب عن بعض التحفظ حول بروزه أكثر من قبل ضمن اهتمام الجمهور.
يقول: “لا أستمتع بشكل خاص بكوني معروفا جيدا. لذلك بخصوص هذا المحور، فقدت الكثير من الحرية التي كنت أستمتع بها”.
المحادثة مع كارب ليست مثل المناقشة مع معظم الرؤساء التنفيذيين. فهو من المحتمل أن يقضي طوال الوقت في اتخاذ أوضاع من نمط تشين تاي تشي، في حين يرتدي ملابس من معدات التزلج الريفي على الثلج. خصلة من الشعر تمنحه جو الموسيقار المجنون الذي يختار الأفكار الكبيرة من الأثير، حيث يتأرجح الحديث من مستقبل الذكاء الاصطناعي إلى الأوضاع الجيوسياسية وحالة الرأسمالية.
وجهة نظره بشأن ما ينتظرنا في المستقبل بسيطة: “الدولة التي تفوز في معارك الذكاء الاصطناعي في المستقبل ستحدد النظام الدولي” لأن التكنولوجيا لا تقل أهمية عن القنبلة النووية.
يشير ماتياس دوبفنر، الرئيس التنفيذي لشركة أكسل سبرينجر الإعلامية الألمانية، إلى “هذا المزيج من النهج الفكري المهووس بالتكنولوجيا والصورة الواسعة الكبيرة جدا، والرؤية السياسية طويلة المدى للعالم” لتفسير سبب إضافة كارب إلى مجلس إدارة الشركة. يقول عليك ألا تنجذب إلى الانطباع بأنك أمام “رجل فوضوي وفني”، هناك عقل شديد الانضباط يمارس عمله.
ستيفان أوشمان، رئيس مجلس إدارة شركة ميرك، من بين التنفيذيين الذين أعجبتهم قدرة الرئيس التنفيذي لشركة بالانتير على مزج التكنولوجيا مع المعرفة بالأعمال التجارية والعالم. التقى كارب لأول مرة بعد أن أعربت شركة الأدوية الألمانية عن رغبتها في التعاقد مع شركة بالانتير وأصر كارب على فحص العميل المحتمل.
يقول أوشمان: “في البداية، اعتبرت أن هذا دلالة على العجرفة”. لكنه يضيف: “إنه ليس متعجرفا على الإطلاق، إنه في الواقع يميل إلى الخجل”. بعد زوال التوتر “أخذنا نتحدث عن التكنولوجيا، ورحنا نتحدث عن السياسة والأدب والموسيقى”.
يأتي الرئيس التنفيذي لشركة بالانتير من خارج التيار الثقافي السائد، كما يقول سام راسكوف، أستاذ القانون في جامعة نيويورك وهو صديق قديم ومستشار لشركة بالانتير. يقول كارب، الذي هو ابن لأب يهودي وأم فنانة سوداء، إنه قضى طفولته في منزل في فيلادلفيا مليء بالفنانين.
وردا على سؤال عما إذا كان يرى أنه أسود بسبب والدته، يقول: “أشعر بانجذاب شديد لمكافحة التمييز وأنا متأكد من أنه يأتي منها (والدته)”.
بعد حصوله على شهادة في القانون من جامعة ستانفورد، قاده اهتمام بالفلاسفة الألمان إلى فرانكفورت، حيث حصل على منصب باحث مشارك وحصل على درجة الدكتوراه في النظرية الاجتماعية. يقول كارب إنه قضى أيضا وقتا “يتجول”. يقول دوبفنر، الذي التقى كارب في حفل أقيم في فرنسا: “تم تقديمه على أنه شخص من النوع الذي ترك الدراسة – رجل ذكي، ليست له آفاق”.
تغير كل شيء في 2004، عندما كان بيتر ثيل – صديق من أيام ستانفورد، ذهب ليساعد على تأسيس باي بال PayPal – يحاول إطلاق شركة لبيع التكنولوجيا لتعقب الإرهابيين في أعقاب هجمات 9/11. منذ ذلك الحين، كان ثيل وكارب التحرريان يشكلان هدفا غير متوقع للنقاد الذين يدعون أن شركة بالانتير تحتقر الحريات المدنية من أجل إجراء عملية بيع.
يقول جو لونسديل، مؤسس شركة بالانتير الذي يدعي أنه أقنع كارب لتولي الوظيفة، إن ما تحتاج إليه الشركة حقا هو قائد يعرف “كيفية التفاعل مع بقية العالم”. يضيف أن كارب لديه قدرة شبه خارقة على فهم المؤسسات الكبيرة ودوافع الذين يعملون فيها.
لا يشعر كارب بالخجل من عمل شركته لصالح وكالات الاستخبارات والأمن الوطنية، بما في ذلك إنفاذ قوانين الهجرة في الولايات المتحدة. تقول شركة بالانتير إنها تدعم الغرب الديمقراطي.
لكن ماذا عن التهديد الذي تتعرض له الحريات المدنية من إمداد الحكومة بأدوات المراقبة القوية هذه؟ يقول كارب إن مسارات التدقيق المضمنة في برنامج بالانتير تجعل من “الصعب على الحكومة إساءة استخدام سلطاتها”.
لكن هناك حدودا. يقول: “يمكنك إنشاء نظام يتتبع ما يفعله الناس بالبيانات، لكن إذا كان الأشخاص المسؤولون ينتهكون حقوق الإنسان ولا يهتم أحد في المنظمة، فلا يمكننا منع ذلك”. تدعي شركة بالانتير أنها ابتعدت عن العملاء الذين لم تثق بهم لاستخدام التكنولوجيا بشكل أخلاقي – على الرغم من أنها لم تحدد من هم.