توطين تقنيات البناء وعوائده على الاقتصاد السعودي
تحقق عمليات توطين صناعة تقنيات البناء في المملكة فوائد عديدة للاقتصاد السعودي، يأتي في مقدمتها تعزيز المحتوى المحلي، وتوفير فرص العمل، وإيجاد حلول جديدة لمتطلبات الحصول على السكن الملائم لتحقيق تطلعات المواطن.
وتبنَّت الدولة ضمن “رؤية 2030” هدف توطين الصناعات العملاقة، من خلال جذب الاستثمار الأجنبي لدخول السوق المحلي في جميع القطاعات الصناعية ومن ضمنها قطاع الإنشاء والتشييد الذي يعدُّ من المجالات التي تلقى اهتمامًا بالغًا من أجل معالجة زيادة الطلب على المساكن عبر تقديم محفزات تشمل سلسلة القيمة بأكملها، وأيضًا من أجل النهوض بقطاع الاسكان الذي يعد أحد أهم قطاعات الاستثمار الواعدة، حيث من المستهدف الوصول إلى نسبة تملك المساكن في المملكة عام 2020 إلى 60% وترتفع النسبة لتصل إلى 70% في عام 2030. وركزت الخطط على وضع استراتيجية لتوطين صناعة تقنيات البناء، من خلال دراسة احتياجات السوق بما يتواكب مع التطور في مجال الإنشاء والتشييد وما يعرف بتقنية البناء.
اضافة الى ذلك، يساهم توطين الصناعة في رفع مستوى التنافسية بين الشركات والمصانع وتحسين قدراتها الإنتاجية والتقنية وخلق فرص عمل ملائمة للسعوديين والسعوديات وكذلك استقطاب التقنيات الحديثة والمتطورة إلى السوق المحلي بالاضافة الى خفض فاتورة الاستيراد مما يصب في مصلحة المواطن ويزيد من الخيارات المتاحة له
جميع هذه العوامل تؤدي إلى رفع نسبة الاستفادة من المحتوى المحلي في القطاع الصناعي بشكل عام، وقطاع صناعة البناء بشكل خاص، مما ينعكس على زيادة الناتج المحلي ويعزز الإيرادات غير النفطية. فتوفير فرص العمل وخفض معدل البطالة، يعني خلق قوة شرائية بالسوق، وبالتالي زيادة الطلب على السلع والخدمات التي يقدمها القطاع الخاص. كما أن ارتفاع نسبة قيمة الواردات يؤثر على الميزان التجاري؛ لذلك فإن تشجيع التصنيع المحلي يؤدي في النهاية لتخفيض فاتورة الاستيراد.
ومن ضمن جهود المملكة لدعم القطاع الخاص، قام برنامج الإسكان وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية بإطلاق “مبادرة تحفيز تقنية البناء” التي تهدف إلى توطين صناعة تقنيات البناء التي تعمل على تسريع عملية إنشاء وتشييد المباني لتغطية زيادة الطلب على المساكن، ومن اهم النتائج المتوقعة لتوطين هذه الصناعة الضخمة أن يشهد قطاع البناء والتشييد طفرة في كافة المجالات، مما يعزز المحتوى المحلي، ويشجع الصناعة الوطنية، ويخلق فرص عمل، ويرفع قدرات رأس المال البشري. إذ تبذل المبادرة مساعي دؤوبة، وتوفر فرصًا تمويلية من أجل دعم المستثمرين، من خلال اعتماد ورصد مبالغ ضخمة لهذا الغرض.
وتعمل المبادرة على أكثر من محور بهدف التوطين منها، على سبيل المثال لا الحصر، دعم مزودي تقنيات البناء على استقطاب التقنيات من جهات معتمدة ومطابقة لمواصفات كود البناء السعودي، وتسهيل إجراءات إنشاء المصانع الجديدة أو توسيع مصانع قائمة ( توسيع خطوط الانتاج ) والحصول على القروض بالضمانات الكافية.
كما تعمل المبادرة على توفير التمويل المباشر وغير المباشر لأصحاب مصانع تقنيات البناء الحالية ومن لديهم تعثرات أو بحاجة إلى استشارات لرفع كفاءة انتاجهم. وأيضًا رفع قدرات المقاولين من خلال التأهيل والتدريب بالتعاون مع المعهد العقاري الذي ينظم العديد من الدورات المتخصصة حول تقنيات البناء ودورها وكيفية الاستفادة منها.
وتشمل حزم التمويل العديد من الأشكال التي تهدف إلى توطين تقنيات البناء كصناعة لها دور في دعم الاقتصاد الوطني، منها: تمويل قصير الأجل لجلب تقنيات حديثة، وتمويل لتحديث معدات التصنيع وخطوط الإنتاج، وتنفيذ تجارب باستخدام تقنية البناء عبر مصانع وشركات وطنية.
وعلى الرغم من حداثة المبادرة، فإنها خطت خطوات مهمة في مجال توطين الصناعة، ومن أبرزها إقامة 33 تحالفًا بين المقاولين ومزودي تقنية البناء لتمكينهم من الدخول في مشاريع على مستوى المملكة، مثل: مشروع الإسكان التنموي االذي يضم إنشاء 3.320 ألف وحدة سكنية، وتم البدء بـ 32 مشروعًا باستخدام تقنيات البناء في مشاريع البيع على الخارطة عن طريق شراكات بين مطورين عقاريين ومزودي تقنية البناء. أيضاً، تمت الموافقة على تمويل 17 مصنعًا بقيمة 1.066 مليار ريال لإنتاج 30 ألف وحدة سكنية سنويًا. في حين تُجرى حاليًا الدراسات النهائية لدعم تسعة مصانع أخرى بقيمة تتجاوز 1.084 ت مليار ريال لزيادة القدرة الإنتاجية . ويتوزع دعم المبادرة على تأسيس المصانع الجديدة، وتوسعة المصانع القائمة، وتمويل رأس مال عامل ، وتمويل صفقات الاستحواذ.