حزب الانقلابات مستمر وآخر إنجازاته وصول دياب
الانقلاب على كل شيء صفة يمكن إطلاقها بسهولة على حزب الله اللبناني (المصنف على قائمة الإرهاب الإماراتية) في تواريخه كلها، منذ ثمانينات القرن الماضي حين انقلب على المقاومة الوطنية وصولاً إلى انقلابه الأخير على المتظاهرين في الشارع وتكليفه مع حلفائه أحد المقربين منه حسان دياب لرئاسة الحكومة.
حزب الله انقلب على المحتجين بعدما كان يدعي طوال الوقت أنه من محاربي الفساد، وأن لديه ملفات مكدسة سيحولها للقضاء لمحاكمة السياسيين الفاسدين، كما كان يقول أحد نوابه.
ولكن منذ اليوم الثاني للثورة، في التاسع عشر من نوفمبر (تشرين الأول)، ظهر أن حزب الله هو أكبر المستفيدين من هذا الفساد، وعمل لحمايته بطرق مختلف، ومع نزول المحتجين إلى الشارع أطلق مناصريه بشعاراتهم المذهبية للاعتداء على المتظاهرين وتهديدهم، ليصل به هذا الانقلاب إلى تكليف دياب على الرغم من رفض الشارع لوجود ممثلين للطبقة السياسية التي أدت إلى الانهيار في إدارة البلاد.
هذا الانقلاب ليس جديداً على حزب الله، ففي الميدان قبل عقود انقلب على حركة أمل شريكته في الطائفة الشيعية، وهي المنظمة التي ولد منها، خلال ثمانينات القرن الماضي، وشن حرباً عليها من الضاحية الجنوبية لبيروت إلى البقاع والجنوب ومناطق مختلفة في بيروت أدت إلى مقتل أكثر من خمسة آلاف شاب من الطرفين.
كانت الحرب يومها جزءاً من صراع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والنظام الإيراني للسيطرة على الطائفة الشيعية، انتهت تلك الحرب بعد عودة العلاقات بين طهران ودمشق إلى مسارها الطبيعي.
قبل حربه ضد أمل، انقلب تنظيم حزب الله الميليشياوي على ما كان يعرف بـ”جبهة المقاومة الوطنية”، وهي مكون من أحزاب يسارية قاتلت إسرائيل قبل نشوء حزب الله، كان أول ما قام به “الحزب” هو ملاحقة كوادر “الوطنية” ومفكريها في حملة اغتيالات راح فيها العشرات.
بعدها في منتصف التسعينات انقلب حزب الله على المرجع الشيعي اللبناني السيد محمد حسين فضل الله، انقلاب قاده حسن نصر الله وعماد مغنية على شخص كانا يصفانه بمرشدهما الروحي، في البداية جربوا محاصرته شيعياً لأنه كان يرفض ما يعرف بولاية الفقيه، وصولاً إلى مهاجمته عبر المنابر وإصدار كتب مهينة له، وشتمه في الشوارع، ليصل بهم الأمر إلى إرسال أحد الشبان المسلحين إلى المسجد حيث أطلق النار عليه من مسدسه من دون أن يصيبه بسبب تدخل الحراس الشخصيين لفضل الله.
الانقلاب الأكبر جاء على رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري، فالرجل الذي صنع اتفاق الطائف لوقف الحرب الأهلية، سمح لحزب الله بالإبقاء على سلاحه بسبب ضغوط حافظ الأسد. الحريري حاول جهده لتسويق حزب الله عربياً ودولياً كحزب سياسي موجود في البرلمان، كان الحريري يراهن أن لبنانية حزب الله ستتغلب على التبعية لولي الفقيه والنظام الأمني السوري.. ولكن، ما حصل أن هناك عدد من قياديي حزب الله يحاكمون في “المحكمة الخاصة بلبنان” بتهمة قتل الحريري ورفاقه.
انقلاب آخر في تاريخ حزب الله، وهو ضد السوريين، فالحزب دخل سوريا وقتل أهلها وهجرهم واحتل بيوتهم، رغم أنهم استقبلوا عائلات عناصره، وآخرين من الجنوب اللبناني والضاحية هربوا خلال الحرب عام 2006، كان عناصر حزب الله يحاربون السوريين مع عناصر إيرانيين وعراقيين تحت راية مذهبية.
بالعادة لا يسمّي حزب الله شخصية لرئاسة الحكومة اللبنانية مرشحاً لتكليفه، إلا عند انقلابه على آخرين.
في العام 2011 انقلب على الحريري ودعم الرئيس السابق نجيب ميقاتي. وعلى الرغم من أن حزب الله شارك في الحكومات اللبنانية كلها منذ عام ألفين وخمسة إلا أنه أبقى نفسه مبتعداً عن تسمية كل من الرؤساء السابقين فؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام.
دياب سُمّي من قبل كلّ من حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وحلفائهم، في خطوة اعتبرتها مصادر سياسية في بيروت بأنها اتجاه لتشكيل حكومة مواجهة.
وفي وسائل التواصل الاجتماعي اعتبر ناشطون أن دياب مجرّد اسم قدّمه حزب الله للانقلاب على الحراك من دون أي اهتمام بالخروج من مأزق انهيار الدولة.