المملكة تقف مع باكستان في الأوقات الصعبة وزيارة ولي العهد تطلق عهداً جديداً للعلاقات
أكد وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي أن المملكة العربية السعودية واصلت دعم بلاده في الأوقات الصعبة، منوهاً في هذا الصدد باستجابة المملكة لطلب باكستان تأجيل مدفوعات الواردات النفطية من أجل المساعدة في تجنب حدوث أزمة في المعاملات الجارية، ووصف هذا التجاوب بالموقف المذهل وكان محل تقدير عميق في باكستان.
وقال قرشي إن الزيارة التاريخية المرتقبة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع لباكستان ستنقل العلاقات السعودية الباكستانية الى مرحلة جديدة، وسيشهد التعاون قفزة نوعية آملا أن تثمر الزيارة عن إنشاء مجلس تنسيق جديد يرأسه ولي العهد ورئيس الوزراء الباكستاني والوزرات المعنية ذات الصلة وسوف يتبع هذه الزيارة متابعة تنسيقية توسع آفاق الاستثمار بين المملكة وباكستان، وأضاف أن زيارة فخامة رئيس الوزراء الباكستاني الأخيرة للمملكة وما حظي به من استقبال حافل كانت بمثابة وثبة في العلاقات والتفاهم بين القيادتين.
وقال قرشي في حوار مع الوفد الإعلامي الاستباقي السعودي إن تفاعل الحكومة الباكستانية مع القيادة السعودية ورؤية 2030 هو من أسس رؤية رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان “باكستان الجديدة”، مشدداً على ان البلدين يرتبطان بروابط مميزة للغاية، وأشار إلى أن المملكة هي من أول من وقف بجانب باكستان في محنتها ولن ننسى مواقفها أبداً ما حيينا.
وعن أهمية انضمام المملكة إلى مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC)، والذي هو جزء من المشروع الصيني “حزام واحد وطريق واحد” وماذا سيحقق للبلدين، قال وزير الخارجية الباكستاني إن هذا المشروع الضخم الذي سيربط ميناء “جوادر” الباكستاني بكشمير يتيح العديد من الفرص الاستثمارية التي ستستغلها الدول الأعضاء وتستفيد منها خاصة المملكة، ونحن نعمل حالياً على تأسيس ثلاث مناطق اقتصادية موجهة لتسريع وتيرة العمل.
وأضاف “ولا ننسى أن المملكة وباكستان قامتا بتخفيض رسوم التأشيرات بهدف تشجيع النشاط المتبادل بينهما، كما أن باكستان وعدت بتقديم حوافز وخدمات للمستثمرين السعوديين وقررت إعفاء السعوديين من الحصول على تأشيرة الدخول المسبقة حيث سيتم منحهم تأشيرة دخول عند وصولهم بهدف انعاش السياحة وتعزيز الاستثمار في باكستان”.
وتابع قرشي أن زيارة ولي العهد مهمة للغاية حيث ستتطرق إلى عدة مجالات من بينها الاستثمار السعودي في باكستان، مؤكداً على أن ثمة عمل سياسي ناجح بين البلدين بالإضافة إلى التفاهم السياسي والدعم الدبلوماسي المتبادل، الأمر الذي يمنح المستثمرين من الجانبين منصة جديدة لاستكشاف الفرص المتنوعة وتطوير الروابط المؤسسية وتوافر الآليات التي تضمن تحقيق التعاون بين الجانبين.
واستطرد وزير الخارجية الباكستاني “إن باكستان الجديدة تؤسس لعلاقات طيبة مع جيرانها وتؤمن بتحقيق السلام في المنطقة وتسعى إلى تعزيز المبادرات كالتي أطلقتها المملكة العربية السعودية وجعلها أكثر نفعاً. كما أنها تسعى إلى تحقيق السلام والتوافق بداخل وخارج حدودها”.
وقال قرشي إن توقيع المملكة المرتقب لمذكرة تفاهم بشأن بناء مصفاة تكرير نفط في قوادر، وهو استثمار تتعدى قيمته عشرة مليارات دولار، يؤكد للآخرين أن باكستان دولة يمكن الاستثمار فيها بفضل إمكاناتها، مشدداً على أن حكومة اسلام آباد حريصة على اتخاذ تدابير لضمان سهولة تحقيق المعاملات التجارية أمام المستثمرين السعوديين في باكستان. وقد وعد وزير المالية الباكستاني إسحاق دار بفتح التبادل التجاري الثنائي وأكد أن فرص هذا التبادل ستكون آمنة تماماً للدول الشقيقة كالمملكة العربية السعودية.
وأوضح وزير الخارجية الباكستاني أن الشباب هم مستقبل البلاد ويضعون ثقتهم في الرئيس والحكومة، وقال إن الحكومة جعلت على قمة أولوياتها تحقيق تطلعات الشباب الذين يتوقون إلى منهجٍ مختلف وأسلوب حكم مختلف، ويسعون إلى تطبيق معايير تكامل جديدة، ويتطلعون إلى الإنفاق على التعليم والصحة ومياه الشرب وكل ما يحقق المنفعة لمستقبل باكستان، من منطلق ثقتهم في التقدم الذي يشهده اقتصاد باكستان. وأضاف قرشي أن الحكومة تعمل على اتخاذ خطوات لترسيخ هذه الثقة في الاقتصاد.
وحول استتباب الأمن في باكستان قال وزير الخارجية الباكستاني “إن الموقف الأمني في باكستان في السنوات القليلة الماضية شهد تحسناً كبيراً بعد أن خضنا فترة عصيبة للغاية جراء الإرهاب الذي أدى إلى حدوث معاناة شديدة على المستوى الاقتصادي والإنساني، بيد أن عزيمة أفراد قوات الأمن بل والشعب بأكمله قادت إلى هزيمة الإرهاب في باكستان، والآن نحن بصدد القضاء على التطرف من خلال خطوات وخطط تهدف إلى ذلك. وبات الشعب الباكستاني الآن يشعر بمزيد من الأمن” وتابع قرشي انه يمكن رؤية نهوض كبير في قطاع السياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالإضافة إلى زيادة الصادرات في غضون أربعة أشهر بـ 4 % وتقلصت الواردات بنحو بليوني دولار وكل هذا في خمسة أشهر فحسب، وهذا أمر يعكس الثقة. علاوة على ذلك، فإن باكستان تشهد المزيد من الاستثمارات السعودية والإماراتية. وحول دعم باكستان لجهود السلام الجارية في أفغانستان قال قرشي إن إسلام آباد قامت بدور مهم إيجابيا بهذا الصدد ولا ينكر أحد هذا الحراك المتقدم وقد أقر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بهذا الأمر ووزير خارجيته مايك بومبيو والعالم أجمع، لقد لعبت باكستان دوراً بناءً في تحقيق هذه المصالحة ونأمل أن يتحقق السلام والاستقرار، الأمر الذي سيحقق منفعة للجميع وخاصة باكستان.
وعبر قرشي عن تقديره للجهد المثمر الذي بذلته كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في تعزيز السلام والاستقرار ليس فقط في أفغانستان بل في المنطقة بأكملها من خلال دفع محادثات السلام.
وأشاد وزير الخارجية الباكستاني بجهود المملكة في دعم الاعتدال ومواجهة الفكر المتطرف، وما اتخذته من تدابير وإجراءات لنشر ثقافة الوسطية والاعتدال، مشددا أن باكستان باتت بصدد القضاء على التطرف، حيث نجحت العمليات العسكرية في القضاء على الإرهاب، الأمر الذي يبعث على الأمل في جذب استثمارات جديدة إلى باكستان، وفي مقدمتها الاستثمارات السعودية.
وحول الاستفادة من الخبرات السعودية قال قرشي “إنه لمن دواعي سرورنا التعلم من النماذج والخبرات السعودية التي يدعمها خادم الحرمين الشريفين”.
وحول أهمية العلاقات السعودية الباكستانية في إرساء الأمن والسلام في المنطقة في ضوء الاضطرابات الكثيرة التي تمر بها، قال قرشي “إن باكستان والمملكة العربية السعودية تدعمان السلام والاستقرار والرخاء ونسعى دائماً إلى حماية حدودنا من الاعتداءات الخارجية. وللأسف، فإن هناك قضايا عالقة مع جيراننا بسبب الحرب الدائرة منذ سبعة عشر عاماً، الأمر الذي لا يتسبب في هدم حضارة باكستان وأفغانستان فحسب بل والمنطقة برمتها. ونأمل من خلال المساعدة التي تقدمها المملكة العربية السعودية، أن نخرج من هذه الأزمة ونتجه نحو السلام. لعبت المملكة دوراً إيجابياً في التقريب بين الشعوب وتقديم المساعدات الإنسانية السخية للشعوب التي تعاني من ويلات الحروب كما أنها قدمت المساعدات الإنسانية للشعب الباكستاني جراء الزلزال الذي وقع في 2005 والفيضانات المدمرة في 2010”.
وتابع وزير الخارجية الباكستاني إن أغلبية السكان في باكستان هم من الشباب، وكذلك الحال في المملكة العربية السعودية. وعليه، فإن من المهم تبادل الأفكار وخلق فرص العمل وتطوير المهارات والترفيه والرياضة، حيث أحرزت المملكة تقدماً هائلاً في دعم الرياضة من حيث إنشاء العديد من المنشآت الرياضية، وهو اتجاه صحي تنتهجه المملكة. وفي باكستان، فإن رئيس الوزراء عمران خان شخص رياضي وشارك في العديد من الفعاليات الرياضية، وهو حريص بشدة على تعزيز الرياضة. تتمتع المملكة بالوعي بشأن الإسهام وتطوير التقنيات الحديثة وكذلك الحال بالنسبة إلى باكستان التي تولي اهتماماً بتطوير التقنيات الحديثة وجذب الاستثمارات.