المحلية

في زمن “سلمان الحزم” و”محمد العزم”.. لا مكان للفاسدين والمتهاونين ومستغلي السلطة.. القرارات تاريخية والوطن أمانة

في زمن “سلمان الحزم”، و”محمد العزم” لا مكان للمتهاونين، والفاسدين، وخائني الأمانة مهما كانت مكانتهم الاجتماعية، ونفوذهم، ومناصبهم، وانتماؤهم، ولا مجال للشك في أن مملكة الحزم والعزم ماضية بإذن الله في طريق النهضة الشاملة، وبناء المستقبل المزدهر على أسس العدل، والشفافية، والنزاهة، والقضاء على الفساد والمفسدين.

إن الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين، مساء أمس السبت، وتضمّنت تشكيل لجنة عليا برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، لحصر قضايا الفساد العام، وصدور توجيهاته -أيّده الله- بإيقاف عدد من الشخصيات الكبيرة، والوزراء، والمسؤولين السابقين، ورجال أعمال معروفين بتهم الفساد والتلاعب، وتقديم الرشاوى، وسوء استغلال السلطة، والاحتيال؛ تعدّ من القرارات التاريخية التي لاقت التأييد، والرضا، والطمأنينة، والثقة في نفوس كل المواطنين.

إن تشكيل لجنة عليا برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد، وعضوية كل من: رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة، تتولى حصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام، تعد تكريساً لمبدأ العدل والشفافية، ومنع استغلال السلطة، والحدّ من التجاوزات في الجهاز الحكومي، وهي ضمن خطوات يراها خبراء الإدارة والاقتصاد مهمة، وحازمة لمعالجة مظاهر الخلل في بعض مرافق الدولة؛ من أجل تقديم الإنجاز والعطاء، والخدمات المناسبة للمواطنين.

وإن كان بعض الفاسدين يحظون بمكانة في المجتمع لا يمكن أن يحاسبهم مسؤولو “نزاهة” والداعون إلى الشفافية، ومحاربة الفساد، فإن قرارات خادم الحرمين الشريفين حسمت هذه الأمور، ووضعتها في مساراتها القانونية الصحيحة، وجعلت الجميع سواسية أمام القانون والنظام، ولأن الفساد المالي والإداري في القطاع الحكومي هو تدمير لمقدرات الوطن ونهب خيراته، وآثاره سلبية على الوطن والمواطن، وعلى التنمية بشكل عام، وعلى القيم الأخلاقية في المجتمع، وفي حال انتشاره وتغلغله في مختلف القطاعات الحكومية فإنه ينتهك الضوابط التي يفرضها النظام العام، مما يهدد المصلحة العامة، فعلى سبيل المثال تؤدي جريمة إساءة استخدام الوظيفة العامة؛ من أجل تحقيق مكاسب خاصة، ودفع الرشوة والمتاجرة بالنفوذ، وإساءة استعمال السلطة، والإثراء غير المشروع، والتلاعب بالمال العام واختلاسه أو تبديده أو إساءة استعماله، وغسل الأموال، والجرائم المحاسبية، والتزوير، وتزييف العملة، والغش التجاري… إلخ، تؤدي إلى انحراف خطط، وبرامج التنمية عن أهدافها المرسومة لها، وتبدد موارد الوطن، ويخسر إمكاناته، ويساء توجيهها، مما يضعف فاعلية وكفاءة الأجهزة الحكومية، ويجعلها عاجزة عن تقديم خدماتها، ويتسبب في خلق حالة من التذمر والانزعاج في المجتمع.

ولا يقتصر وجود الفساد على دولة أو مجتمع دون آخر، فهو يظهر في الدول المتخلفة كما يظهر في الدول المتقدمة، والغنية، والفقيرة، وأكثر محطات وجوده التي تمثل مرتعاً للفساد والفاسدين هي الوزارات، والهيئات، والأجهزة الحكومية؛ بسبب انفرادها، واحتكارها تقديم أنشطة وخدمات لا تُقدَّم في سواه من القطاعات الأخرى، وكذلك لتنامي خبرة بعض المسؤولين والموظفين الفاسدين في تلك الوزارات بحكم المعلومات التي يمتلكونها، ويستطيعون من خلالها تحقيق مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة، وضمان الموظفين الفاسدين الاستمرار في الوظيفة الحكومية؛ لأنَّهم يعلمون أنَّه من الصعب فصلهم أو حتى المساس برواتبهم، إضافة إلى افتقار التنسيق بين الأجهزة الحكومية الخاصة بالرقابة والتوجيه والإدارة والمحاسبة.

ولهذا فالفساد أحد أشكال سرقة أموال الدولة والمجتمع، وتسرّب الأموال العامة بطرق غير مشروعة إلى الخارج بدلاً من توظيفها داخل البلاد، مما يؤدي إلى نشوء فئات طفيلية في المجتمع تعيش على الرشوة، والاحتيال، ونهب المال العام من خلال مركزها ووظيفتها، وبالتالي يؤدي لغياب تكافؤ الفرص، وإضعاف الشعور بالمواطنة، وسيطرة اللامبالاة والإحباط على تصرفات المواطنين، واهتزاز ثقة الناس بالدولة ومؤسساتها، وعدم احترام القوانين واستسهال خرقها.

إن قرارات خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- التي صدرت البارحة لمكافحة الفساد والمفسدين أثلجت صدور المواطنين، وعززت هيبة الدولة، وتعدّ من أبرز الخطوات الإصلاحية الساعية للحدّ من تدهور بعض الخدمات الحكومية العامة، ومن تبديد الأموال المخصصة لتنفيذ المشاريع الحيوية التي تساعد في تطور المجتمع، كما أن هذه القرارات الحازمة والحاسمة تصدّت لبعض الممارسات التي تصدر من بعض كبار الموظفين الذين يمثلون القدوة السيئة لكثير من الموظفين في الأجهزة الحكومية، الأمر الذي حوّل بعض الوظائف العامة إلى مواقع للفساد، يفرض فيها تقديم رشاوى للمسؤولين، والموظفين مقابل السماح بتمرير معاملات هذا التاجر أو ذاك، مستغلين قِدَم بعض الأنظمة، وتعقيد اللوائح، وجهل المواطنين بحقوقهم.

إلا أننا الآن متأكدون، بل جازمون من قيام اللجنة العليا لمكافحة قضايا الفساد وحماية المال العام، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بالدور المطلوب منها، ونجاحها في الكشف عن المزيد من الفاسدين، وتطبيق الأنظمة واللوائح بحقهم بدقة وعدالة، وعدم التساهل معهم وتقديمهم للجهات المعنية بالتحقيق في هذه القضايا؛ تمهيداً لمحاكمتهم، ومن ثم معاقبتهم، ومساءلة أي مسؤول مهما كانت مكانته، وموقعه ومحاسبته؛ فالوطن أمانة ومن فرّط فيه “كائن من كان” لا تسامح معه، ولن تأخذنا في الله لومة لائم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى