السعودية أول دولة عربية تنضم إلى “فاتف”.. لهذا تلقت دعوة وهذه هي المزايا
تستطيع المملكة العربية السعودية، ابتداءً من اليوم، أن تشارك في وضع الخطط والاستراتيجيات والبرامج الدولية، فيما يخص عمليات مكافحة غسيل الأموال، والحد من الإرهاب، وانتشار الأسلحة، وتزوير العملات، وذلك بعد انضمامها رسمياً إلى مجموعة العمل المالي “فاتف”، كأول دولة عربية تحصل على هذه العضوية، وجاء انضمام المملكة إلى هذه المجموعة عقب اجتماع أعضائها، الذي عُقِد مؤخراً في مدينة “أورلاندو” بالولايات المتحدة الأمريكية، وتزامن ذلك مع احتفال “فاتف” بمرور 30 عاماً على تأسيسها، منذ انعقاد أول اجتماعاتها في مدينة باريس الفرنسية في العام 1989م.
ومجموعة العمل المالي “فاتف” هي منظمة حكومية دولية، مقرها العاصمة الفرنسية باريس، أسست سنة 1989م، وتهدف إلى محاربة تزوير العملات وتمويل الإرهاب، ويأتي انضمام المملكة إلى هذه المجموعة؛ نظير جهودها الكبيرة في محاربة غسل الأموال وانتشار التسلح وتمويل الإرهاب. وينسجم حصول المملكة على عضوية المجموعة مع جهودها وبرامجها المالية والاقتصادية، وتحقيقاً لرؤية 2030 والتي تهدف لدعم تنمية الاقتصاد الوطني، وزيادة كفاءة القطاع المالي، وهي أحد الأهداف المهمة لبرنامج تطوير القطاع المالي بقيادة وزارة المالية. وبحصول المملكة على العضوية في مجموعة العمل المالي، يكون عدد الأعضاء الدائمين في المجموعة حالياً 39 عضواً، ومنهم أبرز الدول المؤثرة على مستوى العالم مثل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وأغلب دول مجموعة العشرين.
مراحل التقييم
وانضمام المملكة لـ”فاتف” سبقه مرور الرياض بـ3 تقييمات في 2004، 2010، و2018، كما أنه وفي عام 2014 أدركت المجموعة أن هناك جهوداً متميزة تقوم بها المملكة، التي تلقت دعوة للانضمام للمجموعة، وأصبحت عضواً مراقباً فيها، حتى هذا الاجتماع، حيث أصبحت المملكة عضوا له كامل العضوية، بالإضافة لدور المملكة كعضو مؤسس في مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ 2004.
ويساعد انضمام المملكة إلى مجموعة “فاتف” في التعريف بتجاربها في مكافحة غسيل الأموال، ومكافحة الإرهاب، وهي تجارب يمكن تعميمها عالمياً، للاستفادة منها. ويعزز انضمام المملكة إلى “فاتف” إيجاد مزيد من التوازن الجغرافي للدول الأعضاء في مجموعة العمل المالي، باعتبارها دولةً لها ثقلها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إضافة إلى ذلك، فإن مشاركة المملكة بخبراتها وتجاربها مع الدول الأعضاء في المجموعة، سيسهم في تطوير وإكمال المنظومة العالمية لمكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وانتشار التسلح، وبعضويتها في المجموعة ستتمكن المملكة من الحصول على فرصة المشاركة بشكل مباشر في صياغة قرارات وسياسات “فاتف”.
غسل الأموال
ولدى المملكة تاريخ طويل يمتد إلى 15 عاماً في مكافحة غسل الأموال، كما أصدرت اللوائح التنفيذية والإجراءات للتطبيق على أرض الواقع، كذلك تم إصدار قواعد الحسابات البنكية والقواعد العامة للتشغيل، بما يعني أن القطاع المصرفي السعودي يخضع لإشراف ورقابة قوية جداً، ويعد من أفضل القطاعات على المستوى العالمي؛ تطبيقاً لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال.
ولدى المملكة لجنة دائمة لمكافحة غسل الأموال، وثانية لمكافحة الإرهاب وتمويله، وثالثة لطلبات المساعدة القانونية في وزارة الداخلية، ولجنة رابعة في وزارة الخارجية، معنية بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، وهي تعمل على تعزيز سياسات مكافحة غسل الأموال من أجل التناسق والانسجام.
وتقوم المملكة بتدابير حيال مكافحة غسل الأموال في إطار التقنين من خلال إصدار دليل قواعد ونظام مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إضافةً إلى إنشاء لجنة دائمة لمكافحة غسل الأموال مكونة من ممثلين من عدد من الجهات الحكومية لدراسة جميع المواضيع المتعلقة بغسيل الأموال وإلزام الجهات الحكومية المختصة بتقييم المخاطر الناجمة عن جرائم غسيل الأموال. وأصدرت النيابة العامة بالمملكة دليل إجراءات غسل الأموال، وضعت داخله آلية مكافحة الجريمة من جميع الجهات، ونظمت داخله أبوابا مستقلة لوضع إجراءات الحجز والمصادرة وتتبع الأموال والتعاون الدولي.
مكافحة الإرهاب
وعلى نطاق مكافحة الإرهاب، تعد المملكة من أوائل الدول التي أولت التصدي لهذه الظاهرة اهتماما بالغاً على مختلف المستويات، وقامت بخطوات جادة في مكافحته محليا وإقليميا ودوليا وأسهمت بفعالية في التصدي لها وفق الأنظمة الدولية، ليجتمع العالم على أهمية مكافحة الإرهاب، الذي طال وباله المملكة والعديد من دول العالم، دون أن ينتمي لدين أو وطن. ومنذ أن وقعت المملكة على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي خلال شهر مايو 2000م، وهي تواصل جهودها في استئصال جذور الإرهاب بمختلف الوسائل، والتعاون مع المجتمع الدولي في جميع المحافل الدولية التي ترمي إلى الوقوف لمواجهة هذه الظاهرة واجتثاثها، وتجريم من يقف خلفها.
والمملكة كانت ولا تزال تذكر العالم في كل مناسبة محلية وإقليمية ودولية بخطورة هذه الظاهرة في زعزعة واستقرار أمن العالم، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أتت واحدة من أكبر المبادرات الدولية والإسلامية في مكافحة هذه الآفة بتشكيل التحالف العربي الإسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة وإقامة مركز عمليات مشتركة في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدحره. وتوجت مساعي المملكة في مكافحة الإرهاب باستضافتها للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في مدينة الرياض في الخامس من شهر فبراير عام 2005م بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية تتويجاً لجهودها في محاربة الإرهاب بكل صوره على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.
وتصدت المملكة العربية السعودية لأعمال العنف والإرهاب على المستويين المحلي والدولي فحاربته محليا وشجبته وأدانته عالميا، وتمكنت -بفضل الله تعالى- من إفشال أكثر من 95% من العمليات الإرهابية وفق استراتيجية أمنية حازت على تقدير العالم بأسره، وسجلت إنجازا آخر تمثل في اختراق الدائرة الثانية لأصحاب الفكر الضال وهم المتعاطفون والممولون للإرهاب.