معرض الرياض الدولي للكتاب يناقش إشكالات “الكتاب العربي والحضور العالمي”
في ندوة نظمها منتدى الجوائز العربية
كشف رئيس مجلس إدارة اتحاد الناشرين العرب الأستاذ محمد رشاد، أن معظم الكتاب العرب لا يقبلون بتدخل المحررين في نصوصهم، مما يعكس غياب الثقافة النقدية في الكتابة والنشر العربي، مشيرًا إلى أن المحرر في العالم الغربي يحظى بدور بارز في تطوير الأعمال الأدبية، حيث يكون جزءًا من العملية الإبداعية، فيما أوضح رئيس جمعية الكتاب والأدباء العمانية سابقًا الدكتور ناصر البدري، أن المحررين في دور النشر الغربية يُعدون نجومًا في حد ذاتهم، حيث يساهمون في صياغة النصوص بشكل يحقق تفاعلًا أكبر مع القارئ.
جاء ذلك في ندوة “الكتاب العربي والحضور العالمي” التي نظمها منتدى الجوائز العربية ضمن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب ٢٠٢٤م، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في جامعة الملك سعود تحت شعار “الرياض تقرأ”، وشارك فيها رئيس مجلس إدارة اتحاد الناشرين العرب الأستاذ محمد رشاد، ومؤسس ومدير دار عرب للنشر والترجمة، ورئيس جمعية الكتاب والأدباء العمانية سابقًا الدكتور ناصر البدري، والروائي طالب الرفاعي، وأدارها الروائي الأستاذ يوسف المحيميد.
وتحدث الأستاذ محمد رشاد، عن الدور الحيوي الذي يؤديه الناشر العربي في تعزيز الأدب العربي ونقله إلى اللغات الأخرى، مشيرًا إلى أن الناشرين العرب يواجهون تحديات متزايدة في بيع حقوق الكتب إلى دور نشر أجنبية، مما يقيد انتشار الأعمال الأدبية العربية.
وكانت الترجمة أحد المحاور الرئيسة التي تناولتها الندوة، حيث ناقش المشاركون اعتبار الترجمة جسرًا أساسيًّا لنقل الثقافة العربية إلى العالم، حيث أبرز الدكتور ناصر البدري أهمية إنشاء منصات تدعم الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى، مشيرًا إلى وجود بعض الجهات الرسمية التي تدعم الترجمة، لكنها لا تكفي لتلبية الحاجة.
واتفق المشاركون في الندوة على أن الكتاب العربي كثيرًا ما يُكتب دون مراعاة القارئ الغربي، مما يؤدي إلى عدم تفاعل الكتابة العربية مع الثقافات المختلفة، فيما أشار الأستاذ طالب الرفاعي إلى أن هناك كُتَّابًا عربًا يكتبون بلغة غير العربية، مما قد يؤدي إلى تعزيز حضور الأدب العربي في الأوساط العالمية.
وعن علاقة الجوائز العربية بالترجمة، تساءل المشاركون عن أسباب عدم اهتمام دور النشر الغربية بالجوائز العربية، وأكدوا على ضرورة أن تكون الجوائز الأدبية معروفة عالميًّا لجذب الناشرين العرب والأجانب على حد سواء، مشيرين إلى أن الجوائز الأدبية العربية غالبًا ما تفتقر إلى الاعتراف الدولي، مما يؤثر سلبًا في إمكانية ترجمة الأعمال الفائزة إلى لغات أخرى.
وتطرقت الندوة إلى تجارب دور نشر عربية تعمل على نشر الأعمال باللغتين العربية والإنجليزية، حيث تحدث الدكتور ناصر البدري عن تجربته في دار عرب للنشر والترجمة، إذ تتعامل الدار مع الأدب العربي والأدب المترجم بشكل منفصل، مؤكدًا على أن هذا النهج يساعد في تعزيز الحضور العربي في السوق الأدبية العالمية.
وتناولت الندوة الصعوبات والمعوقات التي تواجه الكتاب العرب في الوصول إلى القارئ العالمي، حيث أشار المشاركون إلى أن صورة العرب في الإعلام الغربي غالبًا ما تكون مشوهة، مما يجعل القارئ الغربي يتردد في قراءة الأدب العربي، كما تم التطرق إلى قضايا حقوق الملكية الفكرية والقرصنة، حيث يعاني الناشرون العرب من صعوبة حماية حقوقهم، مما يؤدي إلى تأثير سلبي في صناعة النشر.
وفي ختام الندوة اقترح المشاركون تعزيز التعاون بين دور النشر العربية ودور النشر الأجنبية لتعزيز التبادل الثقافي، إلى جانب أهمية تعزيز الحضور العربي في الساحة الأدبية العالمية، مشددين على أن التحديات المعقدة التي يواجهها الكتاب والناشرون العرب يمكن تجاوزها مع وجود إرادة جماعية وتعاون بين الجهات المختلفة.
في سياق متصل قال الأمين العام لمنتدى الجوائز العربية الدكتور عبدالعزيز السبيل: “إن منتدى الجوائز العربية كيان ثقافي أسس في العام 2018م بدعم كبير من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي تفضل بالموافقة على أن يكون صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل هو الرئيس الفخري لهذا المنتدى، وهناك ثلاثون جائزة تشارك في هذا المنتدى، والهدف منه أن تلتقي هذه الجوائز مع بعضها حتى تستفيد من خبراتنا، وبالتالي نقوي بعضنا بعضًا، لأن كل الإنتاج الثقافي في النهاية تستهدفه هذه الجوائز، فهي تسعى لدعم المنتج الثقافي بشكل عام.
وأضاف: “نحرص دومًا مع هيئة الأدب والنشر والترجمة وتحديدًا مع صديقنا الدكتور محمد حسن علوان أن يكون في كل عام هناك ندوة لمنتدى الجوائز العربية، وفي كل مرة موضوع مختلف يتناسب مع المرحلة التي نحن نعيشها، وموضوع هذا العام يناقش قضية الترجمة التي تعد مسألة مهمة جدًّا، تبحث غياب الكتاب العربي عن اللغات الأخرى هل هو بسبب الترجمة؟ هل هو بسبب أن دور النشر ليست على مستوى من حيث التوزيع؟ هل المادة المترجمة التي قد تصلح للترجمة لثقافة لا تصلح لثقافة أخرى؟”، مشددًا على أن هذه القضية التي تهم الكتّاب مكانها الحقيقي للنقاش هو معرض الكتاب.
يذكر أن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب يناقش موضوعات تبحث مختلف القضايا التي تهم المثقفين، ضمن برنامج متكامل يستمر حتى ٥ أكتوبر ٢٠٢٤م، حيث يعد المعرض أحد أهم وأكبر معارض الكتاب ونافذة النشر في الوطن العربي، ومنصة رائدة تعزز بناء وتطوير العلاقات الثقافية والفكرية على المستويات المحلية والعربية والعالمية.