“النعيمي”: إيران ليست راعية “المذهب الشيعي” بل توظفه سياسياً
طرح الأكاديمي والباحث الإماراتي في الشأن الإيراني الدكتور سلطان النعيمي تساؤلاً مهماً مفاده: هل النظام الإيراني يطبّق ما يعِد به العالم من عدم تدخله في شؤون الدول المجاورة؟، مسترسلاً بالردّ من خلال أقوال المسؤولين الإيرانيين أنفسهم، بالنفي وتناقض ما قالوه مع ما يحدث في الواقع.
وكانت قاعة عبدالعزيز بن حمد الجبر شهدت حضوراً جماهيرياً كبيراً خلال محاضرة “النعيمي” بعنوان “إيران بين هامش الأحقية وسياسة التدخل” نظمها نادي الأحساء الأدبي.
قدّم المحاضرة الدكتور دايل الخالدي الذي رحّب بالضيف، وشكر النادي الأدبي ممثلاً في رئيسه الدكتور ظافر الشهري على الاستضافة، وما يقوم به النادي من دور مجتمعي بدافع الشعور بالمسؤولية والمحافظة على وعي المواطن والمقيم، وانطلاقاً من كلمة خادم الحرمين الشريفين أثناء القمة العربية الأوروبية بشرم الشيخ، ثم عرج على سياسة المملكة الحكيمة التي تنطلق من القيم الدينية والحكمة السياسية باعتبارها السلاح الأول في مواجهة القوى التي تترصد بمملكتنا الحبيبة، ثم قدّم “النعيمي” بعد التعريف به ومنجزه الأكاديمي والمجتمعي.
بدأ الضيف كلمته بشكر المملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى للعرب، وقدم شكره لنادي الأحساء الأدبي ورئيسه على الاستضافة.
وأضاف “النعيمي” خلال محاضرة بعنوان “إيران بين هامش الأحقية وسياسة التدخل” نظمها نادي الأحساء الأدبي، أن تغيير سلوك النظام الإيراني في تدخلاته الخارجية أصبح هاجس الجميع حتى الدول الأوروبية، وتتجلى صور التدخل من خلال ما يعرضه النظام الإيراني في سياساته الخارجية من أمثلة تدل على افتقاره لحقوق الآخرين حتى الحقوق الداخلية المتمثلة في زيادة الإعدامات والتعذيب في السجون ووضع المرأة، بالإضافة إلى التعامل مع الأقليات الدينية مع أن النظام الإيراني يرفض التدخل في شؤونه وقيامه بوضع رجال دين إيرانيين رهن الإقامة الجبرية؛ وذلك لأن النظام وجدهم يشكلون تهديداً، ومن هؤلاء الرجال من يفوق “خامنئي” في مكانته الدينية باعتبار أن هامش الأحقية هو احتمال الآخرين بطريقة محايدة، ويعتمد في ذلك على: البعد التاريخي والرغبة في إقامة (إمبراطورية فارس).
ورأى “النعيمي” أن الوقوف في النظرة إلى إيران على الدولة الصفوية أمر خاطئ وسطحي، واستشهد بمقولة لأحد مسؤولي إيران إن بغداد عادت عاصمة لإيران، وأما البعد الثاني فهو القضية الفلسطينية: والظاهر من إيران أنها راعية المذهب الشيعي والحقيقة أنها توظف المذهب توظيفاً سياسياً، فلا توجد إشكالية في المذاهب والتاريخ يثبت التعايش بين المذاهب، لكن ما تقوم به إيران هو توظيف المذهب سياسياً؛ فبعد قيام “الثورة الإسلامية” في إيران 1979م أصبح النظام يبحث عن أدوات لاستمرارية النفوذ في المنطقة استناداً إلى مقولة “الخميني”: على مسؤولي الدولة أن يعرفوا أن الثورة ليست محصورة بإيران، وأهداف الثورة قامت على خمسة مبادئ هي: إسلامية الثورة، وتشكيل نظام إسلامي، وإقامة حكومة إسلامية، وقد تحققت المبادئ الثلاثة، أما الآخران فهما: إقامة الدولة الإسلامية، والحضارة الإسلامية.
وتساءل المحاضر: هل النظام الإيراني يعاملنا كعرب بوجه الدولة أم بوجه الثورة؟ ويجيب من خلال الأمثلة بنشأة “حزب الله” في كل من العراق والبحرين ولبنان في فترة الثمانينيات، أما العقد الثاني في فترة التسعينيات فكان من نتائجه أن نظام الجمهورية لن يدوم، والحل هو توسيع نطاق الثورة الإسلامية خارج الحدود، فكان نشاط فيلق القدس والحرس الثوري، وينطلق من مقولة ممثل “خامنئي” في الحرس الثوري علي سعيدي أن البحرين والعراق وسوريا واليمن ولبنان وغزة عمق استراتيجي لإيران، وضمان استمرار الحياة للجمهورية الإسلامية، وأن الإنجاز العظيم للثورة هو تصديرها للدول العربية، وأن نصرة المستضعفين ما هي إلا مقولة ليست موجودة على أرض الواقع في تعاملات إيران، وأنها تبحث عن الحد الأقصى في مصالحها، وقد وصلوا إلى الحد الأقصى في العراق، ووجدوا نموذج حسن نصر الله في اليمن من خلال الحوثي.
ولتأكيد تحكم الثورة في النظام يذكر “النعيمي” مقولة قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي يرى أن الشهادة على خط فلسطين هي أمنية كل شريف، وأن الطريق للقدس يمر عبر كربلاء، كما قال “الخميني”، لكن هذه المقولة تغيرت بعد الحصول على بغداد؛ إذ المسافة التي كانت 1570 كيلومتراً أصبحت 4398 كيلومتراً بعد تغير الوجهة من كربلاء إلى صنعاء، وهو يناقض ما قاله سليماني، لتظهر مقولة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن غرض إيران هو المملكة العربية السعودية، وهو ما يدركه النظام الإيراني أن حائط السد أمامه هو السعودية.
وأوضح “النعيمي” أن دول الخليج حريصة على الجوار في حين أن إيران لا تراعي ذلك، مختتماً حديثه باستمرار طموح النفوذ وسياسة التدخل لدى إيران؛ لأن الحاكم هو الثورة وليس النظام.
وفي الختام، قدم الدكتور دايل الخالدي شكره لـ”النعيمي” على هذه المحاضرة، وقام رئيس النادي بتقديم شكره للمحاضر وللضيوف الذين امتلأت بهم القاعة من مثقفي الأحساء وأساتذة وطلاب الجامعة وطالباتها وطلاب المنح من أفريقيا، كما قدّم درعاً تذكارية للمحاضر والمقدم، بحضور عضو هيئة كبار العلماء سابقاً وأستاذ الفقه الدكتور قيس المبارك وتم التقاط الصور التذكارية مع الحضور.