أنظمة تكييف الهواء عنصر أساسي من متطلبات الحياة في منطقة الشرق الأوسط، سواء في المكاتب أو المنازل، فهي من المسلمات التي قد لا تشغل في العادة حيزاً كبيراً من تفكير ملاك المنازل والمباني، إلا عند صدور فاتورة الكهرباء.
ونظراً لأن سكان الإمارات يقضون من 80-95% من وقتهم في الأماكن المغلقة، ومع ارتفاع نسبة تلوث الأجواء الداخلية أكثر من ضعفين إلى خمسة أضعاف مقارنة بالأجواء الخارجية ، فإن الأهمية هنا لا تقتصر على ضمان صيانة مرافق التدفئة والتهوية وتكييف الهواء، بل تشمل أيضاً صيانتها بشكل مناسب. ومن شأن ذلك أن يعود باثنتين من الفوائد الرئيسية، أولها توفير جودة هواء داخلي أفضل وهو أمر في غاية الأهمية في زمن جائحة كورونا؛ وثانياً المساهمة في تقليص استهلاك الطاقة بما يؤدي في نهاية المطاف إلى تقليص الفواتير.
وتعتبر جودة الهواء واحدة من أولويات "رؤية الإمارات 2021" التي تشمل مؤشر جودة الهواء. وتهدف الحكومة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى رفع مؤشر جودة الهواء من 81% في عام 2019 إلى 90% بحلول العام المقبل مما سيساهم بتوفير بيئة أكثر صحة للجميع. وعلاوة على ذلك، يتم في الوقت الراهن تنظيم جودة الهواء الداخلي وفقاً للمعايير، حيث يخضع تركيز الملوثات للتحديد وفقاً لتشريعات رسمية.
وصحيح أن الهواء النظيف ضرورة حتمية دائمة للجميع، لكن وباء "كوفيد-19" ساهم في تعزيز هذه الأهمية وسلط الضوء على ضرورة امتلاك الجميع لأنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء تضمن جودة عالية للهواء داخل المباني. ومن جهة أخرى، يأتي توفر الهواء النقي داخل المباني على حساب استهلاك طاقة إضافية لتشغيل هذه الأجهزة، في حين سيسهم تجاوز الحد الأدنى من المتطلبات في الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد في المباني. وعلى المدى البعيد، سيكون ذلك بمثابة علامة فارقة لاستقطاب المستأجرين والضيوف والطلاب مع مراعاة الطاقة التي تستهلكها أجهزة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء.
جميعنا الآن مطلعون على التوصيات والتدابير الاحترازية لحماية أنفسنا والمجتمع من تفشي فيروس كورونا، وباتت الممارسات اليومية مثل غسل الأيدي والتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات والتنظيف العميق من عاداتنا، وهنا يأتي إدخال الإجراءات الوقائية في أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء بمثابة الخطوة التالية.
ووفقاً لدراسة موثوقة حول انتشار فيروس "كوفيد-19" في أحد المطاعم مع بداية الجائحة، تبين أن المسافة وزمن التواصل مع المريض صفر كان عامل الخطر. وظهر أن هذه العوامل ازدادت بسبب سوء أجهزة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء وتصميمها منخفض الكفاءة، وجمعها بين وحدات تكييف الهواء ذات التنقية السيئة وغياب التهوية الخارجية، مما أدى إلى تدوير الهواء حول الموجودين في المطعم، الأمر الذي زاد احتمالية الإصابة. وبذلك تؤكد الدراسة على أهمية الإعداد والتشغيل المناسب لأجهزة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء – لاسيما للمساعدة في القضاء على فيروس كورونا المستجد وتقليل أي زيادة محتملة في استهلاك الطاقة.
وهناك حالياً إرشادات صادرة عن هيئات عالمية ودولية رائدة مثل منظمة الصحة العالمية، والمعهد المعتمد لمهندسي خدمات البناء، والجمعية الأمريكية لمهندسي التبريد والتدفئة وتكييف الهواء حول كيفية تقليل انتشار فيروس كورونا عبر تحديد السبل الأمثل لتشغيل أجهزة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء. وبالإضافة إلى المراقبة، هناك أربعة مكونات رئيسية ينبغي مراعاتها مثل: دخول وخروج الهواء، و إعادة توزيعه ، والتنقية، والموازنة.
• دخول وخروج الهواء: تؤدي زيادة دخول الهواء النقي وخروجه من خلال العادم إلى تقليل خطر الإصابة بالفيروس في الأماكن المغلقة.
• إعادة توزيع الهواء: ينبغي تجنب ذلك بقدر الإمكان منعاً لانتشار الفيروس. ولضمان أفضل أداء ممكن، يجب فحص عجلات استرداد الحرارة بشكل مستمر للتحقق من أية تسريبات وضمان الأداء الأمثل في جميع الأوقات.
• الترشيح: ينبغي استخدام أضواء الأشعة فوق البنفسجية القادرة على الوقاية من دخول الفيروس المستجد إلى المبنى. ويوصى باستخدام فلاتر الهواء عالية كفاءة الجسيمات (HEPA).
• موازنة الهواء: ستحمي موازنة الهواء المناسبة من تسرب الفيروس من المناطق ذات الضغط الأدنى، على غرار انتقاله من غرف العزل إلى الغرف العادية .
من شأن تطبيق هذه الإرشادات أن يساعد في مكافحة تفشي الفيروس المستجد، إضافة إلى رفع معدلات استهلاك الطاقة الكهربائية، ومن هنا تأتي أهمية تحقيق التوازن بين كفاءة الطاقة وجودة الهواء الداخلي لكل من المكونات الأربعة.
وعلى سبيل المثال، يسهم نظام التدفئة والتهوية وتكييف الهواء الذكي في تقليص معدلات استهلاك الطاقة لأدنى المستويات عبر تقليل تدفق الهواء النقي عندما تكون الغرف خالية، وزيادة إدخال الهواء وإخراجه فقط عند تواجد الناس فيها. وتلعب هذه الأنظمة الذكية المتصلة بإنترنت الأشياء والمدعومة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة الأخرى دوراً مهماً في توفير الهواء الداخلي عالي الجودة الذي نحتاجه اليوم، كما يمكنها إدارة استهلاك الطاقة بعناية. ويمكن مراقبة الأنظمة المتصلة عبر لوحة المعلومات أو الهواتف الذكية، مما يتيح لمدراء المباني إمكانية التحكم الكامل في أي مكان وزمان. وعند تشغيل أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء بواسطة التكنولوجيا الذكية، سيكون النظام قادراً على المراقبة الذاتية من خلال جمع عوامل الأداء الرئيسية و تحليلها وبالتالي تنبيه مديري المباني قبل حدوث أية مشاكل. ويمكن لهذه الأنظمة توفير تقارير دورية أيضاً وتوقع الزيادات المحتملة في استهلاك الطاقة، مما يوفر صورة كاملة للمستخدمين دون الحاجة إلى الفحوصات الدورية اليدوية.
ويساعد التعاون مع خبراء "إنجي سوليوشينز " في مثل هذه الأوقات غير المسبوقة على إدارة نظام التدفئة والتهوية وتكييف الهواء بطريقة عالية الكفاءة وتسهم في الوقاية، و كذلك يساعد ذلك التعاون على إنشاء نظام مستدام وعالي الكفاءة في استهلاك الطاقة. ويمثل تشغيل نظام يعمل بكامل طاقته ويوفر أفضل جودة للهواء الداخلي مسؤولية وأولوية يتولاها ملاك المباني، فمن شأن تطبيق هذه الإجراءات بوجود تدابير فعالة للحفاظ على الطاقة أن يوفر مزايا إضافية يستفيد منها المستأجرون و الضيوف والطلاب والملاك على حد سواء. بالإضافة إلى فوائدها البيئية عبر تقليص استهلاك الطاقة، و سترسخ هذه التدابير تميز المبنى عن غيره.
وفي الختام، يتعين علينا إدراك أن كل مساهمة إيجابية في هذه الأوقات العصيبة، تساعد في التصدي لجائحة "كوفيد-19" وبالتالي تحافظ على صحتنا وحياتنا.
بقلم: د.باولو إزكويردو، مدير أول – تدقيق و استشارات الطاقة، إنجي سوليوشينز