“دوران عجلة الإنتاج”.. توجه تعززه احترازات المملكة وتدفعه التضحيات والتحديات
في ظل توقعات استمرار أزمة كورونا لأجل غير مسمى، كان لابد لجميع الدول، ومن بينها المملكة، أن توجه بوصلتها صوب الاقتصاد، وتعمل على إدارة عجلة الإنتاج ولو جزئياً، مع اتخاذ تدابير احترازية في بيئات العمل، لضمان سلامة العمال وسلامة الإنتاج معاً.
مع بداية الأزمة، كان العالم يترقب أن تزول الجائحة خلال أيام أو أسابيع قليلة، ومن هنا كانت قرارات أكثرية الدول، تعطيل عجلة الإنتاج بنسبة كبيرة، حتى تنتهي الأزمة بسلام، وهذا ما فعلته المملكة، واضعة نصب عينيها صحة المواطن والمقيم، ولكن مع استمرار الجائحة، رأت دول العالم أن تبحث عن آليات جديدة تستأنف بها النشاط الاقتصادي، والمملكة جزء من هذا العالم، وكان لزاماً عليها ألا تتخلف عن هذا التوجه.
المنشآت التجارية
في الأيام الأخيرة، أبدت المملكة حرصاً على إيجاد توازن بين مكافحة الفيروس، والحد من انتشاره بشتى الطرق والوسائل، وبين أن تعيد فتح المصانع والمنشآت التجارية، حتى تكون قادرة أكثر على مواجهة الفيروس إذا طالت فترة بقائه، فقد أدركت المملكة إن إنعاش الاقتصاد من جديد، هو أمر لابد منه، حتى تتمكن من الاستمرار في مقاومة الفيروس بنفس الآلية التي كانت ومازالت تتبعها في ذلك الأمر.
وقبل السماح بإعادة العمل في المنشآت التجارية، أصدرت الجهات المعنية، معايير فنية تنظم العمل داخل هذه المنشآت، وألزمتها بحزمة من الإجراءات الاحترازية التي تضمن سلامة العمال.
جهود المكافحة
إقبال المملكة على فتح القطاع الاقتصادي، لم يكن عشوائياً، وإنما وفق رؤية وخطة ترى أنه لا مفر من هذا الإقبال، أسوة بدول العالم، التي أكدت أن مواجهة الأزمة تتطلب ميزانيات ضخمة واقتصادات قوية، تتحمّل تبعات هذه المواجهة المفتوحة، خاصة أن منظمة الصحة العالمية توقعت استمرار جهود المكافحة عالمياً لمدة قد تصل إلى عامين، ومن هنا فمن غير المستبعد أن تلجأ حكومات العالم، ومنها المملكة؛ إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية تُمكنها من مواجهة تبعات هذه الجائحة على اقتصاداتها.
التضحية الكبرى
تعامل المملكة مع جائحة كورونا منذ ظهور الفيروس على أرضها، كان مثالياً للغاية، إذ سعت الحكومة، وبتعليمات من خادم الحرمين، وولي العهد، إلى التخفيف من تداعيات الجائحة على المنشآت الاقتصادية، خاصة في القطاع الخاص، حرصاً منها على استمرار هذه المنشآت في نشاطها، فركزت الدعم للمنشآت الخاصة، والموظفين السعوديين، وفترة بعد أخرى، تفاجئ المملكة الجميع بإجراءات دعم إضافية، تخفف من تداعيات الأزمة مالياً، ضاربة مواقف إنسانية نبيلة، تؤكّد أن المملكة قررت أن تتحمل الجزء الأكبر من فاتورة الخسائر، على أن تتحملها منشآت القطاع الخاص أو المواطن، وبالتأكيد لهذه التضحية، أثرها المباشر في الاقتصاد الوطني، ومن هنا رأت المملكة أن عجلة الاقتصاد يجب أن تعاود الدوران من جديد، بآليات متدرجة، تضمن متانة الاقتصاد من جانب، وقدرته على مواجهة الأزمة حتى نهايتها من جانب آخر.
التحديات مجتمعة
وفي هذا الظرف الدقيق، يجب الوضع في الحسبان أن المملكة لا تواجه فقط أزمة كورونا، وهي أزمة صحية في المقام الأول، ولكن تواجه تداعيات وتحديات جيوسياسية واقتصادية واجتماعية ظاهرة للجميع؛ وتحرص المملكة على مواجهة هذه التحديات مجتمعة، وأبرزها انخفاض أسعار النفط، الذي أثر في الموارد الاقتصادية للبلاد، وبالتالي، فمن الطبيعي أن يكون لكل اقتصاد إجراءاته التي تستدعي عودته إلى نقطة التوازن على أقل تقدير.