عام

(أحداث فنزويلا.. وبُعد نظر قيادتنا)

إن العاقل مَن اتعظ بغيره.. هذه الحكمة تنطبق على واقع الحال لدينا في مملكتنا الحبيبة؛ إذ أثبتت الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الكبيرة التي تعيشها فنزويلا حاليًا مدى بُعد النظر لدى قيادتنا الرشيدة التي يقود دفة العمل فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – رعاهما الله -؛ إذ استدركا مدى خطورة اعتماد الدولة على النفط كمصدر اقتصادي واحد؛ فأطلقا رؤية السعودية 2030 التي تعتمد على تعدد مصادر الدخل، وتنوُّع الاقتصاد، واستنهاض همم الشباب، وفتح مجالات الابتداع والابتكار.. وهذا ما لم تدركه العديد من الدول الأخرى، ومن بينها فنزويلا؛ فعاشت في أزمة كبيرة. لقد كانت فنزويلا هذا البلد الغني بالنفط، وعضو منظمة “أوبك”، تعيش وضعًا اقتصاديًّا واجتماعيا مميزًا عند ارتفاع أسعار النفط عالميًّا، لكنها تدحرجت الآن إلى الدرك الأسفل بسبب تدهور الأحوال في مختلف النواحي؛ وذلك نسبة إلى اعتمادها بنسبة تفوق الـ95 في المئة على مصدر دخل واحد، هو النفط؛ فحدثت الكارثة التي ألقت بظلالها السيئة والشاحبة على مختلف فئات الشعب نتيجة لانخفاض أسعار النفط عالميًّا؛ وبالتالي ارتفع لديها التضخم بنسبة 700 في المئة، وارتفعت الأسعار بصورة فلكية؛ فأصبح المواطن الفنزويلي لا يستطيع توفير قوت يومه له ولأسرته؛ ونتيجة لذلك انفلت الأمن، وهجم المواطنون الجياع على الأسواق الكبرى نهبًا وسلبًا؛ ليتدخل الجيش في محاولة لإنقاذ الموقف.. لكن عندنا بالسعودية – والحمد الله – بفضل قيادتنا الرشيدة، ونظرتها الثاقبة، لم ولن نجعل الأمور تسوء إلى هذه الدرجة؛ وذلك نسبة للبدائل التي تتمتع بها السعودية، من احتياطي كبير من الذهب، وموارد أخرى حبانا بها المولى – عز وجل -، وفوق كل ذلك نمتلك عقولاً مستنيرة، ومتسلحة بالعلم والإيمان، تديرها قيادة واعية، تدرك تمامًا ماذا تريد، وكيف تدير دفة الأمور بحنكة وحكمة.

نعم، قد تكون هناك بعض القرارات الصعبة التي اتخذتها القيادة الرشيدة، ولكن العمليات الجراحية المؤلمة يتعافى بعدها جسد الإنسان.. فالاقتصاد السعودي كان في حاجة ماسة لبعض العمليات الجراحية؛ ليخرج متعافيًا من بعض العلل، ومن ذلك فرض ضريبة القيمة المضافة التي تضجر منها بعض المواطنين في البداية. علمًا بأنها مفروضة منذ فترة طويلة، وبنسب متفاوتة، في عدد كبير من الدول الأوروبية والآسيوية والإفريقية، ولكن – والحمد لله – المواطنون حين أدركوا أن ما تحصله الدولة من أموال نتيجة لهذا الضريبة سوف يعود عليهم من خلال الارتقاء بالخدمات، وتطوير بيئة القطاع العام، والبنية التحتية في مختلف المجالات، إضافة إلى أنها – أي ضريبة القيمة المضافة – تحقق تكافؤ الفرص بين مختلف المنتجات والخدمات الخاضعة لها، كما تساعد على توسيع قاعدة تحقيق العدالة الاجتماعية، إلى جانب تأمينها للموارد المالية اللازمة لتخفيض عجز الميزانيات.. أدرك بعدها المواطنون أن الدولة كانت محقة في السير في هذا الاتجاه، والرجوع للحق فضيلة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى