عمل المرأة في أمن المجمعات التجارية.. «التدريب أولاً»!
أصبحت المرأة شريكاً حقيقياً في العمل بجوار الرجل في عدة مجالات مختلفة عززت من الدور الذي تقوم به، وعلى الرغم من هذه المسؤولية الكبيرة التي تتحملها المرأة اليوم إلاّ أن مسؤوليتها أكبر بتوظيفها في المجال الأمني الذي يحتاج إلى أن تكون بحجم الثقة التي أسندت إليها حتى أصبحت تعمل في عدة مجالات كان على رأسها إلحاقها في مجال الأمن في الأماكن العامة كالمولات والأسواق التجارية، فلم يعد يخلو مجمع تجاري أو سوق كبير متعدد البوابات من وجود امرأة تتحمل مسؤولية التفتيش على السيدات المرتادات لهذه الأسواق في المولات التجارية، إلاّ أنه -للأسف- لا يتعدى دورها في هذه الوظيفة الأمنية المهمة أكثر من بقائها على الكرسي الذي خصص لها، وتصفحها لمختلف المواقع على شبكات التواصل الاجتماعي، أو ربما الحديث بالهاتف لساعات طويلة، وربما اقتصر التفتيش بنظرة خاطفة لحقيبة السيدة التي لم تحاول النظر بمحتواها كما يجب، فهل يمكن أن يوضع هذا الدور العشوائي لموظفة الأمن في المولات التجارية مقام الجدية في تصنيفها كموظفة أمن عليها واجب جاد وواحد وهو حفظ الأمن من أي خطر قد يحدث؟، وما مدى تدريب وتجهيز هؤلاء السيدات العاملات في المجال الأمني والذي يضعهن في مواجهة حقيقية مع أي خطر محتمل الحدوث؟.
غياب الاستعداد
ورأت هيلة السعد -تعمل في مشروع صغير في أحد المولات- أن موظفات الأمن لا يستمررن طويلاً، حيث يعملن لأشهر معدودة وسرعان ما يهربن لطبيعة العمل المملة، إلاّ أن في مدى استعدادها الأمني لتحمل هذه المسؤولية فمن الملاحظ أنه غير موجود، فالكثير منهن يتوظفن رغبةً في الحصول على المال دون وجود أي صفات أو مقاييس لعملهن الأمني المهم عطفاً على الكثير من موظفات الأمن في المولات لا يؤدين الدور البسيط المناط بهن، فأحياناً تطلب من السيدة أن تفتح حقيبتها فتنظر لها من بعيد وهي في يد صاحبتها ثم تطلب منها الدخول، وربما لا يُبالي البعض منهن في النظر أو التفتيش نظراً لانشغالها بهاتفها وبأحاديثها الهاتفية التي تستمر لساعات طويلة نظراً للسأم الذي تشعر به، مُشددةً على ضرورة أن يتم تقديم مهام وتدريبات لمثل هذه الوظيفة التي يجب ألا يستهان بالدور الذي تقوم به نظراً لأنها تتعلق بحماية الأمن العام.
تدريب حقيقي
وقالت أمجاد المخيمر -موظفة في أحد الشركات الأهلية-: إنه لابد أن يُعاد النظر في طريقة اختيار المرأة التي تعمل في المجال الأمني في المولات والأماكن العامة، فالنظرة لهن لا تتعدى شعور الجميع أنهن يعانين من سأم وملل وعدم رغبة في العمل، حيث تبدو على تعاطيهن.. فهناك من لا تقوم بأي عمل أكثر من مراقبتها لمن تدخل وتخرج من المول التجاري، وهناك من تبذل جهدها في التفتيش الأشهر الأولى ثم تتوقف عن أداء هذا العمل البسيط، مضيفةً أن إلحاق المرأة بالعمل في جميع المجالات حالة صحية، إلاّ أن المشكلة الحقيقة في عدم إيجاد المهارة الوظيفية، وأحياناً عدم وجود المهام المحددة التي يجب أن تناط بها، مبينةً أن مفهوم الأمن واسع وكبير ويجب أن تحصل هذه الموظفة على تدريب حقيقي يؤهلها لمعرفة خبايا أساليب التفتيش الأمني، وكذلك حصولها على التهيئة الجسدية، وهذا للأسف ما ليس موجوداً في موظفات الأمن في المجمعات التجارية، مشيرةً إلى أن الشعور بالمسؤولية لابد أولاً أن ينبع من الجهة التي تحمل على عاتقها توظيف السيدات ثم تدريبهن.
مهارات محددة
وتحدث د.سالم القحطاني -رئيس قسم الإدارة العامة وأستاذ الإدارة بكلية إدارة الأعمال بجامعة الملك سعود- قائلاً: إن عمل المرأة في القطاع الأمني سواء في مجال “السيكرتي” أو أي قطاع آخر أمني في الدولة لابد أن تحرص أن تؤدي عملها كما هو متوقع ومطلوب منها، لذلك لابد أن تتوفر في عمل المرأة في المجال الأمني مهارات محددة قد تفتقر إليها إن لم تحصل على التدريب اللازم، مضيفاً أن عمل المرأة في مختلف القطاعات الخاصة والحكومية خطوة جيدة لكن أن يتم الزج بها في العمل بالقطاع الأمني في المولات والأماكن العامة دون أن تحصل على تدريب كافٍ ودون وجود تهيئة وتأهيل كافٍ، فهذا قد يخل بالناحية الأمنية، مبيناً أن العمل في الجانب الأمني عمل يهم الجميع وعمل قد ينعكس على الجميع سواء بالسلب أو الإيجاب، وكلما زادت قدرات الشخص في المجال الأمني زاد من أمن المواطن والدولة، ومن هذا المنطلق فعمل المرأة في المجال الأمني مكمل لعمل الرجل، مشيراً إلى أنه حتى يتم عمل المرأة بشكل سليم لابد من إعداد برامج تدريبية للمرأة العاملة في المجال الأمني يؤهلها لتولي هذه المهمة ولضبط العمل بحسب المتطلبات سواء هذا العمل الذي تقوم به في المؤسسات أو القطاع الخاص أو في المطارات أو المجالات الأمنية الحكومية، ذاكراً أن هناك ضوابط محددة حتى على مستوى العالم تحدد القدرات والمهارات الأمنية التي يحتاج إليها العامل في القطاع الأمني سواء كان رجلاً أو امرأة منها ما يتعلق بالمهارات الشخصية الناعمة كقوة الملاحظة، وملاحظة بعض الجوانب النفسية التي يمكن أن يستدل بها رجل الأمن والمرأة على الشخص الذي تكون لديه نية الإخلال بالأمن أو غير ذلك.
معايير ومتطلبات
وشدّد د.القحطاني على ضرورة ألا تبرر الغاية الوسيلة هنا، فمن الجميل إشراك المرأة في المجال الأمني لكن هذا لا يعني أن نخل بمعايير وشروط تجهيز وتهيأة الشخص العامل في الجانب الأمني؛ لأن انعكاساته على الأمن ستكون وخيمة، فنحن اليوم مع توظيف المرأة وإشراكها، لكن يجب أن يتم ذلك بشكل صحيح، فحداثة التجربة لا تعني أن نتخلى عن معايير ومتطلبات توظيف المرأة في المجال الأمني، مضيفاً أن هناك معايير ومتطلبات فيما يتعلق بشخصية المرأة سواء البدنية أو العقلية أو غيرها وهناك متطلبات مادية تتعلق بالمهارات التي تتعلم عليها المرأة في حال واجهت العنف أو الاعتداء أو تريد المساهمة في إلغاء القبض على الشخص المخل بالأمن، فذلك يتطلب الحصول على مهارات جسدية، فالبنية تكون قادرة على التعامل مع العنف من خلال خضوعها لتدريبات ميدانية ورياضية، ومنها ما يتعلق بقدراتها في تحليل الموقف والتعامل مع الجمهور والأحداث التي يمكن أن تخل بالأمن، وهذه يمكن أن تتلقاها من خلال الجوانب التعليمية في قاعات الدراسة، مُثمناً تجربة بعض الجهات الحكومية في تدريب النساء في القطاع الأمني وتدريبهم على استخدام السلاح وغيرها، فوزارة الداخلية تبذل جهداً كبيراً في ذلك وكذلك الجهات الأمنية الأخرى التي تعنى بتوظيف المرأة في المجال الأمني.