المحلية

ذكرها الرحالة الأوروبيون وتغنى بها الشعراء.. قصة “حلوة الجوف” الرمز والثروة

تعد تمرة “حلوة الجوف” أحد الرموز التي يتفاخر بها أهالي منطقة الجوف, وارتبط ذكر المنطقة بها منذ مئات الأعوام وتسمى الجوف “أرض الحلوتين” ويقصد بها الماء والتمر؛ حيث لا يكاد تخلو المذكرات التاريخية من ذكر حلوة الجوف وامتداح مذاقها وشكلها، وتواردت قصائد أبناء المنطقة منذ سنوات يتغنون بحلوة الجوف ويعدونها أحد رموز الكرم والعطاء.

وتمثل “حلوة الجوف” الأشهر بين تمور المنطقة والأكثر رواجاً، إذ يبلغ ثروة نخيل الجوف حوالي 1.2 مليون نخلة، تشكل الحلوة الجزء الأكبر منه والأكثر إنتاجاً؛ حيث تعد رافداً مهماً في اقتصاد منطقة الجوف والتسويق التجاري لسوق التمور، وأبرز ما يعرض في مهرجان تمور الجوف الذي تنظمه بلدية دومة الجندل في الوقت الحالي بمدينة التمور بالمحافظة ويستمر حتى الرابع من شعبان، يعرض فيه 60 مزارعاً أكثر من 45 طناً من التمور أغلبها من حلوة الجوف .

“المجرشة” و”البكيلة”

وتتميز “حلوة الجوف” بمذاقها الرائع؛ حيث إنها من أفضل التمور وأجودها بعد مرحلة الكنز والحشو، إذ تصبح “مجرشة” أو “مدبسة”, كما يسميها سكان المنطقة، ويفضل الأهالي “المنقد” والذي يكون فيه نصف التمرة ناضجًا والآخر غير مكتمل النضوج والمعروف بالبسر، كما تدخل الحلوة في العديد من الصناعات ومن أشهرها “البكيلة” التي تمزج فيها نبتة السمح مع الحلوة, بالإضافة للسمن أو زيت الزيتون، وتدخل الحلوة أيضاً في الصناعات الغذائية الأخرى مثل الحلويات ومعمول التمر والدبس الذي يعد في المصانع أو بأيدي الأسر المنتجة التي تتواجد في المهرجان.

كما أن هناك صفات للحلوة تختلف عن غيرها من التمور، فهي تحتاج لحد معين من الماء أثناء سقي نخيلها طبقًا لارتفاعها عن الأرض وعدد من العوامل الأخرى كالفصل والمناخ وغيره، كما أن لها طرقاً مختلفة في مرحلة الكنز والتخزين قبل تقديمها وبيعها, وعن الفوائد الصحية فإن حلوة الجوف من أسهل التمور هضماً، كما تحتوي على العديد من الفيتامينات الطبيعية التي يحتاجها جسم الإنسان.

رمز وأشعار

وتعد “حلوة الجوف” رمز للكرم والضيافة؛ حيث تغنى بها العديد من الشعراء بقصائدهم، ومن أشهرها أبيات للشاعر عابد الجلال – رحمه الله – نذكر منها:

لي جالك اللي يشتهون التعاليل … من حلوة الجوبة نقلط قدوعه

حلوة هل الجوبه نماها هو الكيل … يطرب نماها في عوالي فروعه

أحلى من الشهد المصفى محاليل … لا ذاقها الجيعان يضيع جوعه

ويتفق أهالي منطقة الجوف أن “حلوة الجوف” كانت, وما زالت رمزًا للكرم ومصدرًا للرزق، فمنذ مئات السنوات والجوفيون يعشقون ويتغنون بها, وأوضح العم “ناصر مرشد العرجان” أن أهل منطقة الجوف عامة ومحافظة دومة الجندل خاصة عاشوا على التمور منذ القدم, واشتهرت المنطقة في صنف حلوة الجوف ويوجد قديما العيون والمزارع “الحوط” والآبار وكانت “حلوة الجوف” رمز للعطاء و البذل والكرم وترتبط بأهل الجوف ولها من الذكريات والقصص الكثيرة التي تعكس جود النخيل وتعكس كرم أهل الجوف .

القرآن و18 عنصراً

ويقول العم “خلف نومان الحسن” إن النخلة شجرةٌ عظيمة ومباركه قال الله فيها سبحانه وتعالى: “والنخل باسقاتٍ لها طلعٌ نضيد رزقاً للعباد” ولم يذكر الله سبحانه وتعالى أي نبات أنه رزق، إلا النخلة ، وثبت التحليل المخبري مؤخرًا أن عناصر الإنسان 18 عنصراً وعناصر النخله 18 عنصراً, ويضيف “الحسن” أن منطقة الجوف مشهورةٌ بالنخيل منذ القدم فعاش أهلها على التمر وستبقى النخلة مكرمة بإذن الله إلى أن تقوم الساعة, والنخل أصناف كثيرة منها: حلوة الجوف، الحسينية، الشقراء، البويضاء، المسيحية سائلين الله التوفيق لمهرجان تمور الجوف الخامس.

“بيتٌ لا تمر فيه جياعٌ أهله”

وقال المزارع “طارق الفارس السرحاني”، إن التمر المكنوز لحلوة الجوف يعد من أفضل وأطيب وأزكى أنواع التمور بالوطن العربي, ولم يتغنَّ الشعراء قديماً وحديثاً إلا بها، كما أشاد بها سكان المناطق الأخرى رغم وجود أنواع كثيرة من التمور لديهم, وما يميزها عن باقي الأنواع بالإضافة لطعمها اللذيذ كونها تؤكل بسراً ورطباً وتمراً, وكانت الحلوة في الماضي هي الأمن الغذائي لأهل المنطقة ومصدر رزقهم وطعامهم ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “بيتٌ لا تمر فيه جياعٌ أهله”.

متميزه في الوطن العربي

ويقول عضو المجلس البلدي “متعب الهديب” إن حلوة الجوف كانت وما زالت هي مصدراً من مصادر الرزق، وحلوة الجوف الجميلة بشكلها حلوة بمذاقها تغني بها الشعراء هي فاكهة صيفية ووجبة شتوية وتتميز حلوة الجوف عن باقي التمور بالوطن العربي أن إنتاجها السنوي للنخلة الواحدة يصل لما يقارب 200 كيلوجرام، وتعتبر حلوة الجوف من أجود التمور لصنع معمول التمر والحلوى، كونها تبقى طرية لمدة طويلة وأصبح عليها طلب بكميات كثيرة لمصانع المعمول.

وذكرها الرحالة الأوروبيون

ويضيف “الهديب” أن أجدادنا يتفاخرون بها باعتبار أنها رمز من رموز منطقة الجوف، فقد ذكرها المؤرخون والرحالة الأوروبيون الذين زاروا الجوف قبل مئات السنين, مشيراً إلى أنها فرصة لزوار منطقة الجوف لشراء حلوة الجوف من المهرجان لكون المزارعين أبدعوا في كنز التمور من النخلة مباشرة وحفظه في عبوات التسويق, التي من خلالها يستطيع المشتري الاحتفاظ بها لمدة طويلة؛ حيث إن إدارة المهرجان منعت في النسخة الخامسة لمهرجان التمور المنقولة من عبوات أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى