المحلية

“الغامدي”: نحتاج رؤية استراتيجية وبرامج مستدامة لتوفير حياة كريمة للأنشطة الريفية تضاهي المدن

 

طالَبَ الأكاديمي وخبير المياه بجامعة الملك فيصل سابقًا الدكتور محمد بن حامد الغامدي، بتوفير حياة كريمة للأنشطة الريفية لتضاهي الحياة في المدن؛ لافتًا إلى أن هذا سيتحقق برؤيا تحمل استراتيجية، تقود إلى خطط تضع برامج مستدامة العطاء والنجاح.

وأضاف الغامدي أن إحياء الأسرة الزراعية السعودية التي تمارس الزراعة كمهنة؛ جاء في وقته ودوره وأهميته الاستراتيجية، ويتطلب هذا تعليم أجيالها ما يحقق بقاءهم في نشاطهم الزراعي، وليس إعدادهم للعمل في قطاعات أخرى، وهذا ما ندعو له منذ عقود؛ خاصة وأن تمكين استدامة الأسر الزراعية سيحقق الأمن الغذائي المستدام.

وقال الدكتور الغامدي في حديثه “لـ”سبق”: كان رتم الهجرة من الريف بطيئًا حتى مرحلة الطفرة عام 1975م، ثم جاءت هجرة الشباب والرجال منه بشكل متعاظم؛ طفرةً لم يشهد لها التاريخ مثيلًا؛ حيث عمدت المملكة إلى اتخاذ ما يسهل حياة المهاجرين نحو المدن والمناطق الصناعية وفق خطط متقنة لاستيعابهم.

وأضاف أن الدولة -حفظها الله- تَبَنّت ابتعاث أبناء الريف بشكل مكثف لتدريبهم وتدريسهم، وإعدادهم لمرحلة التنمية التي قامت على برامج خطط تنمية شاملة، وكنت أحدهم، وقد بدأ التعليم في المناطق الريفية مبكرًا منذ عهد المؤسس رحمه الله، وكان التركيز يتعاظم لبناء العقل السعودي، تعلمنا وتدربنا خارج الوطن وداخله، وتم تسهيل حياة المهاجرين إلى المدن عبر القروض والإعانات المالية وفرص العمل المتنوعة.

وقال الدكتور الغامدي: استوعبت العقول السعودية كل جديد وحديث في زمن قياسي، وقد كان يطغى عليها ثبات الخبرات والانغلاق لأجيال دون تغيير؛ لافتًا إلى أن الرهان على الإنسان وقدراته وطاقاته لا يخسر، ومع طفرة التغيير ظلت جذوة الشهامة والنخوة والقيم الريفية حاضرة إلى يومنا هذا، نعم خسر الريف منهج حياته التراثية المتوارثة؛ لكن كسب أهله التعليم الأفضل، والمنزل الأفضل، والمهارات الأفضل، والمعرفة الأفضل.. أصبحت الحياة أفضل، وبشأن عظيم أهم وأشمل.

وأكد الدكتور “الغامدي” أن أهل الريف تخلصوا من حياة حضارة حياة الرمق الأخير، ومعاناتها وقسوتها، وكسب إنسانه نفسه وخرج إلى عالم رغد العيش، استوعب بجدارة معطياته في زمن قياسي، تفاعل مع التغيير، أجاد لعبة التوازن اجتماعيًّا، انخرط في بناء بيئته الريفية بمفهوم جديد، كما أن انتماءهم الريفي لم ينفصل بفعل التغيير الذي ساد؛ لكنهم وظفوا إمكانياتهم في بناء مناطقهم الريفية، جعلوها رسالة انتماء لتنمية خالدة لأجيالهم، ومع أسفاري وترددي على مناطقنا الريفية، أقف إعجابًا وتقديرًا لأهل هذا الريف، لم يتخلوا عنه، لم يتجاهلوه، استثمروا مدخراتهم على أديم أرضه، بيوتًا زاخرة بالرفاهية.

وعززت الدولة هذا التوجه البنّاء، بدعمهم بالكهرباء، وتعبيد الطرق الحديثة، وتوفير المياه، وتسهيل الأنظمة والقوانين، وتبنت كل المشاريع المساندة لنجاح هذا التوجه، وأصبح الريف مدنًا لحياة حديثة، كمثالٍ صرفت الدولة على الكهرباء وحدها أكثر من نصف تريليون ريال.

وقال: الآن هل بدأت مرحلة التصحيح إلى هجرة عكسية من المدن إلى الريف؟ وحتى يتحقق نجاحها لا بد من نشاط اقتصادي يدعمها نحو الثبات، بفعل أشبه بما حصل في هجرتهم الأولى خارج مناطقهم الريفية؛ لافتًا إلى أننا أمام أجيال تربت خارج الريف، يصعب عليها العيش في ريف لا يملك مقومات ما عاشوه وتربوا عليه؛ فالريف السعودي الحديث سيكون متعدد النشاطات، والتوازن بين استثمار نشاطاته المتاحة وفق خطط تنموية شاملة سيكتب نجاح الهجرة المعاكسة إلى الريف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى