المجتمع

جهود الشيخ سليمان بن سحمان في الدعوة والإصلاح .

 

أكد الشيخ عبدالرحمن السحمان أن العلم والجهاد وجهان لرسالة واحدة، فكما كان أسلافه من آل سحمان روادًا في العلم الشرعي، كانوا أيضًا قادةً في الدفاع عن أوطانهم ومبادئهم. ومن بين هؤلاء البارزين، الشيخ سليمان بن سحمان الخثعمي العسيري النجدي (1266 – 1349هـ)، الذي جمع بين العلم والجهاد والإمارة والتعليم، ليصبح أحد الشخصيات المؤثرة في تاريخ الجزيرة العربية.

ينحدر الشيخ سليمان بن سحمان من آل عامر أحد بطون الفزع من قبيلة خثعم، وقد أكدت مصادر موثوقة، مثل الدكتور إبراهيم الفوزان، صحة هذا النسب. كما ذكر أن بني عمهم آل حيدان كانوا أمراء قرية تبالة، وأن الأسرة أصلها في بيشة.

وُلد الشيخ سليمان في قرية الحفياء بتبالة بين عامي 1228-1230هـ، وونشأ في أسرة قيادية حيث كان جده مصلح بن حمدان أميراً على تبالة خلال حكم الأمير عائض بن مرعي ( 1249_1273 ) وبعد وفاة جده مصلح خلفه تولى والده سحمان الامارة وأصبح قاضياً لقومه، وهو المنصب الذي جعله قريبًا من صنع القرار في المنطقة.

في عام 1262هـ، وبعد أن استولت القوات العثمانية على الحديدة والمخا، أصدر الأمير عائض بن مرعي أوامره إلى الشيخ سحمان بقيادة جيش من قبائل عسير لاستعادة الطائف. نجح الشيخ في دخول المدينة وطرد الأتراك، وبعد مفاوضات، تم الاتفاق على انسحاب العثمانيين من المخا والحديدة مقابل انسحاب قوات آل عائض من الطائف، وهو ما عزز مكانته القيادية.

بسبب كفاءته وحنكته السياسية، قرر الأمير عائض نقله إلى أبها ليتولى إدارة بيت المال ويشرف على تعليم أبناء الأسرة الحاكمة. خلال تلك الفترة، أسس مدارس لتحفيظ القرآن في أبها والسقاء، وكان له دور بارز في توزيع المال على الفقراء، مما أثار اعتراض البعض، إلا أن الأمير عائض دعمه وأيّده في قراراته.

مع تصاعد النفوذ العثماني في المنطقة، قرر الشيخ سحمان الهجرة إلى الرياض عام 1280هـ، حيث استقبله الإمام فيصل بن تركي والعلامة عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ بحفاوة. هناك، أسندت إليه مهمة تعليم أبناء آل الشيخ، حيث تولى التدريس في بيت المال بالقرب من مسجد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، وكان يحظى بمكانة علمية واجتماعية مرموقة.

ومع اشتداد الاضطرابات السياسية في نجد، قرر الشيخ سحمان الانتقال إلى الأفلاج، حيث استقبله أهلها بحفاوة، وأقام في بلدة العمار، وواصل تعليم القرآن ونشر العلم بين سكانها حتى وافته المنية، بعد حياة مليئة بالعطاء العلمي والدعوي.

ترك الشيخ سحمان إرثًا علميًا كبيرًا في مجاله، وكان شعاره الدائم حديث النبي ﷺ:
“خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه.”

🔵 المصادر
1. قلائد الجمان في بيان سير آل سحمان – عمر بن غرامة
2. ديوان الشيخ صالح بن سليمان بن سحمان
3. مشاهير علماء نجد – الشيخ عبدالرحمن آل الشيخ
4. تاريخ ابن سحمان (1266 – 1349هـ) – ط/ مكتبة الرشد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى