فندوا مخالفة “تقويم مكة”.. فلكيون: رؤية هلال رمضان اليوم مستحيلة.. لا داعي للتحري
في الوقت الذي ستتحرى معظم الدول الإسلامية هلال شهر رمضان، اليوم الثلاثاء 15 مايو، وهو اليوم الذي سيغيب فيه القمر قبل أو مع الشمس في معظم الدول الإسلامية وفقاً لحسابات الفلكيين، مما يجعل رؤية هلال رمضان اليوم مستحيلة من هذه المناطق، وعليه بالنسبة للدول التي تشترط رؤية الهلال لبداية الشهر فإنه من المفترض أن يكون يوم الأربعاء 16 مايو هو المكمل لشهر شعبان، ويكون يوم الخميس 17 مايو أول أيام شهر رمضان المبارك.
وقد دعت المحكمة العليا عموم المسلمين في أنحاء المملكة إلى تحرّي رؤية هلال شهر رمضان المبارك، مساء اليوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر شعبان 1439هـ، وإبلاغ أقرب محكمة ممَّن يراه بالعين المجردة أو بواسطة المناظير.
وترجو المحكمة العليا ممَّن يراه بالعين المجردة أو بواسطة المناظير إبلاغ أقرب محكمة إليه، وتسجيل شهادته لديها أو الاتصال بأقرب مركز لمساعدته على الوصول إلى أقرب محكمة كما تأمل ممَّن لديه القدرة على الترائي الاهتمام بالأمر، والانضمام إلى اللجان المشكّلة في المناطق لهذا الغرض، واحتساب الأجر والثواب بالمشاركة فيه؛ لما فيه من التعاون على البر والتقوى، والنفع المتعدي لعموم المسلمين.
وقد أكد الباحث في الطقس والمناخ، عضو لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة في المملكة، عبدالعزيز الحصيني، أن الحسابات الفلكية تتوقع شعبان لهذا العام 1439هـ كاملاً ٣٠ يوماً.
وقال “الحصيني”: “سيبدأ شهر رمضان يوم الخميس 17 مايو لسنة 2018، والحسابات الفلكية تقول بأن شهر رمضان لهذا العام سيكون ناقصاً 29 يوماً”، وأن المحكمة العليا هيَ من تؤكد أو تنفي ذلك.
في حين أكّد مدير مركز الفلك الدولي المهندس محمد شوكت عودة؛ أنّ الفقهاء والفلكيين يرون أنه لا داعي لتحرّي الهلال بعد غروب شمس اليوم الثلاثاء من المناطق التي يغيب فيها القمر قبل الشمس؛ لأن القمر غير موجود في السماء وقتئذٍ، وعليه فإن رؤية الهلال مستحيلة اليوم استحالة قاطعة من تلك المناطق، وهذا معروف مسبقاً من خلال الحسابات العلمية القطعية.
وأوضح: “كانت إحدى توصيات مؤتمر الإمارات الفلكي الثاني الذي حضره فقهاء ومتخذو قرار من عديد من الدول الإسلامية ما نصّه: “إذا قرّر علم الفلك أن الاقتران لا يحدث قبل غروب الشمس أو أن القمر يغرب قبل الشمس في اليوم التاسع والعشرين من الشهر فلا يدعى لتحرّي الهلال”، وأقرّ الفقهاء أن لا تعارض بين هذه التوصية وبين سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتحرّي الهلال، إذ إن هذه التوصية متعلقة فقط بالحالات التي نعلم فيها مسبقاً أن القمر غير موجود في السماء بناءً على معطيات قطعية، ومن الفقهاء الذين دعوا إلى مثل هذه التوصية حتى قبل انعقاد المؤتمر عبدالله بن منيع؛ عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ومستشار الديوان الملكي، إضافة إلى أن هذه التوصية معتمدة بطبيعة الحال في بعض الدول الإسلامية التي تعتمد رؤية الهلال أساساً لبدء الشهر الهجري”.
وفصّل مدير مركز الفلك الدولي، تلك المتابعات الفلكية لتلك الحالة، مؤكداً أن رؤية الهلال اليوم الثلاثاء 15 مايو مستحيلة من جميع المناطق الشمالية من العالم وبعض المناطق الوسطى، وهذا يشمل قارات أوروبا وأستراليا وآسيا، ومن الدول العربية يشمل العراق وبلاد الشام والجزيرة العربية، وذلك بسبب غروب القمر قبل أو مع غروب الشمس، أما ما تبقى من مناطق العالم الإسلامي، فإن رؤية هلال شهر رمضان منها اليوم الثلاثاء غير ممكنة إطلاقاً بسبب غروب القمر بعد الشمس بدقائق معدودة لا تسمح برؤية الهلال حتى باستخدام أكبر التلسكوبات الفلكيّة.
وأوردَ “عودة” مواعيد غروب القمر والشمس اليوم الثلاثاء، علماً بأن موعد غروب القمر قد تم حسابه للحافة السفلى من قرص القمر وليس الحافة العليا، وقال: “القمر اليوم الثلاثاء سيغيب قبل غروب الشمس بخمس دقائق في بغداد، وقبل الشمس بأربع دقائق في كل من الكويت ومسقط وبيروت ودمشق، وقبل الشمس بثلاث دقائق في كل من الدوحة والمنامة وأبوظبي وعمّان والقدس، وقبل الشمس بدقيقتين في الرياض، وقبل الشمس بدقيقة واحدة في القاهرة، وسيغرب القمر مع الشمس في تونس، وسيغرب القمر بعد الشمس بدقيقة واحدة في كل من مكة المكرمة وطرابلس والجزائر، وسيغرب القمر بعد الشمس بدقيقتين في صنعاء، وسيغرب بعد الشمس بأربع دقائق في الخرطوم والرباط. ورؤية الهلال في جميع هذه المناطق السابقة هي ما بين مستحيلة وغير ممكنة حتى باستخدام التلسكوب الفلكي”.
يشار إلى أن أقلّ مكثٍ للهلال في التاريخ أمكن معه رؤيته بالعين المجردة هو 29 دقيقة، وأن مواعيد غروب القمر هذه هي للحافة السفلى للقمر وليس العليا، وتمّ اعتماد الحافة السفلى لأنها الأهم في رصد الهلال؛ حيث إن الهلال يوجد كله أو معظمه عند الحافة السفلى للقمر، في حين تكون الحافة العليا مظلمة.
كما أكد المشرف العام على جمعية “آفاق” لعلوم الفضاء، الدكتور شرف السفياني، أن ظاهرة الاقتران الفلكي أو ما يسمى “الاستسرار”، ستحدث اليوم الثلاثاء 15 مايو 2018 الموافق 29 شعبان 1439هـ، في الساعة 02:49م بتوقيت السعودية.
وقال “السفياني”: “الظاهرة تتضمن انتظام الأجرام الثلاثة (الشمس، والقمر، والأرض)، على خط سمت واحد، والسمت قريب من الاستقامة، وهي المرحلة التي تسبق ولادة الهلال بلحظات”.
وأضاف: “المعايير الفلكية لهلال رمضان لهذا العام وحسب أفق مكة المكرمة؛ ستكون كالتالي: ولادة الهلال الساعة: 02:49م، وغروب الشمس الساعة: 06:52م، وغروب الهلال: 06:54م، وفترة مكث الهلال: دقيقتان، وزاوية الاستطالة خمس دجات، وعمر الهلال: أربع ساعات وخمس دقائق، وإضاءة سطح الهلال 0.01% من إضاءة القمر البدر، ونوع الهلال جنوبي قرناه نحو الجنوب وموقعه جنوب الشمس”.
وأردف: “بناءً على هذه الحسابات الفلكية الدقيقة والقطعية وغير القابلة للشك أو الظن؛ يتضح لنا أن رؤية الهلال بالعين أو من خلال التلسكوبات؛ غير متاحة في جميع بلدان الوطن العربي لعدة أسباب؛ منها قرب الهلال من وهج الشمس الذي سيحجب بكل تأكيد ضوء الهلال الضعيف جداً”.
وتابع: “الملوثات والعوالق الجوية ستخلق طبقة عازلة لضوء الهلال؛ لكنها ستختلف من منطقة إلى أخرى، كما أن فترة مكث الهلال دقيقتان، وتعَد يسيرة جداً لا تساعد أبداً على مشاهدة الهلال، ومقدار إضاءة الهلال لم تصل إلى 1% من إضاءة القمر البدر؛ وبالتالي لن يكون للهلال ضوء كافٍ لمشاهدته.
وقال “السفياني”: “كل هذه الأسباب تجعل من إمكانية رؤية الهلال اليوم الثلاثاء 15 مايو أمراً صعباً وغير متاح؛ سواءً بالعين أو بالتلسكوبات الحديثة، وعليه فمن المتوقع أن يكون غداً الأربعاء 16 مايو هو المتمم لشهر شعبان، والخميس 17 مايو 2018م هو أول أيام شهر رمضان المبارك لهذا العام 1439هـ”.
واستعرض الباحث الفلكي، عضو الاتحاد العربي لعلوم الفلك والفضاء، ملهم بن محمد هندي، عبر “سبق”، الأرقام الفلكية لإمكانية الرؤية حول هلال شهر رمضان المبارك، هذا العام والتي من خلالها تتضح إمكانية الرؤية من عدمها.
وقال “هندي”: “رؤية الهلال تتطلب وجود شروط توفرها لتكون الرؤية ممكنة (الولادة قبل الغروب، ومكث بعد الغروب، وعمر كاف) واختلال شرط من هذه الشروط يجعل الرؤية غير ممكنة ومستحيلة في أحيان، فيولد هلال رمضان بإذن الله اليوم الثلاثاء 29 شعبان الساعة 2:48 ظهراً بتوقيت مكة المكرمة وهي لحظة عالمية، وأما مكث الهلال فإنه يختلف من منطقة لمنطقة حسب خط طولها وعرضها”.
وأضاف: “ولأن هلال رمضان يماني (جنوب الشمس) فكلما اتجهنا إلى الجنوب الغربي زاد مكث الهلال فوق الأفق بعد غروب الشمس”، مبيناً أنَ عمر الهلال يزيد كلما اتجهنا غرباً، فمكث الهلال فوق الأفق لحظة غروب الشمس يختلف بين مناطق المملكة من شرقها إلى غربها، فيغرب الهلال قبل الشمس في الشرقية بثلاث دقائق، ويغرب في الوسطى قبل الشمس بحدود دقيقة، وهذا يعني أن لا وجود للهلال في السماء بعد غروب الشمس في الوسطى ولا الشرقية، بينما في الغربية يغرب القمر بعد الشمس بحدود دقيقتين وفي الجنوبية بحدود ثلاث دقائق”.
وتابع: “معنى غروب القمر بعد الشمس من دقيقة إلى أربع دقائق أن لحظة غروب الشمس يكون الهلال ملامساً للأفق، وهذا يستحيل رؤيته بالعين المجردة وحتى بالتلسكوب، عوضاً عن غروبه قبل الشمس”.
وأردف: “وفق معطيات الحسابات الفلكية لإمكانية الرؤية نجد أنها لا تعطي فرصة ممكنة في مناطق المملكة العربية السعودية لرؤية الهلال في ليلة الترائي مساء اليوم الثلاثاء وعليه ستتم المملكة شعبان 30 يوماً عملاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم: “صوموا لرؤيته، فإن غمَّ عليكم أتموا الشهر ثلاثين”، وعليه تكون غرة شهر رمضان هذا العام الخميس بإذن الله، ولأن المملكة حباها الله مكانةً خاصة لدى المسلمين فيتوقع أن تتبعها جل الدول الإسلامية ما عدا من يعتمد على معايير مختلفة لدخول الشهر الكريم”.
أما عن تقويم أم القرى الذي سيخالف بداية الصيام فقال: “التقويم وضع لتنظيم الحياة المدنية ولا يعتمد عليه في أمور العبادات، وتم وضع معايير له لا يشترط فيها الرؤية، بل يعتمد على الحساب فقط، فيكفيه الولادة قبل غروب الشمس والمكث فوق أفق مكة فقط”.