عام

مشاهير الأذى

تمعنت جيداً في قول أحد مشاهير التواصل من دولة عربية -وغيره كثير- إن الجمهور السعودي هو مَن أشهره، وهو رصيده وأنه يحبهم.. كان ذلك في ملتقى تمت دعوته إليه للحديث عن تجربته.

المشكلة أن هذا المدعو المتلون كان محملاً بكثير من الأذى لبلادنا ومجتمعنا، وجعل حساباته ومحتواه الذي يقدمه (قبل وبعد) للتطاول، والترصد، وقذف النفايات القولية.. هنا حين تتمعن أن الجمهور السعودي هو وقوده للشهرة والانتشار ولن يجد في بلاده من متابعة كما يجده هنا.. مع ذلك تراه يبادر كل فترة فيستثير نقع التشكيك، والإسقاط، والانتقاء، والاجتزاء، وينشر المزاعم، وبث الأكاذيب، وتأطير الأخبار.. كما يستغل ويتربص أي حدث حولنا ليعود نصيراً، تابعاً لمن دفعه بالأذية، واتباع أجندات السوء على بلادنا.

ويتأكد للجميع أن الجمهور السعودي بكثافته وأعداده وفاعليته في الوسائل التواصلية على مستوى الشرق الأوسط هو الطاقة الهائلة للإشهار، والتسويق بسبب كيمياء التفاعل الذاتي لدى جل المستخدمين لهذه الشبكات، وحماسهم المتواصل بالمتابعة للحدث والمحتوى، والمشهور، والبقاء في حالة التواصل.

وندرك تماماً أن ما يقوله ويلفظه لا قيمة له، ولا يؤثر واقعاً لكن أن نكون نحن وسيلة انتشاره، وإشهاره بمتابعتنا لحساباته، ومتابعة محتواه هنا وهناك يعتبر أمراً مزعجاً فعزمه للأسف يرتكي على كثافة متابعيه بيننا، ويراهن في شهرته على شغف ردودهم عليه.

المستخدمون السعوديون لوسائل التواصل هم خط دفاع منيع، وشديد، وفاعل ولا يسمح بمرور أي محتوى أو رسالة سوء لبلادنا دون أن يرد ويردع المرسل لذلك فحجم التأثير بليغ، ومبلغ التغيير عال.

ولا شك أن ثقافة الذود الوطني المتقدة لدى المتلقي المواطن تجعله مسؤولاً فينتبه ويكثّف حالة التبصر في كيفية وحالة الرد.. فيتساءل بيقين هل هناك استحقاق وحاجة للرد أم يقدم التجاهل.. هل لدي القدرة بالبرهان، والشواهد، والحجج إن عزِم برد أم مجرد عاطفة وانفعال.. هل الرد سيضيف إيجاباً أم سلباً.. هل سأعيد توسيع نشر ما قاله باسم ومبرر الرد عليه فيكون إشهاراً جديداً مجانياً له من حيث لا أدري أم أتوقف لكي لا أعينه؟ هل أتفاعل أم أميت الباطل بتركه؟ هل الوقت ملائم، والأسلوب مناسب؟ ويبقى السؤال الأهم: هل ستضيف لهذا الحاقد أم تضيف للوطن؟

ويبقى القول: علينا أن نستمر بالذود عن بلادنا كلٌ بما يملك من وسيلة وأداة ورؤية، لكن الحذر، والتقدير، والوعي بعيداً عن العاطفة مطلب مهم، وضرورة ملحة.. فأحياناً وبلا قصد نحن نصنع مشاهير الأذى، ونبرز أعداءنا الباطنين، ونجعل لهم ولمحتواهم شأناً وصيتاً (كالرد العشوائي خصوصاً عند إعادة نشر محتوى مسيء “فيديو أو صورة أو نص” بقصد الرد فقد يسهم في توسيع نشره وإشهاره زيادة فيستفيد المتربصون من المحتوى ويجتزئون ما يرغبون ويهملون ردودنا). كما أتمنى على منظمي الفعاليات والندوات التحري الدقيق لأجل انتقاء الصالح النافع من مشاهير التواصل بالخارج، وإقصاء الطالح والمؤذي بعيداً عن مناسباتنا وندواتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى