رحلته تحولت من ترفيه لمأساة وانتهت ببطولة.. هكذا أسهم شاب سعودي في إغاثة منكوبي اليابان
بالرغم من تحول رحلته الترفيهية لليابان إلى مأساة بالتزامن مع ضرب إعصار “ماريا” المدمر البلاد، إلا أن هذه الكارثة الطبيعية لم تمنعه من قضاء وقته في بلاد الشمس المشرقة، ولكن بطريقة مختلفة؛ وذلك من خلال انضمامه للفرق التطوعية والجيش الياباني؛ للمساعدة في عمليات إخلاء المتضررين من الإعصار، والإسهام في عمليات الإغاثة، وتقديم يد المساعدة للمنكوبين، ومن تقطعت بهم السبل.
من رحلة إلى محنة!
دفعت المحنة التي لا تزال تمر بها اليابان، وتسببت في مقتل ما يقارب 200 شخص في أسوأ كارثة مناخية تتعرض لها البلاد منذ 36 عاماً، الشاب السعودي جاسم الملا، الذي يعشق التصوير ويهواه إلى تغيير وجهته وهدف رحلته من ترفيهي إلى إنساني، وبدلاً من تصوير المناظر الخلابة التي تتمتع بها اليابان، تحول الأمر إلى المساعدة في الإغاثة؛ وعن ذلك يقول “الملا” لـ”سبق”: “وصلت اليابان يوم 7 يوليو؛ بغرض الترفيه والتصوير، وشاء الله أن يضرب البلاد إعصار في نفس يوم وصولي، مما أدى إلى إلغاء جميع الرحلات الجوية، ومنها رحلتي إلى هيروشيما”.
ويضيف: “كنت أتحدث مع أصدقائي اليابانيين عن الكارثة التي ألمّت بهم، وما زالت أصداؤها مستمرة، فذكروا لي أنهم يريدون متطوعين؛ للمساعدة في عمليات الإغاثة والإخلاء، فطلبت من أحدهم التواصل مع الجهات المختصة؛ لتسجيل اسمي مع المتطوعين، وقد كان”.
الشاب الذي بلغ 40 ربيعاً من عمره لم يهب الاختبار الصعب الذي أوقعته فيه الأقدار، والدمار الذي خلفته الأمطار والفيضانات من حوله، فعلى الرغم من كونه في بلدٍ غريب يواجه كارثة لم تشهد لها البلاد –التي تشتهر بالكوارث الطبيعية- مثيلاً منذ 36 عاماً، إلا أن دوافعه النبيلة كانت محفزه ومحركه، وهي دوافع استمدها من دين الإسلام، والرغبة في رفعة الوطن وذكر اسم السعودية بالخير، فضلاً عن المحرك الإنساني، ومساعدة أناس في أشد الحاجة إلى يدٍ قوية تجذبهم إلى بر الأمان.
بداية القصة
ومن هنا بدأت قصة “الملا”.. ويسرد مستكملاً أحداثها: “بعد تسجيل اسمي، أخبروني بالاستعداد للسفر مع الفريق، وكانت نقطه اللقاء عند hall city في مدينة فوكوياما التي تبعد عن أكبر منطقة تأثرت بالإعصار بنحو ٣٠ كم”.
ويتابع: “وانطلقنا بالباصات إلى المنطقة المنكوبة، وعلى الفور انضممنا للجيش الياباني، وكانت مهمتنا هي مساعدة الناس في منازلهم مثل نقل كبار السن من مكان لآخر، أو نقل الأثاث المتضرر، وإخراج الطين من المنازل الذي بلغ ارتفاعه قرابة مترين”.
ولفت البطل السعودي إلى أنها ليست المرة الأولى التي يشارك فيها في النشاطات الاجتماعية والتطوعية: “كنت أحد افراد الفريق التطوعي بشركة التصنيع الوطني التي أعمل بها، وقمت بعدة أعمال تطوعية داخل المملكة، ولكن تظل تلك المشاركة هي الأولى لي دولياً خارج حدود السعودية”.
انبهار اليابانيين
وجود شخص بملامح عربية “غير آسيوية” كان محط فضول اليابانيين وانبهارهم، والكثير من المتطوعين، وقادة الفرق التطوعية، وفقاً لما ذكره “الملا”، ودعتهم لسؤاله من أي بلد أنت؟ وما هي دوافعك؟ فكان يجيب: “أنا من السعودية.. وما أفعله هنا من ضمن تعاليم إسلامنا الحنيف، وتوجيه قادتنا في المملكة بقيادة الملك سلمان وولي عهده حفظهما الله”.
ويردف: “كنت أحد المتطوعين من بين ٤٠٠ شخص تقريباً، وكنت أنا الوحيد من بينهم غير الياباني؛ بسبب وجودي بمدينة يندر قدوم السياح لها”.
وهو ما دفع اليابانيون إلى إطلاق اسم السعودية على الفريق التطوعي الذي انضم إليه جاسم، وفي نهاية اليوم وأمام جميع المتطوعين تم استدعاؤه وتكريمه للمشاركة، وتقديراً منهم بتركه السياحة والاستمتاع بالوقت ومساعدة الشعب الياباني في محنته، وهو ما زاده شرف وفخر، على حد تعبيره.
ويختتم “جاسم” حديثه باسماً مملوءاً بالفخر والاعتزاز: “إنه شعور جميل حين تمثل اسم المملكة والإسلام بمثل هذه المواقف.. شعور لا يوصف”.