“سونو وإيفا”…زوجان يكافحان منذ ربع قرن في تعزيز “سياحة الاستدامة” البيئة
عندما زاراها للمرة الأولى كسائحين عاديين في ثمانينات القرن الماضي (1980) وسحرا بجمال شواطئها وبيئتها السياحية، لم يدُر بخلدي رجل الأعمال البريطاني من أصول الهندية “سونو شيفداساني” وزجته عارضة الأزياء السويدية “إيفا”، أنهما سيؤسسان في جزر المالديف المحمية البريطانية السابقة لـــ 78 عامًا (استقلت (1965، مفهومًا جديدًا لم تعهده السياحة العالمية يدمج ما بين “قطاع الضيافة الفاخر” و”سياحة الاستدامة” على مدار ربع قرن من الزمان (25 عامًا).
نجحا الثنائي الزوجي “سونو وإيفا” من التفكير بشكل مختلف للاستثمار في جزر المالديف الخلَّابة التي وقعا بحبها من النظرة الأولى عند زيارتهما السياحية، فاستطاع سونو قبل 25 عامًا ((1995من تأسيس أول منتجعات “سونيفا الفاخرة” بجزيرة (با أتول) المالديفية، التي تعد اليوم من أهم المنتجعات السياحية العالمية، من خلال الاستناد على فلسفة سياحية جديدة تقوم على مبدأ “التعايش والوئام بين البيئة وقضاء العطلات الفاخرة”.
شعر كل من سونو شيفداساني (المؤسس والرئيس التنفيذي لمنتجعات سونيفا الفاخرة)، وزوجته إيفا عند تأسيسهما أول منتجعاتهم السياحية بأن السياحة في هذا البلد كانت تدار سابقًا بمنطق التسويق الشامل أو الموحد، حيث كل شركات السياحة والفنادق تقدم نفس الخدمات والمميزات، كما لو أنها تدار من شركة واحدة، ناهيك عن الأضرار البيئية السياحية التي كانت منتشرة بسبب استخدام المواد غير المناسبة.
وأضاف سونو أن “المطّورون السياحيون كانوا يزيلون الغطاء النباتي لبناء المنتجعات والفنادق الجديدة، مع الإضرار بالبيئة بشكل كبير، عبر صب الفضلات ومياه الاستحمام والمراحيض في مياه البحر، مما أثر على منسوب المياه، بل إن بعض المباني الجديدة كانت تنشئ بإستخدام الشعاب المرجانية بعد تكسيرها، “هنا قرر الزوجان اتخاذ خطوة عملية لوقف هذا التدهور البيئي”.
البداية من “با أتول”
بدأ “سونووإيفا” من جزيرة (با أتول) وكانوا محظوظين للغاية لأن أحداً لم يسبقهم إلى هناك، حيث أسسا على منتجع سونيڤا فوشي على جزيرة كونفونودو المهجورة خلال العام 1995، ليكون أولاً وقبل كل شيء منزلهما، وثانياً منتجع قائم على تصوراتهما الشخصية لمرافق الضيافة الحصرية والمترفة وفق فلسفة “الاستدامة البيئية”، وأضحت هذه الجزيرة بفضل منتجعات “سونيفا الفاخرة” من أجمل الجزر المثالية لعطلات شهر العسل والعطلات الرومانسية، للاستمتاع بالشواطئ الهادئة ذات الرمال الناعمة لممارسة السباحة والغوص والإبحار في رحلات رومانسية بالقوارب.
ويمضي “سونو شيفداساني” في الحديث عن التأسيس الأولي في جزيرة (با أتول)، ويذكرا أنه لم تكن هناك منتجعات في الجزر المرجانية الخارجية، ولا أي من المظاهر السياحية فيها، حيث كان السياح القادمين يكافحون للوصول إليها لعدم وجود خدمات نقل جوي إليها، أما اليوم فأصبحت الخيارات متاحة لهم لوجود خدمات مباشرة من “الخطوط المالديفية، وخطوط ترانس مالديف الجوية”.
السخرية من منتجعاتهم
اعتاد الناس أن يسخروا من “سونو وزوجته”، حينما كانا يتحدثان عن خططهم لبناء المنتجعات الفاخرة في المالديف، وقالا :” إن السياحة في هذا البلد لم تكن وجهة سياحية فاخرة أبدا، وهو ما كان يمثل أكبر التحديات لنا، ونفخر اليوم بأننا أول من قدّم نموذج وجهة راقية وفخمة في المالديف”.
عندما بدأ الثناني لم تكن كل التغييرات لصالح البيئة، فنسب التلوث ازدادت أكثر من ذي قبل، وعانيا كثيرًا من ظاهرة “إل نينيو” حيث تؤثر ذبذباتها في الدّورة المناخية للاحترار والتّبريد بشكل كبير في حدوث تغيّرات ملحوظة على درجات حرارة المحيطات في المناطق المداريّة، وحدوث الكوارث الطبيعيّة مثل الفيضانات، والأعاصير والجفاف، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض نسبة الصيد وتجارة الأسماك في المحيطات، وكانت آثارها وخيمة على الشعاب المرجانية، لتتكرر هذه الظاهرة مرة أخرى في العام 2016 ، وهو ما سبب لليوم ضغوط كبيرة على البيئة التي لا زالت مستمرة حتى اليوم.
لدى “سونو” مفاهيم سياحية عميقة، أبرزها أن “بعض الأسواق الجديدة في الصين والهند مثلًا لا تزال تعتقد أنه إذا كان مستدامًا فيعني ذلك أنه لن يكون قطاع ضيافة فاخر، وهو من أكبر التصورات السياحية الخاطئة بالنسبة إليه”، ويضيف ” على الرغم من امتلاكنا أكبر الفيلات في منتجعاتنا، إلا أن الجانب الفاخر ليس في حجمها بل في الطعام المقدم في مطاعمنا، فاستطاعنا أن نحدد الرفاهية المستدامة للزوار، من خلال زيادة منسوب تدريب موظفينا الذي كلما زاد زادت مشاركتهم في ابتكار الافضل بما يتناسب مع مفهومنا ورؤيتنا” .
اليوم وبعد مرورة 25 عامًا لا يظل “سنونو وإيفا” يكافحان عن البيئة وطرق الحفاظ عليها، إلا أنهما موقنان بأن ذلك أمر صعب ويحتاج إلى مواصلة وجهد طويل وعدم تراجع، خاصة أن جزر المالديف معرضة للخطر وسط التدهور البيئي المتزايد، لذا يعملان حاليًا على إطلاق مبادرة للمساعدة في التكيف مع الشعاب المرجانية.