الأوضاع الجيوسياسية تبطيء الاكتتابات في الشرق الأوسط
أشارت “بيكر مكنزي” إلى تباطؤ نشاط الاكتتاب العام الكلي وهي الصفقات المحلية والعابرة للحدود في الشرق الأوسط منذ بداية العام الجاري، حيث بلغت قيمة صفقات جمع رأس المال 263 مليون دولار منخفضة بـ 70% مقارنة بالعام الماضي ناتجة عن إنجاز 6 عمليات للاكتتاب في النصف الأول من عام 2018، وذلك مقارنة بمبلغ 872 مليون دولار أمريكي ناتجاً عن إبرام 13 صفقة في النصف الأول من 2017 ومبلغ 639 مليون دولار أمريكي ناتجاً عن 3 صفقات تم إبرامها في النصف الأول من عام 2016.
وارتفع إجمالي عدد الشركات المدرجة في الشرق الأوسط في 2017 إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، مدعوماً بالتحسن العام في أوضاع السوق وثقة المستثمرين في المنطقة، وعلى الرغم من الانطلاقة البطيئة للنصف الأول من العام الجاري فمن المتوقع أن يرتفع نشاط الاكتتاب العام في النصف الثاني من العام نتيجة حملة الخصخصة التي تشهدها المنطقة والتي ستؤدي إلى إدراج الشركات الحكومية وشبه الحكومية في السوق.
وأضاف محمد الرشيد، أحد شركاء قسم أسواق رأس المال والدمج والشراء في مكتب “بيكر مكنزي” في المملكة العربية السعودية، بـأن عاى رغم أن عدد عمليات الاكتتاب الأولي خلال النصف الأول من هذا العام كان أقل من المتوقع، إلا أننا ما زلنا نعتقد أن هناك قابلية للزيادة، وقال :” يتضمن الطرح العام الأولي عددًا من المعاملات التي تهدف للوصول إلى السوق في وقت لاحق من هذا العام ، ومن المحتمل أن تمتد بعض هذه المعاملات إلى الربع الأول من العام المقبل”.
وبحسب “بيكر مكنزي”، فإن المخاوف السياسية وتقلبات السوق تسببت في تباطؤ سوق الاكتتاب العام في النصف الأول من 2018، ويرجع ذلك إلى انخفاض صفقات جمع رأس المال في منطقة آسيا المحيط الهادئ وأوروبا والشرق الأوسط ، وبلغ عدد الصفقات الجديدة المدرجة 676 صفقة حتى الآن في النصف الأول من العام الجاري، متراجعة بنسبة 19% مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.
كما انخفضت قيمة صفقات الاكتتاب العام المدرجة على النطاق العالمي بواقع 15% لتصل إلى 90 مليار دولار، فيما انخفضت صفقات جمع رأس المال في الشرق الأوسط بنسبة 70% مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.
وكان للمخاوف المتعلقة بالظروف الجيوسياسية، لا سيما السياسات الوقائية للرئيس الأمريكي ترامب، فضلاً عن تعثر مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وحالة عدم اليقين السياسي التي طال أمدها في إيطاليا أثراً واضحاً على اتجاهات وشهية المستثمرين وتسببت في تراجع عمليات الطرح العام عموماً، حيث ساهم الارتفاع الكبير في عمليات جمع رأس المال العابرة للحدود في كبرى أسواق رأس المال في أمريكا الشمالية في منح زخم هائل لهذه الصفقات، حيث أبدت جهات الإصدار الخارجية ارتياحاً ملفتاً لإدراج أسهمها في بورصات الولايات المتحدة على الرغم من التدابير الوقائية والتحفظية السائدة في أروقة صنع القرار في الولايات المتحدة، وأن عدد صفقات الطرح العام التي تقل قيمتها عن نصف مليار دولار أمريكي قد تم طرحها بنجاح في الولايات المتحدة.
وذكرت “بيكر مكنزي”بأن انخفاض حجم الصفقات الذي شهدته منطقة آسيا المحيط الهادئ وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا قد تم تعويضه جزئياً من خلال تحسن صفقات جمع رأس المال العابرة للحدود في أمريكا الشمالية وعمليات الإدراج المحلي الأعلى مستوى في أمريكا اللاتينية.
وفي ضوء ذلك، يأمل صانعو الصفقات في انخفاض مستوى حالات التذبذب وعدم اليقين السائدة في السوق خلال النصف الثاني حتى يتسنى لهم الحصول على المزيد من الصفقات، إذ إن العوامل الاقتصادية الأساسية لاتزال قوية مع عدم توقع حدوث انخفاض في الاقتصاد العالمي حتى 2020. .
وتراجع عدد الصفقات المبرمة في القطاع المالي، غير أن هذا القطاع سرعان ما استرد زخمه والعودة للصدارة كأكثر القطاعات نشاطاً من حيث قيمة وحجم الصفقات المسجلة في النصف الأول، وتم إبرام صفقات بقيمة 20,7 مليار دولار، وهي أقل بنسبة 33% مقارنة بالنصف الأول من عام 2017 برصيد 115 صفقة، بعد أن كانت 119 صفقة.
وكانت القطاعات الأخرى التي جمعت أكثر من 10 مليارات دولار في النصف الأول هي قطاع التكنولوجيا المتطورة والرعاية الصحية، كما شهدت عمليات الاكتتاب العام المدعومة بأسهم الملكية الخاصة ورأس المال الاستثماري انخفاضاً بنسبة 46% من حيث الحجم و 13% من حيث القيمة، بالإضافة إلى فقدانها حصة من الطرح العام الكلي.