المحلية

المسجد النبوي.. محطات زمنية خالدة وتوسعات لا تتوقف

يحتل المسجد النبوي بالمدينة المنورة مكانة عظيمة وكبيرة في قلوب المسلمين أجمع؛ حيث يزوره من يفد إلى هذه البلاد لأداء مناسك الحج والعمرة للصلاة فيه والتشرف بالسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما.

ومرّ بالمسجد النبوي الذي يعد من أكبر المساجد في العالم، عدة توسُّعات عبر التاريخ، مرورًا بعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية فالعباسية والعثمانية، وأخيرًا في عهد الدولة السعودية؛ حيث شهد توسعات هي الأضخم في تاريخه، ويعد أول مكان في الجزيرة العربية تتم فيه الإضاءة عن طريق استخدام المصابيح الكهربائية عام 1327هـ، وثاني مسجد بناه النبي عليه أفضل الصلاة والسلام في السنة الأولى من الهجرة، وكانت أرض المسجد مربدًا (مكان لتجفيف التمر) لغلامين يتيمين اسمهما «سهل وسهيل».

واختط الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، أرض المسجد فجعل طوله 50 مترًا وعرضه 49 مترًا، وجعل القبلة إلى بيت المقدس وحفر أساسه وسقفه بالجريد وجعل عمده جذوع النخل وجعل له ثلاثة أبواب (باب في مؤخرة المسجد وكان يقال له باب عاتكة أو باب الرحمة وباب جبريل وهو الذي يدخل منه الرسول الأجل وجعل في مؤخرة المسجد مكانًا مظللًا يعرف «بالصفة»، وهو المكان الذي كان يأوي إليه الغرباء والمساكين).

ولم يسقف الرسول، صلى الله عليه وسلم، كل المسجد، وكان إذا نزل المطر يسيل مختلطًا بطين السقف على المصلين ولما طلبوا من النبي أن يزيد الطين على سقفه رفض، وقال: «لا، عريش كعريش موسى»، ولم يكن المسجد مفروشًا في بداية أمره، لكنّه فرش بالحصى بعد ذلك في السنة الثالثة من الهجرة وعندما حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة حدث تغيير في المسجد إذ تحوّلت الصفّة من الجنوب إلى شمال المسجد، وأغلق الباب الذي في مؤخرته وفتح باب جديد في شماله بعد الزيادة النبوية الشريفة تمت توسعة المسجد النبوي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، سنة 17هـ إذ لم يزد الخليفة أبوبكر الصديق، رضي الله عنه، في عهده بالمسجد لانشغاله بحروب الردة.

لكن في عهد الخطاب، ضاق المسجد بالمصلين لكثرة الناس، فقام الفاروق، رضي الله عنه، بشراء الدور التي حول المسجد النبوي الشريف وأدخلها ضمن المسجد، وكانت توسعته من الجهة الشمالية والجنوبية والغربية، وبذلك زاد المسجد من ناحية الغرب عشرين ذراعًا ومن الجهة الجنوبية (القبلة) عشر أذرع ومن الجهة الشمالية 30 ذراعًا، غير أنّه لم يزد من جهة الشرق لوجود حجرات أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن أجمعين، فأصبح طول المسجد 140 ذراعًا من الشمال إلى الجنوب و120 ذراعًا من الشرق إلى الغرب، فكان بناؤه رضي الله عنه مثل بناء النبي، صلى الله عليه وسلم، فكانت جدرانه من اللبن وأعمدته من جذوع النخيل وسـقفه من الجريد بارتفاع 11 ذراعًا وقد فرشـه بالحصباء التي أحضرت من العقيق وجعل له سترة بارتفاع ذراعين أو ثلاث قدرت هذه الزيادة بحوالي 1100 متر مربع، وجعل للمسـجد ستة أبواب، اثنان من الجهة الشرقية واثنان من الجهة الغربية واثنان من الجهة الشمالية.

وفي عهد الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه سـنة 29هـ، ضاق المسجد بالمصلين فشكوا إليه ذلك فشاور أهل الرأي من الصحابة في توسعة المسجد النبوي الشريف فاسـتحـسنوا ذلك ووافقوه الرأي فبدأ الخليفة عثمان بتوسعة المسجد فزاد من جهة القبلة (الجنوب) عشرة أذرع ومن جهة المغرب عشر أذرع ومن الجهة الشمالية 20 ذراعًا ولم يوسعه من الجهة الشرقية، وبقى كما كان على عهد الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه؛ لوجود بيوت أمهات المؤمنين، وأصبح طوله من الشمال إلى الجنوب 170 ذراعًا ومن الشرق إلى الغرب 130 ذراعًا وتقدر هذه الزيادة بحوالي 496 مترًا مربعًا، اعتنى رضي الله عنه ببنائه عناية كبيرة؛ حيث بني جداره من الحجارة المنقوشة والجص وجعل أعمدته من الحجارة المنقورة وبداخلها قضبان من الحديد مثبتة بالرصاص وسـقفه بخشـب الساج ولم يزد في أبواب المسجد النبوي الشريف بل بقيت كما كانت سـتة أبواب بابان من الجهة الشمالية وبابان من الجهة الغربية وبابان من الجهة الشرقية.

وبقي المسجد النبوي على ما هو عليه بعد زيادة الخليفة عثمان بن عفان وحتى عهد الوليد بن عبد الملك سنة 88هـ دون أي زيادة فكتب الوليد إلى واليه على المدينة عمر بن عبدالعزيز (86 – 93هـ) يأمره بشراء الدور التي حول المسجد النبوي الشريف لضمها إلى التوسعة، كما أمره أن يدخل حجرات أمهات المؤمنين في التوسعة فوسع المسجد النبوي وأدخل فيه قبر الرسول، صلى الله عليه وسلم، فكانت زيادة الوليد من ثلاث جهات، وهي الشرقية والشمالية والغربية وأصبح طول الجدار الجنوبي 84 مترًا والجدار الشمالي 68 مترًا والغربي 100 متر قدرت هذه الزيادة بحوالي 2369 مترًا مربعًا.

وفي عهد الوليد بن عبدالملك، شهدت توسعته للمرة الأولى بالمسجد النبوي الشريف بناء المنارات؛ حيث عمل للمسجد أربع منارات في كل ركن منارة وعملت شرفات في سطح المسجد، وكذلك عمل محراب مجوف لأول مرة؛ حيث لم يكن قبل ذلك المحراب مجوفًا، ولم تحدث أي توسعات في المسجد النبوي الشريف بعد توسعة الوليد، لكن كانت هناك بعض الإصلاحات والترميمات فقط، وحينما زار الخليفة المهدي المدينة المنورة في حجه سنة 160هـ أمر عامله على المدينة جعفر بن سليمان بتوسعة المسجد النبوي الشريف وقد دامت مدة التوسعة خمس سنوات كانت توسعته من الجهة الشمالية فقط وكانت الزيادة بنحو 100 ذراع فأصبح طول المسجد 300 ذراع وعرضه 80 ذراعًا، وعمّره وزخرفه بالفسيفساء وأعمدة الحديد في سواريه وتقدر هذه الزيادة بحوالي 245 مترًا مربعًا.

وفي سنة 654 هـ، احترق المسجد النبوي الشريف فأسهم في عمارته عدد من الخلفاء والقادة المسلمين وكان أول من أسهم في ذلك آخر الخلفاء العباسيين المستعصم بالله فأرسل من بغداد المؤن والصناع وبدئ في العمل سنة 655هـ ثم انتهت الخلافة العباسية بسقوط بغداد في أيدي التتار، بعدها تبارى ملوك وقادة المسلمين في عمارة المسجد النبوي الشريف، وعندما شبّ الحريق الثاني بالمسجد النبوي الشريف سنة 886 هـ استحوذ الحريق على أجزاءٍ كثيرةٍ من سقف المسجد فوصل خبره للسلطان قايتباي حاكم مصر فأرسل المؤن والعمال والمواد فعمره وتم تسقيفه سنة 888هـ، وبني للمصلى النبوي محرابًا كما بني المحراب العثماني في الزيادة القبلية وعند بناء القبة الخضراء على الحجرة النبوية الشريفة التي دفن فيها الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، ظهر ضيق جهة الشرق فخرجوا بالجدار الشرقي بنحو ذراعين وربع ذراع فيما حاذى ذلك وتمت العمارة سنة 890 هـ؛ حيث تعد هذه التوسعة هي آخر توسعة جرت إلى العهد العثماني والعهد السعودي، وتقدر هذه التوسعة بحوالي 120 مترًا مربعًا.

ولم يطرأ على المسجد النبوي الشريف أي تغيير منذ عمارة السلطان قايتباي لمدة 387 سنة لكن خلال هذه المدة تمّ عمل الكثير من الإصلاحات والترميمات بمنائر وأبواب المسجد واستبدال الأهلة التي تعلو المنائر والقبة وترميم جدران المسجد والكثير من أعمال الإصلاحات اللازمة، لكن لم يكن هناك هدم كامل وبناء إلا في عهد السلطان عبدالمجيد.

وفي سنة 1265 هـ، أرسل الخليفة العثماني عبدالمجيد الثاني الصناع والمهندسين والعمال والمؤن وكل ما يلزم لإعادة تعمير وتوسعة المسجد بأكمله فبدأت العمارة لكامل المسجد حيث استغرقت العمارة نحو 13 سنة وكانت العمارة من الحجر الأحمر من جبل غرب الجماوات بذي الحليفة (والجبل معروف حاليًّا بجبل الحرم وبه آثار تدل على ما أخذ من أحجار للمسجد النبوي الشريف)؛ حيث استخدمت حجارته لبناء الأعمدة أمّا الجدران فكان من حجر البازلت الأسود.

وكانت أضخم العمارات التي جرت في المسجد النبوي الشريف وأتقنها وأجملها حتى ذلك العهد وقد بقي منها بعد العمارة السعودية الجزء القبلي ويبدو هذا الجزء حتى الآن قويًّا متماسكًا وأكثر ما يميز هذه العمارة القباب التي حلت بدلًا من السقف الخشبي؛ حيث سُقِف المسجد بالقباب كاملًا، كما زُيِّنت بطون هذه القباب بصور طبيعية جذابة، وكتبت في جدار المسجد القبلي سور من القرآن الكريم وأسماء الرسول، صلى الله عليه وسلم، بخط جميل بقلم الثلث وذهبت الحروف فكانت زخرفة إسلامية بديعة، كما أن أبواب المسجد بنيت بشكل جميل وجذاب.

وتمّ بناء أعمدة السقف القبلي في موضع جذوع النخل التي كانت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وزاد السلطان عبدالمجيد الكتاتيب لتعليم القرآن الكريم والمستودعات من الجهة الشمالية، كما زاد في الجهة الشرقية نحو خمس أذرع وربع من المنارة الرئيسي إلى ما يلي باب جبريل لضيق المسجد في ذلك الموضع، فيما تقدر تلك التوسعة بحوالي 1293 مترًا مربعًا.

وبعد توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (رحمه الله)، كان من اهتماماته الأولية رعاية شؤون الحرمين الشريفين، وأجريت عدة إصلاحات للمسجد النبوي الشريف، وفي سنة 1365هـ لوحظ تصدُّع في بعض العقود الشمالية وتفتت في بعض حجارة الأعمدة في تلك الجهة بشكل ملفت للنظر فصدر أمر الملك عبدالعزيز بعد دراسة المشروع بإجراء العمارة والتوسعة للمسجد وصرف ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيدٍ أو شرط مع توسيع الطرق حوله، إذ أعلن الملك عبدالعزيز في خطاب رسمي سنة 1368هـ عزمه على توسعة المسجد النبوي الشريف والبدء بالمشروع وفي سنة 1370هـ بدأت أعمال الهدم للمباني المجاورة للمسجد النبوي الشريف، وفي ربيع الأول 1374هـ احتفل بوضع حجر الأساس للمشروع بحضور ممثلين عن عدد من الدول الإسلامية ونظرًا لأن عمارة السلطان عبدالمجيد كانت في أحسن حال فضلًا عما تتسم به من جمال وإتقان فقد تقرر الإبقاء على قسم كبير منها واتجهت التوسعة إلى شمال وشرق وغرب المسجد الشريف.

وفي سنة 1375هـ، انتهت العمارة والتوسعة في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – وكانت العمارة قوية جميلة رائعة بالإسمنت المسلح، ونتج عن هذه التوسعة أن أضيف إلى مسطح المسجد 6033 مترًا مربعًا واحتفظ بالقسم القبلي من العمارة المجيدية كما هو وهو ما كان صالحًا للبقاء وبذلك أصبح مجمل العمارة السعودية 12 ألفًا و271 مترًا مربعًا، وأقيمت التوسعة كمبنى هيكلي من الخرسانة المسلحة، وهي عبارة عن أعمدة تحمل عقودًا مدببة، كما قسم السقف إلى مسطحات مربعة شكلت على نمط الأسقف الخشبية وزخرفت بأشكال نباتية وعملت الأعمدة المستديرة تيجان من البرنز وزخرف أيضا، أما المآذن فقد بلغ ارتفاعها 72 مترًا تتكون كل واحدة من أربعة طوابق تناسقت في شكلها مع المنائر القديمة للمسجد، كما حليت جدران المسجد بنوافذ جميلة وجعل للمسجد صحنان مفصولان برواق بدلًا من واحد وتمت تغطية أرضية المسجد بالرخام، وأصبح للمسجد النبوي الشريف عشرة أبواب.

وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله) ونظرًا لتزايد الأعداد الوافد للمسجد النبوي خاصةً في موسم الحج نتيجة لسهولة المواصلات والتنقل والراحة التي يلقاها الحاج والزائر في هذه البلاد الطاهرة؛ حيث وفَّرت له الحكومة السعودية كل ما يحتاجه من أمن واستقرار وتوفر المتطلبات الأساسية له بما جعل أمر توسعة المسجد النبوي الشريف أمرًا ضروريًّا حتى يستوعب هذه الأعداد المتزايدة، فأصدر الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله)، أمره بتوسعة المسجد النبوي الشريف، وكانت هذه التوسعة من الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف فقط؛ حيث تمثلت التوسعة في إضافة 35 ألف متر مربع إلى أرض المسجد النبوي الشريف ولم تتناول عمارة المسجد نفسها بل جهزت تلك المساحة لإقامة مصلى كبير مظلل يتسع لعدد من المصلين يماثل عددهم داخل المسجد، ثم أضيفت مساحة 5550 مترًا مربعًا وظللت كذلك، ما أتاح المجال لاسـتيعاب أعداد أكثر من المصلين، وكان ذلك سنة 1395هـ.

أمّا في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله)، فحدث حريق في سوق القماشة سنة 1397هـ، وهو في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف وتمّت إزالة المنطقة وتسوية أرضيتها وتعويض أصحاب الدور والعقار وتمت إضافتها إلى مساحة المسجد؛ حيث بلغت المساحة 43 ألف متر مربع، وهو ميدان فسيح مظلل أضيف إلى أرض المسجد النبوي ولم تتناول عمارة المسجد وقد تم تخصيص جزء منها مواقف للسيارات.

وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله)، أمر بإجراء دراسات لتوسعة كبرى للمسجد النبوي الشريف وكان دافعه إلى ذلك كله أن تكون للحرمين الشريفين قيمة متوازية، كما لهما القيمة الروحية العظمى لدى المسلمين في كل مكان في أرجاء العالم الإسلامي؛ حيث تم في سنة 1405هـ وضع حجر الأساس لمشروع التوسعة للمسجد النبوي وتضمن مشروع التوسعة وعمارته إضافة مبنى جديد بجانب مبنى المسجد الحالي يحيط ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة قدرها 82 ألف متر مربع يستوعب 167 ألف مصلٍ، وبذلك تصبح المساحة الإجمالية للمسجد النبوي الشريف 98 ألفًا و500 متر مربع، كما أنَّ سطح التوسعة تمّت تغطيته بالرخام والمقدرة مساحته بـ67 ألف متر مربع ليستوعب 90 ألف مصل، وبذلك يكون استيعاب المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة لأكثر من 257 ألف مصلٍ ضمن مساحة إجمالية تبلغ 165 ألفًا و500 متر مربع.

وتضمّنت أعمال التوسعة إنشاء دور سفلي (بدروم) بمساحة الدور الأرضي للتوسعة، وذلك لاستيعاب تجهيزات التكييف والتبريد والخدمات الأخرى، ويشتمل المشروع كذلك على إحاطة المسجد النبوي الشريف بساحات تبلغ مساحاتها 23 ألف متر مربع تغطى أرضيتها بالرخام والجرانيت وفق أشكال هندسية بطرز إسلامية متعددة جميلة خُصِّص منها 135 ألف متر مربع للصلاة يستوعب 250 ألف مصل، ويمكن أن يزيد عدد المصلين إلى 400 ألف مصل في حالة استخدام كامل مساحة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي الشريف، ما يجعل الطاقة الاستيعابية لكامل المسجد والساحات المحيطة به تزيد على 650 ألف مصلٍ لتصل إلى مليون مصلٍ في أوقات الذروة؛ حيث تضم هذه الساحات مداخل للمواضئ وأماكن لاستراحة الزوار تتصل بمواقف السيارات التي تتواجد في دورين تحت الأرض هذه الساحات مخصصة للمشاة فقط وتضاء بوحدات إضاءة خاصة مثبتة على 120 عامود رخام.

أمّا الحصوات المكشوفة التي تقع بين المسجد القديم والتوسعة السعودية الأولى فقد تمّت إقامة اثنتي عشرة مظلة ضخمة بنفس ارتفاع السقف تظلل كل منها مساحة 306 أمتار مربعة يتم فتحها وغلقها أوتوماتيكيًّا، وذلك لحماية المصلين من وهج الشمس ومياه الأمطار والاستفادة من الجو الطبيعي حينما تسمح الظروف المناخية بذلك.

وفي عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله)، تمّ تدشين أكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف على مدى التاريخ إلى جانب مشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها، وهي من المشروعات العملاقة؛ حيث جاء التوجيه بتصنيعها وتركيبها على أعمدة ساحات المسجد النبوي الشريف التي يصل عددها إلى 250 مظلة تغطي هذه المظلات مساحة 143 مترًا مربعًا من الساحات المحيطة بالمسجد من جهاته الأربع يصلي تحت الواحدة منها ما يزيد على 800 مصل.

يضاف إلى ذلك تظليل ستة مسارات في الجهة الجنوبية يسير تحتها الزوار والمصلون.

وهذه المظلات صُنِعت خصيصًا لساحات المسجد النبوي على أحدث تقنية وبأعلى ما يمكن من الجودة والإتقان، وخضعت لتجارب في بلد التصنيع وأُستفيد من التجربة في المظلات التي قبلها التي تعمل بكفاءة جيدة منذ أن انتهت التوسعة ومع ذلك فإنّ المظلات الجديدة قد طوَّرت ودخل عليها تحسينات في شكلها ومادتها ومساحتها وصممت بارتفاعين مختلفين بحيث تعلو الواحدة الأخرى على شكل مجموعات لتكون متداخلة فيما بينها يبلغ ارتفاع الواحدة منها (14 مترًا و40 سنتمترًا)، والأخرى ارتفاع (15 مترًا و30 سنتمترًا) ويتساوى ارتفاع جميع المظلات في حالة الإغلاق بارتفاع (21 مترًا و70 سنتمترًا).

كما شهدت المدينة المنورة أواخر عام 1433هـ أكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي الشريف تمثل في وضع الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله)، حجر الأساس لتصل طاقته الاستيعابية بموجبها إلى مليوني مصلٍ مع نهاية أعمال المشروع بمشيئة الله تعالى، ويؤدي المصلون صلاتهم تحت هذه المظلات التي تُقِيهم حرارة الشمس أثناء الصلاة، كما تحجب عنهم الماء إذا نزل المطر فيسلمون من مخاطر الانزلاق والسقوط ويحصل لهم الأمان والاطمئنان في ذهابهم وإيابهم إلى المسجد النبوي.

وبعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله)، واصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز المسيرة في خدمة الحرمين الشريفين، إذ أكَّد أهمية الحرص على متابعة العمل في مشروع التوسعة الكبرى للمسجد النبوي والمشروعات المرتبطة بها التي تصب جميعها في خدمة الإسلام والمسلمين من شتى أرجاء العالم؛ حيث يكمن اهتمام قادة هذه البلاد في خدمة الحرمين الشريفين وتطوير بنائهما وتوسعتهما وتوفير جميع الخدمات في المشاعر المقدسة؛ ليؤدي ضيوف الرحمن القادمين إلى المملكة العربية السعودية من مشارق الأرض ومغاربها الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو حج بيت الله الحرام وزيارة المسجد النبوي مسجد الرسول، صلى الله عليه وسلم، في يسر وسهولة.

وتجسّد متابعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، للمشروعات الكبرى؛ لتوسعة المسجد النبوي الشريف وتطوير وتحسين المناطق المجاورة وزياراتهما المتوالية لمدينة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مدى حرص القيادة الرشيدة على تحقيق كل ما يمكّن ضيوف الرحمن من أداء نسكهم وعباداتهم بكل يسر وسهولة وراحة واطمئنان وتوفير الرعاية الشاملة لهم وتسخير الإمكانات؛ لتوفير أفضل الخدمات لقاصدي المسجد النبوي ولأهالي مدينة المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وزائريها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى