القمم الخليجية في ضيافة المملكة… عطاء سعودي حافل لتعزيز السيادة والأمن
تستضيف مدينة الرياض يوم الأحد القادم اجتماع الدورة التاسعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي ستعقد برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وعلى مدى الدورات الثماني والثلاثين السابقة استضافت المملكة، أعمال الدورة سبع مرات بدءًا من الدورة الثانية، وحفلت بكثير من التطورات والمبادرات والقرارات لخدمة المواطن الخليجي ورفعة شأنه.
ففي 14 محرم لعام 1402هـ الموافق 11 نوفمبر من عام 1981م عقدت الدورة الثانية لاجتماع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بدعوة من الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، واستعرض المجلس الوضع السياسي والاقتصادي والأمني في الخليج، وأعلن عزمه مواصلة التنسيق لمواجهة الأخطار المحيطة بالمنطقة وزيادة الاتصالات بين دول المجلس لدرئها.
وناقش المجلس كل محاولات القوى التي تستهدف إيجاد مواقع لها في منطقة الخليج لتهديد أمنه وسيادته، معلنًا رفضه لها، ومجددًا إيمانه بأنه لا سبيل لتحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط إلا بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس الشريف وإزالة مستعمراتها التي تقام على الأراضي العربية.
واستعرض المجلس ردود الفعل العربية والدولية حول مبادئ السلام التي أعلنتها المملكة بشأن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، وطلب المجلس من المملكة إدراجها على جدول أعمال مؤتمر القمة العربي الثاني عشر المقرر عقده في المغرب لبلورة موقف عربي موحد حول القضية الفلسطينية.
وعقدت الدورة الثامنة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض في الفترة من 6 إلى 9 جمادى الأولى 1408هـ الموافق 26 إلى 29 ديسمبر 1987م بحضور أصحاب قادة دول المجلس، تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، حيث افتتح مقر مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض، بمعية إخوانه قادة دول المجلس، وقال الملك فهد بن عبدالعزيز: “إنها مناسبة غالية، وأغلى من المبنى هو اجتماع قادة دول المجلس في هذه الليلة المباركة”.
واستعرض المجلس الأعلى في تلك الدورة مسيرة التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات، وتطورات الحرب العراقية الإيرانية والوضع في الخليج والوضع العربي والقضية الفلسطينية ومشكلة لبنان، كما تناول الأوضاع العربية، مشيدًا بما أسفرت عنه القمة العربية غير العادية التي انعقدت في الأردن من تعزيز للتضامن العربي واعتماده قاعدة أساسية لعمل عربي مشترك هدفه تجسيد وحدة الموقف العربي.
ونظر المجلس في الأوضاع النفطية والتطورات في الأسواق العالمية وأكد على ضرورة الحفاظ على استقرار السوق ووجوب التزام جميع دول منظمة الأوبك بالأسعار المقررة والتوقف عن منح الحسومات المباشرة وغير المباشرة.
وفي 9 رجب عام 1414هـ، استضافت الرياض مجددًا القمة في دورتها الرابعة عشرة برعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، واستعرض المجلس الأعلى تطور مسيرة مجلس التعاون في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ضوء النتائج والتوصيات التي رفعتها اللجان الوزارية والمجلس الوزاري، وتدارس سبل دفع العمل الجماعي من منطلق الإيمان بالمصير المشترك، ووحدة الهدف والرغبة في تعزيز مسيرة التعاون بما يحقق الأهداف التي حددها النظام الأساسي وجسدتها قرارات العمل المشترك في كل جوانبه.
وتضمّنت كلمة الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، في الجلسة الافتتاحية مواقف وأسس العمـل المشترك، حيث أكد المجلس الأعلى عزمه التامّ على الإسراع بخطى مسيرة مجلـس التعاون ودفعها نحو آفاق أرحب لمواجهة التحديات كافة، ومـواكبة المتغيرات الإقليمية والدولية وتلبية طموحات وتطلعات قادة دول المجلس وشعوبها لتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء.
كما بحث القادة في تلك القمة، تطورات الأوضاع الإقليمية والمستجدات في منطقـة الخليج، في ضوء خرق النظام العراقي لشروط وقف إطلاق النار التي حددها القرار 687 باستمراره في نهج سياسة المماطلة في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بعدوانه ومواصلته ترديد مزاعمه التوسعية في دولة الكويت وتهديد سيادتها واستقلالها وتعريضه الأمن الإقليمي للخطر.
واستمع المجلس الأعلى في القمة إلى شرح مفصل من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الراحل، حول النزاع القائم بين الإمارات وإيران بشأن الجزر الثلاث “طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى”، داعيًا إيران إلى الاستجابة لدعوة الشيخ زايد بإجراء حوار مباشر والالتزام بكافة الطرق السلمية لإنهاء هذا الاحتلال.
وتدارس المجلس الأعلى في الدورة الرابعة عشرة ما آلت إليه الحالة الأمنية والمعيشية في جمهورية البوسنة والهرسك نتيجة استمرار العدوان الصربي وارتكاب القوات الصربية النظامية وغير النظامية أبشع جرائم الإبادة العرقية ضد الإنسانية في تلك الجمهورية المنكوبة وانتهاكها لمواثيق الأمم المتحدة وتحديها السافر للشرعية الدولية.
وفي 19 شعبان من عام 1420هـ الموافق 27 نوفمبر لعام 1999م افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، اجتماعات الدورة العشرين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بقصر الدرعية بالرياض، موجهًا كلمة رحب فيها بقادة مجلس التعاون الخليجي، وقال: “إن تسارع الأحداث الدولية وتطورها في عصرنا هذا ثقيلة في وقعها قوية في تأثيرها على كل دول العالم الذي نحن جزء منه، وهذه الحقيقة تجعلنا ندرك بأننا لسنا في منأى من آثار ذلك التحول لذلك علينا أن نقرأ احتمالات المستقبل ونعد العدة لها معتمدين على الله ثم على تبصر بالأحداث بعقل يقظ، وبدون ذلك سنبقى على هامشها نرقبها بلا حول ولا قوة، ومن لا يدرك الأسباب ويحدد الأهداف ويطرح الوسائل لتحقيقها سيبقى من مجموعة المتأثرين لا المؤثرين وهو ما ننأى بدولنا وشعوبنا عنه”.
وأضاف: “إن منطقتنا الخليجية قد أنعم الله عليها بخيرات كثيرة وخصها بالموقع الاستراتيجي كانت ولا تزال محط الأنظار من كل مكان، وما لم نتمكن من تحقيق قوة عربية موحدة فأقل ما يجب أن نحققه تحقيق وحدة عسكرية شاملة لمنطقتنا الخليجية لكيلا يبقى أمن دولنا وشعوبنا رهن الأهواء والمصالح الدولية، وهذا وضع لا نرضاه لدولنا وشعوبنا”.
وأعلن الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية آنذاك، بعد انتهاء أعمال القمة عن اتفاق أصحاب قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على فئات الرسوم الجمركية (سلع معفاة.. سلع أساسية) بنسبة 5.5% وسلع أخرى بنسبة 7.5%.
وكشف أن الاتحاد الجمركي لدول المجلس سيتم تطبيقه في بداية مارس عام 2005م، مفيدًا، أن المملكة تقدمت بأربع أوراق عمل لتطوير النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي.
وفي يوم 18 ذي القعدة لعام 1427هـ الموافق 9 ديسمبر 2006م افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، اجتماعات الدورة السابعة والعشرين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (قمة جابر) بقصر الدرعية بالرياض.
وقال بعد ترحيبه بقادة دول مجلس التعاون الخليجي: “ولما كان هذا أول لقاء للقمة بعد وفاة أخينا العزيز الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت تغمده الله برحمته فقد أطلقنا على هذه القمة اسم الفقيد الغالي لكل ما قدمه من جهود في خدمة التعاون الخليجي”. مشددًا على أن هذا اللقاء السنوي فرصة لمراجعة ما أمكن تحقيقه خلال العام الماضي وما لم يستطع تحقيقه لسبب أو آخر.
وأضاف: “إن منطقتنا العربية محاصرة بعدد من المخاطر وكأنها خزان مليء بالبارود ينتظر شرارة لينفجر، وليس لنا إلا أن نكون صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص وأن يكون صوتنا صوتًا واحدًا يعبر عن الخليج كله”، مختتمًا: “عندما نتحدث عن المواطنة الاقتصادية نجد أننا قطعنا شوطًا، ولا يزال أمامنا كثير حتى نستطيع القول إننا حققنا الوحدة الاقتصادية الكاملة، وأن المواطن الخليجي يعامل في كل الخليج كما يعامل في وطنه”.
واستضافت الرياض في 24 محرم من عام 1433هـ الموافق 19 ديسمبر من عام 2011م اجتماعات الدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ حيث افتتحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.
وقال في كلمته إلى أن القمة تعقد في ظل تحديات تستدعي اليقظة، وزمن يفرض وحدة الصف والكلمة ولقد علمنا التاريخ وعلمتنا التجارب ألا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع وحقيقة الضعف، وهذا أمر لا نقبله جميعًا لأوطاننا وأهلنا واستقرارنا وأمننا، لذلك أطلب منكم اليوم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشر إن شاء الله”.
إثر ذلك عقد خادم الحرمين الشريفين وإخوانه قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية جلسة عملهم المغلقة.
ثم عقد الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية آنذاك بحضور الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني مؤتمرًا صحفيًّا أشار فيه، إلى أن من أبرز نتائج القمة كانت ترحيب قادة دول المجلس ومباركتهم لمقترح ورد في خطاب خادم الحرمين الشريفين، للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد وتشكيل هيئة بواقع ثلاثة أعضاء من كل دولة لدراسته من مختلف جوانبه، مؤكدًا أن هذه الخطوة من شأنها الدفع بهذه الأهداف والغايات على النحو المأمول، تماشيًا مع النظام الأساسي للمجلس الذي ينص على تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولًا إلى وحدتها.
وفي 27 صفر لعام 1437 هـ افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، اجتماعات الدورة السادسة والثلاثين للمجلس، بقصر الدرعية بالرياض.
وألقى كلمة قال فيها: “مع ما تنعم به دولنا ولله الحمد من أمن واستقرار وازدهار، فإن منطقتنا تمر بظروف وتحديات وأطماع بالغة التعقيد، تستدعي منا التكاتف والعمل معًا للاستمرار في تحصين دولنا من الأخطار الخارجية، ومد يد العون لأشقائنا لاستعادة أمنهم واستقرارهم، ومواجهة ما تتعرض له منطقتنا العربية من تحديات وحل قضاياها، وفي مقدمة ذلك قضية فلسطين واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وأضاف: “وبالنسبة لليمن فإن دول التحالف حريصة على تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن الشقيق تحت قيادة حكومته الشرعية، ونحن في دول المجلس ندعم الحل السياسي، ليتمكن اليمن العزيز من تجاوز أزمته ويستعيد مسيرته نحو البناء والتنمية”.
وتابع: “إن على دول العالم أجمع مسؤولية مشتركة في محاربة التطرف والإرهاب والقضاء عليه أيًّا كان مصدره، ولقد بذلت المملكة الكثير في سبيل ذلك، وستستمر في جهودها بالتعاون والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة بهذا الشأن، مؤكدين أن الإرهاب لا دين له وأن ديننا الحنيف يرفضه ويمقته فهو دين الوسطية والاعتدال”.
وصدر عن تلك الدورة بيان ختامي تضمن ترحيب المجلس الأعلى للدورة السادسة والثلاثين برؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك، وشكره، على ما ورد بها من مضامين سامية لتعزيز المسيرة المباركة لمجلس التعاون ومكانته الدولية والإقليمية، واعتماد المجلس لهذه الرؤية وتكليف المجلس الوزاري واللجان الوزارية المختصة والأمانة العامة بتنفيذ ما ورد بها، على أن يتم استكمال التنفيذ خلال عام 2016م.
كما شمل البيان الختامي للدورة إطلاع المجلس الأعلى على ما وصلت إليه المشاورات بشأن مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتوجيه المجلس الوزاري باستمرار المشاورات واستكمال دراسة الموضوع بمشاركة رئيس الهيئة المتخصصة في هذا الشأن، وفق قرار المجلس الأعلى بهذا الشأن في دورته الثالثة والثلاثين التي عقدت في الصخير بمملكة البحرين ديسمبر 2012م.