الجامعة العربية تحذر: التوجه الأمريكي بشأن الاستيطان يمثل تهديدًا لأمن واستقرار المنطقة
حذر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، من النهج الذي تتبعه الإدارة الأمريكية باتخاذ قرارات أحادية مخالفة على نحو فاضح للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، عادين أنه يمثل تهديدًا حقيقيًا للأمن والسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم، واستهتارًا غير مسبوق بالمنظومة الدولية القائمة على القانون الدولي والالتزام به.
وأكد وزراء الخارجية العرب في القرار الصادر بالإجماع في ختام أعمال الدورة غير العادية للمجلس التي عقدت اليوم بالقاهرة، ورأس وفد المملكة خلالها صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، إدانتهم ورفضهم لقرار الولايات المتحدة الامريكية الذي أعلنه وزير خارجيتها باعتبار الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 لا يخالف القانون الدولي، عادين هذا القرار باطلًا ولاغيًا وليس له أثر قانوني وأنه مخالفة صريحة لميثاق وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وعد الوزراء القرار الأمريكي محاولة مبيتة لشرعنة ودعم الاستيطان الإسرائيلي من شأنها أن تجحف بمبادرة السلام العربية بجميع عناصرها، مؤكدين إدانة السياسة الاستيطانية الإسرائيلية التوسعية غير القانونية بمختلف مظاهرها على كامل أرض دولة فلسطين المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية.
ودعا الوزراء إلى حشد الجهود العربية على مستوى الحكومات والبرلمانات ومنظمات المجتمع المدني للعمل مع الشركاء الدوليين لاتخاذ إجراءات لمحاسبة إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، على سياساتها وممارساتها الاستيطانية غير القانونية، بما يشمل حث المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية على فتح تحقيق في جريمة الاستيطان المتكاملة الأركان وفقا لميثاق روما الأساسي، ودعوة المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى سرعة إصدار قاعدة بيانات الشركات التي تعمل في المستوطنات الإسرائيلية والدعوة إلى مقاطعة أي مؤسسة أو شركة تعمل في المستوطنات الإسرائيلية ومقاطعة بضائع المستوطنات ومنع دخول المستوطنين إلى الدول، مع الإشادة بقرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بشأن منتجات البضائع الصادرة من المستوطنات الإسرائيلية.
وأدان الوزراء العدوان الإسرائيلي الهمجي الأخير على قطاع غزة الذي بدأ في 12 نوفمبر الجاري وراح ضحيته عشرات الشهداء والجرحى، وإدانة سياسات الاغتيالات الإسرائيلية والإعدام خارج نطاق القانون والاعتقال العشوائي وقصف وهدم المنازل والبنى التحتية للشعب الفلسطيني والمطالبة بتقديم المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجرائم إلى المحاكم الدولية بناء على تقارير وتوصيات لجان التحقيق وتقصي الحقائق التي انبثقت عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وحذر الوزراء من استغلال الغطاء غير القانوني الذي توفره القرارات الأمريكية الأحادية لتشجيع الحكومة الإسرائيلية على سن تشريعات باطلة وغير قانونية تهدف إلى ضم غور الأردن وأجزاء من الضفة الغربية المحتلة وتكثيف وتيرة الاستيطان الاستعماري وتهويد مدينة القدس المحتلة وانتهاك مقدساتها الإسلامية والمسيحية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك وتشويه هويتها العربية والإسلامية وتركيبتها الديموغرافية وهدم المنازل وإغلاق المؤسسات الفلسطينية العاملة فيها والتأكيد على أن هذه السياسات من شأنها أن تؤجج العنف والتوتر والصراع الديني في المنطقة.
ووجه الوزراء الشكر إلى الدول والمنظمات التي اتخذت موقفًا رافضًا للقرار الأمريكي ومؤكدة على عدم شرعية وقانونية الاستيطان الإسرائيلي، مشيرين إلى أن هذه المواقف النوعية والمؤثرة أكدت من جديد على عزلة القرارات الأمريكية الأحادية المتتالية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.
وأكد الوزراء على دعوة جميع الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين بعد، إلى المسارعة بالاعتراف بها كوسيلة فعالة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإنقاذ حل الدولتين وتعزيز فرص السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، واعتبار أن تأخير الاعتراف بدولة فلسطين لا يساعد السلام المنشود.
وأعلن الوزراء عن عزم الدول العربية اتخاذ مواقف سياسية واقتصادية ودبلوماسية على المستوى الثنائي ومتعدد الأطراف للدفاع عن القضية المركزية للأمة العربية وعن حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
وكلف الوزراء المجموعة العربية في نيويورك والعضو العربي في مجلس الأمن لبدء الجهود والمشاورات اللازمة لمواجهة القرار الأمريكي بخصوص الاستيطان الإسرائيلي وتكليف مجالس السفراء العرب وبعثات الجامعة العربية بالتحرك لدى العواصم المؤثرة حول العالم لنقل مضامين وأهداف هذا القرار.
وكلف الوزراء الأمين العام للجامعة العربية بمتابعة تنفيذ هذا القرار وإرسال الرسائل والتوجيهات اللازمة لذلك وتقديم تقريره في هذا الشأن للدورة القادمة لمجلس الجامعة، مع إبقاء المجلس قيد الانعقاد الدائم لمتابعة التطورات المتعلقة بهذا القرار.
وحضر أعمال الدورة معالي وزير الدولة لشؤون الدول الأفريقية الأستاذ أحمد بن عبدالعزيز قطان وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية مصر العربية مندوب المملكة الدائم لدى الجامعة العربية أسامة بن أحمد نقلي ووكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية المتعددة السفير عبدالرحمن بن إبراهيم الرسي وأعضاء الوفد المرافق.