حضور خادم الحرمين القمة العربية الأوروبية يؤكد انفتاح الرياض على العالم
تُعتبر العلاقة بين السعودية ومصر نموذجًا فريدًا من نوعه للعلاقات القوية والمستدامة بين الدول الشقيقة على جميع المستويات. وتتميز تلك العلاقة بخصوصية كبيرة، وتاريخ طويل، صنعه إحساس البلدين بأن مصيرهما مشترك، والتعاون بينهما ضرورة حتمية؛ كونهما أكبر دولتين عربيتين وإسلاميتين في المنطقة، وعلى عاتقهما تقع الكثير من المسؤوليات في الحفاظ على الهوية الإسلامية، والدفاع عن الحقوق العربية.
وحل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ضيفًا عزيزًا على مصر في زيارة رسمية، تسبق مشاركته حفظه الله في أعمال مؤتمر القمة العربية – الأوروبية الذي يعقد غدًا وبعد غد في مدينة شرم الشيخ، ويلتقي خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي لبحث العديد من الملفات السياسية ذات الاهتمام المشترك.
ورحبت القاهرة بضيف مصر العظيم، وأكدت أن خادم الحرمين في بلده الثاني مصر، مشيرة إلى أن البلدين يحرصان على مواصلة التنسيق بينهما، وتبادل الزيارات بين القيادتين، وفتح الملفات الساخنة التي تهم المنطقة والعالم.
الثقل السياسي
وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر تأكيدًا للعلاقات الأخوية والمحبة بين البلدين الشقيقين، ونقل العلاقات إلى آفاق أرحب؛ إذ تعزز الزيارة العلاقة المشتركة بين الرياض والقاهرة في المجالات الاقتصادية والسياسية والتراثية، كالسياحة والمعالم التاريخية.
وجاءت الزيارة لتبني آليات عدة للعمل العربي المشترك، وتأكيدًا لما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه على ثقة بحكمة خادم الحرمين الشريفين.
وللمملكة العربية السعودية ثقلها السياسي والاقتصادي في المنطقة، ويعكس حضورها فعاليات القمة العربية – الأوروبية مكانتها وريادتها؛ إذ تشارك في القمة بوصفها قائدة للعرب إلى جوار مصر بتاريخها المجيد؛ وهذا دليل على وحدة الكلمة السعودية – المصرية.
ولعل مشاركة خادم الحرمين الشريفين تمثل رسالة موجهة إلى أوروبا شعوبًا وحكومات بأن المملكة العربية السعودية تسعى نحو الانفتاح والتحضر والنهضة المدنية الشاملة صناعيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا.
شرق أوسط جديد
ويعتبر التعاون الاقتصادي السعودي – المصري يمثل قاطرة التنمية في المنطقة العربية، وتحويلها من منطقة تموج بالصراعات والحروب والفقر إلى شرق أوسط جديد، وصفه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأوروبا الجديدة، وذلك على هامش مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي شهدته السعودية مؤخرًا، وذلك من خلال نظرية المركز والأطراف؛ فالبلدان يشكلان المركز والثقل الاقتصادي الذي يمكن أن تنضم إليه دول عربية أخرى بما يقود المنطقة العربية إلى حقبة جديدة من الازدهار الاقتصادي والتقدم.
وينعكس تطور العلاقات الاقتصادية بين السعودية ومصر في حجم التبادل التجاري بينهما، الذي بلغ نحو 8 مليارات دولار خلال عام 2018، مقارنة بـ 6 مليارات دولار فقط خلال عام 2017.
ويشير حجم التعاون بين القطاع الخاص في البلدين إلى توسع العمل المشترك؛ والدليل على ذلك هو زيادة عدد الشركات السعودية العاملة في مصر إلى أكثر من 5 آلاف شركة.
ويشدد منتدى الأعمال المصري – السعودي على أهمية التنسيق بين الشركات المصرية والسعودية في عملية إعادة إعمار ليبيا واليمن، مضيفًا بأن الشركات في الدولتين، خاصة شركات المقاولات، لديها قدرات على القيام بهذه المهام.
ويمثل التعاون الاقتصادي السعودي – المصري قاطرة التنمية في المنطقة العربية، وتحويلها من منطقة تموج بالصراعات والحروب والفقر إلى شرق أوسط جديد، وصفه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بـ”أوروبا الجديدة”، وذلك على هامش مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي شهدته السعودية مؤخرًا، وذلك من خلال نظرية المركز والأطراف؛ فالبلدان يشكلان المركز والثقل الاقتصادي الذي يمكن أن تنضم إليه دول عربية أخرى، بما يقود المنطقة العربية إلى حقبة جديدة من الازدهار الاقتصادي والتقدم.
وهناك العديد من المشروعات العملاقة في البلدين، تفتح آفاقًا جديدة في التعاون الاقتصادي المشترك بينهما، مثل مشروع نيوم في البحر الأحمر.
وكذلك هناك محور التنمية في قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، وغيرها من المشروعات العملاقة التي تتضمن فرصًا استثمارية وتنموية واعدة، وتفتح آفاق التعاون والاستثمار بين البلدين لمستويات وآفاق رحبة، تعود بالخير على البلدين والشعبين الشقيقين.
وتتشابه التوجهات السياسية السعودية والمصرية إلى حد كبير؛ ما يؤدي إلى التقارب بينهما تجاه القضايا المختلفة، إضافة إلى تمتعهما بمكانة مرموقة دوليًّا وإسلاميًّا وإقليميًّا وعربيًّا.
اتفاقية التعمير
وعلى مَر العصور قدمت السعودية الدعم والمساندة للقضايا المصرية المختلفة، فيما أسهمت مصر في النهضة العمرانية السعودية من خلال توقيع اتفاقية التعمير في الرياض عام 1993م.
وما يرسخ العلاقات الأخوية أن الجالية المصرية تعد أكبر جالية عربية في السعودية، ويسهم وجودها في التطوير والبناء، كما يوجد العديد من الطلاب السعوديين في الجامعات المصرية.
أما علميًّا وثقافيًّا فترتبط السعودية بمصر بعلاقات تعاون على الصعيد العلمي والتعليمي والثقافي منذ بدء النهضة التعليمية والثقافية في السعودية.
وعلى مَر التاريخ وقفت السعودية إلى جوار مصر في الشدة والرخاء، ولعل من أبرز هذه المواقف الموقف المشرف للمملكة في حرب أكتوبر 1973 حينما قادت السعودية فرض حظر للبترول على الدول الداعمة لإسرائيل؛ وهو ما كان له أثره البالغ في دعم الموقف المصري. وكذلك الموقف السعودي الداعم بعد ثورة 30 يونيو، سواء في المجال الاقتصادي، أو في المجال السياسي، ودور السعودية في مواجهة الموقف الدولي السلبي من الأوضاع في مصر بعد الثورة.
وفي المقابل فإن أي تهديد يواجه السعودية هو تهديد لمصر؛ إذ أعلن الرئيس السيسي أكثر من مرة أن أمن الخليج هو خط أحمر، وأن مصر دائمًا بجوار الأشقاء في السعودية ودول الخليج.
الاعتدال والوسطية
وتمثل السعودية ومصر محور اعتدال الإسلام الوسطي في مواجهة أفكار التشدد والتطرف الغريبة على الإسلام، التي تسعى إلى نشر ثقافة الكراهية والتدمير. والبلدان عضوان في التحالف الإسلامي للحرب على الإرهاب الذي تقوده السعودية، كما أن البلدين يشكلان محور التنمية والتقدم بما يمتلكانه من قوة اقتصادية وموارد بشرية هائلة، ورؤى 2030 في كلا البلدين التي ترتكز على تنويع الاقتصاد، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في إحداث نهضة اقتصادية شاملة، وتحقيق التنمية المستدامة.