زيارة سرية إلى منزل أخطر رجل على “بشار” بعدما هرب وبحوزته ٥٣ ألف صورة.. فماذا وثّق؟
تمكّنت صحيفة “بيلد” الألمانية من إجراء حوار مع الرجل المعروف باسم “قيصر”، والذي يحمل الآن اسم “سامي”، ويبلغ من العمر 51 عاماً، ويعيش منذ خمس سنوات في مكان ما في أوروبا، ضمن قرية لا يتجاوز عدد سكانها 20 ألف نسمة؛ حيث قام “سامي” في 2013، بتهريب 53.275 صورة من سوريا، تحتوي هذه الصور على ما يقرب من 11 ألف شخص، عُذبوا حتى الموت.
وتشير الصحيفة إلى أن الكمبيوتر المحمول الخاص بـ”قيصر” يحتوي على دلائل صادمة تدين بشار الأسد وأتباعه، حيث احتوت الصور على أشخاص تم سلخ بشرتهم، واقتلاع أعينهم من أماكنها، وتم تهشيم أسنانهم وأفواههم، مع بتر للأطراف.
شاهد رئيس
وبحسب “أورينت نيوز” فإنه في حال تم توجيه تهم لـ”بشار” في محكمة العدل الدولية يوماً ما، فإن الأدلة التي قدّمها سامي “قيصر” هي ما سينهي مصير “بشار”، كما تشير الصحيفة إلى أن “سامي” يعدّ الشاهد الرئيسي على هذه الفظائع، لذلك يخضع لبرنامج حماية خاص مقدم من الاتحاد الأوروبي.
زيارة إلى منزله
الصحيفة التي زارت “سامي” في منزله تشير إلى اسمه العربي الذي عُلّق على باب المنزل، فبلهجة واثقة استقبل “سامي” الصحيفة، التي لم تصرح عن مكان المنزل ولا مواصفاته؛ حفاظاً على سلامته، كما نوّهت إلى عدم تمكنها من نشر صور لأثاث المنزل، أو تقديم أي تلميحات عنه؛ لأن أصغر التفاصيل يمكن أن تكشف مكانه لمخابرات النظام السوري؛ حيث فسر “سامي” الأمر قائلاً: “لا يعلم أحد قصتي باستثناء عائلتي”، بما في ذلك جيرانه وأصدقاؤه.
يبدو “سامي”، بحسب الصحيفة، متوسط الطول، نحيلاً بعض الشيء، وقد بدأت عليه علامات الصلع، فلا شيء غير عادي لرجل في سنه، وفي منزله، لم يوجد إلا الصحفي الذي أجرى الحوار دون مصور ودون مترجم أيضاً.
عملاء بشار السريون
ويخشى “سامي”، بحسب الصحيفة، من التعرض للخيانة، ولإجراء الحوار الذي تم بالإنجليزية اتصل بأحد أصدقائه، حيث تمت الترجمة بينه وبين الصحفي عبر مكبرات الهاتف المحمول؛ حيث يقول “سامي” إنه أصبح أسير صوره: “أعرف عملاء الأسد السريين الذين يتجسّسون على المواطنين السوريين في أوروبا”.
صور الجرائم العسكرية
عمل كمصور عسكري لدى النظام، حيث كان يلتقط صوراً للجرائم والحوادث العسكرية؛ إلا أنه بعد انطلاق الثورة، في ربيع 2011، أخبره رؤساؤه بتصوير جثث السجناء الذين تعرضوا للتعذيب.
مخبأ داخل حذاء أو حزام
والتقط صوراً لطلاب احتجّوا على ما يبدو ضد “بشار”، الأمر الذي أصابه بالصدمة بحسب ما أخبر الصحيفة، إلا أنه خاطب نفسه قائلاً: “عليك الاستمرار، يجب جمع هذه الصور لإظهارها للعالم”، ولذلك قرر البقاء مع النظام، حيث قام سراً بنسخ الصور التي يلتقطها على ذاكرة “USB” وتهريبها إلى خارج غرف التعذيب في المشافي العسكرية مساءً، مخبئاً “USB” في حذائه أو ضمن حزامه، حيث يقوم بنقل الصور على حاسوبه الشخصي.
تفتيش منزله مرتين
قامت مخابرات النظام بتفتيش منزله مرتين، بحسب ما روت الصحيفة، ومصادرة معدات تقنية تشمل هواتف محمولة وأجهزة كمبيوتر؛ حيث خبّأ “سامي” الكمبيوتر الشخصي الذي يستخدمه من أجل حفظ الصور، مدركاً أن “جماعة الأسد يمكن أن يأتوا في أي وقت”؛ حيث فسر الأمر بخشيته قائلاً: “أن ينتهي بي الأمر مثل الناس –الذين أراهم- في الصور”.
بحسب الصحيفة، فقد تم القبض على اثنين من أبناء عم “سامي”، أحدهما مات في السجن، بينما لا يزال مصير الآخر مجهولاً حتى يومنا هذا.
أطفالي سيفهمون
يعيش “سامي” مع زوجته وأولاده في وطنه الجديد، ويمضي معظم وقته في المنزل، بحسب ما تروي الصحيفة التي قالت إنه يستعين بالمشي لمسافات طويلة وبالقصائد لتهدئة روحه؛ حيث يعلل أفعاله بأنها بسبب أطفاله، قائلاً: “ربما يكبر أطفالي بدوني. إلا أنهم سيفهمون يوماً ما أني كنت مضطراً للقيام بذلك؛ لمساعدة الأطفال الذي تم قتل أهاليهم”.
وجوه بلا عيون تتوسل
ويحلم “سامي” بالعودة إلى سوريا سالماً، بعد أن تتحقق العدالة للضحايا “وجوههم التي بلا عيون ما زالت تحدق بي في الليل، وتتوسل إليّ لتحقيق العقاب”.
رحلة هربه وأسرته
في 2013 هرّب “سامي” قرصاً صلباً يحتوي على الصور عبر وسطاء، ثم غادر البلاد بنفسه؛ حيث يرفض الخوض بالتفاصيل؛ لأنها “ستعرّض حياة الناس في سوريا للخطر”، فيما قامت مجموعات من الثوار بمساعدة باقي أفراد العائلة للخروج من سوريا؛ حيث استغرقت الرحلة إلى أوروبا بحسب الصحيفة أكثر من شهر.
زاوية مظلمة في غرفة
ما زال “سامي” ينظر إلى هذه الصور في زاوية مظلمة في غرفة المعيشة، غير متأثر على ما يبدو بفظاعة ما يراه، حيث تصف الصحيفة بعض المشاهد التي تحتوي على جروح للحم مفتوح وكأنها عضة سمكة قرش قد مزقت نصف الفخذ، ووجه ذو خد مقطوع، وأسنان تظهر مكشوفة بلا لثة.
المذبحة مستمرة
وعبّر “سامي” عن خيبة أمله، فالصور موجودة في كل مكان إلا أنه “لا شيء يحدث، لا تزال المذبحة مستمرة في سوريا”، وأضاف قائلاً للصحيفة التي رأته محبطاً بسبب تحول مثاليته إلى مرارة: “لقد خذلتنا الإنسانية”.