وزير الشؤون الاسلامية: فلسطين ليست قضية الشعب الفلسطيني وحده بل قضيتنا جميعاً
شارك معالي وزير الشؤون الاسلامية الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، في الاجتماع التاسع لأصحاب المعالي والسعادة الوزراء المسؤولين عن الشؤون الإسلامية والأوقاف بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي عقد في فندق شنجريلا بر الجصة بالعاصمة العُمانية مسقط اليوم الأربعاء حيث تم ــ خلال الاجتماع ــ دراسة الموضوعات المدرجة في جدول الأعمال.
وألقى معاليه كلمة نقل في بدايتها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظهم الله، ورحب فيها بأصحاب المعالي والسعادة الوزراء المسؤولين عن الشؤون الإسلامية والأوقاف بدول مجلس التعاون.
وأكد معاليه أن القضية الفلسطينية تمثل مكانة خاصه لدى حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ، وسمو سيدي ولي العهد محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس مجلس الوزراء ــ حفظه الله ــ، الذي أكد أن المملكة تعتبر استهداف المدنيين في غزة جريمة شنيعة واعتداء وحشيا، مؤكداً على ضرورة العمل على وقف العمليات العسكرية التي راح ضحيتها ألآف الأبرياء، ومطالبة سموه برفع الحصار واستعادة مسار السلام بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وتحقيق السلام العادل والشامل.
وبين معاليه أننا ونحن نعيش هذه الأيام الأحداث المأساوية على أرض فلسطين، فإنه من الثوابت الراسخة لدى مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ تأسيسه الوقوف مع الشعب الفلسطيني ونصرة قضاياه ورفض واستنكار السياسات والإجراءات العدائية ضده، وأن هذه القضية الحاضرة في ضمائر قادة دول المجلس ــ حفظهم الله ــ قضية محورية بالنسبة للمملكة العربية السعودية وسياستها في نصرة الشعب الفلسطيني ودعم حقوقه المشروعة ثابتة.
وأضاف إن فلسطين ليست قضية الشعب الفلسطيني وحده، بل هي قضيتنا جميعاً، وقضية الأمة العربية والإسلامية بل والإنسانية جمعاء، والواجب علينا أن نجعل هذه القضية حاضرة في الوعي وفي خطابنا الديني، مع توعية الشباب بأن لا يدفعهم الحماس لاتخاذ أراء فردية شاذة بعيدة عن الموقف الرسمي لحكوماتهم، لأن ولاة الأمور ــ حفظهم الله ــ أدرى بمعالجة هذه القضايا ومعرفة أسبابها ومآلاتها، وفي ذلك تفويت للفرصة على الأعداء والمتربصين.
وأشار معاليه إلى موضوعات الاجتماع التي يأتي في مقدمتها موضوع حماية القيم الدينية والأخلاقية والأسرية في المجتمعات الخليجية، مبيناً بأنه موضوع بالغ الأهمية: فالقيم عماد حياة الناس بها ينتظم أمرهم وتستقيم حياتهم، والدين الإسلامي مصدر هذه القيم التي جاءت في القرآن الكريم وجاء بها رسولنا صلى الله عليه وسلم القائل: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) والذي وصفه ربه تبارك وتعالى بأعظم وصف فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم) إن الحفاظ على القيم وتعزيزها كفيل بحفظ المجتمعات ورفعة شأنها، وتماسك دولها وأفرادها والعيش في سلام ووئام، وإذا تجردت المجتمعات الإنسانية من قيمها وانهارت أخلاقها، فهي بذلك تحمل أسباب موتها وفنائها.
وأضاف معاليه أنه في هذا العصر، عصر التطور التقني، الذي سقطت فيه الحواجز بين الدول والمجتمعات لابد أن نعترف أن الأمور تسير في محاولة إبعاد الفرد والمجتمع عن دينه وقيمه، ابتداءً من الانبهار بالتطور التقني في وسائل التواصل والتجاوب معه دون وجود وعي كامل ورصيد قيمي وسلوكي، يضبط به الفرد مسار حياته، إضافة إلى وجود تيارات ودعوات مختلفة عبر هذه التقنيات تنادي صراحة أو ضمنيًا بالخروج على القيم النبيلة والتمرد عليها، مع تسلل قدوات لا تتفق مع قيمنا إلى معظم البيوت من خلال هذه التقنيات ، ونحمد الله عز وجل إننا في مجتمعنا الخليجي بما حبانا الله من نعم الأمن والأمان والحكم الرشيد، وانتشار العلم الشرعي، مازالت أكثر القيم الأصيلة راسخة في وجدان الشعوب الخليجية، رغم المحاولات التي تسعى إلى تنحيتها والتشكيك فيها، والحزم يقتضي منا اتخاذ كافة الأسباب والوسائل التي تحول دون وقوع شبابنا في وحل ما وقعت فيه بعض المجتمعات الأخرى، فالوقاية خير من العلاج، وسد الذريعة المؤدية إلى الفساد أمر واجب وإن على وزارات الشؤون الإسلامية والدينية والأوقاف التي تضطلع بمهام جسام مسؤولية كبرى في تحصين النشء بالقيم الراقية والأخلاق الفاضلة والعقيدة الإسلامية الصحيحة وترسيخها لديهم وتوجيههم إلى معالي الأمور حتى يواجهوا هذا التيار العولمي بثبات ومعرفة ووعي، وأول خطوة في ذلك بناء وإعداد الأجيال وحسن رعايتهم، ولا يتحقق ذلك إلا داخل مؤسسة الأسرة فهي النواة الأساس للجيل، ولاشك أن هذا مرهون باستقامتها وصلاحها، وأخذها بالمنهج الذي شرعه الإسلام لها ؛ خاصة في هذا الزمن الذي يكاد يتصدع فيه كيان الأسرة ويتلاشى دوروها إننا نملك الكثير من وسائل التأثير ومنابر التوجيه وجدير بنا وضع البرامج في خطب الجمعة ودروس المساجد والمحاضرات لمواجهة هذه التحديات، وإذا قمنا بذلك حصنا أجيالنا، وقمنا بواجبنا نحو أنفسنا وديننا وأوطاننا وقادتنا، وأسهمنا في صناعة المواطن الخليجي الصالح، النافع لوطنه وأمته ومجتمعه.
كما أوضح معاليه إن ما تعانيه البشرية اليوم من تغيرات مناخية وجفاف لبعض مصادر المياه، وتلوث بيئي وارتفاع في درجات حرارة الأرض، هو نتيجة تنكر الإنسان المعاصر للقيم المثلى والتعدي على حدود الله عزوجل، ولقد بادرت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والارشاد في المملكة العربية السعودية خلال هذه الدورة بتقديم ورقة عمل حول هذا الموضوع لبيان الرؤية الإسلامية التي صاغت نموذجاً فريدا في حماية البيئة ومكافحة التغيرات المناخية، والمملكة العربية السعودية اتخذت الإجراءات الكفيلة بحماية البيئة، وأطلق سمو سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء ــ حفظه الله ــ عددا من المبادرات مثل مبادرة الرياض الخضراء، ومبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر.
وتابع معاليه أن هذه الجهود المبذولة في حماية البيئة قد أسهمت في تنمية المحميات الطبيعية والمحافظة على البيئة النباتية والحياة الفطرية وتكاثرها وإنمائها والحد من الصيد والرعي والاحتطاب الجائر، وأدت خلال السنوات الأربع الماضية إلى زيادة الغطاء النباتي في المملكة إلى ٤٠%، فالحفاظ على البيئة له أثر كبير على سلامة صحة الإنسان، وعلى غيره من الكائنات التي أمرنا الله عز وجل بالإحسان إليها، وعلى مستوى الوزارة فقد حرصت على مراعاة هذا الجانب، فقد نص نظام الكود الجديد في بناء المساجد على أهمية الاستفادة من المياه الرمادية وتخصيص خزانات خاصة لمياه الوضوء والاستفادة منها في الري بهدف زيادة الرقعة الخضراء في الساحات المحيطة بالمساجد مع الاستفادة من الطاقة الشمسية في أسطح المساجد بهدف ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية التي ستؤثر على البيئة والحد من تلوثها.
واختتم معاليه كلمته بالشكر الجزيل ووافر التقدير إلى سلطنة عمان الشقيقة، سلطاناً وحكومة وشعباً بقيادة جلالة السلطان، هيثم بن طارق آل سعيد ــ حفظه الله ورعاه ــ، على استضافتها للاجتماع التاسع لأصحاب المعالي والسعادة الوزراء المسؤولين عن الشؤون الإسلامية والدينية والأوقاف بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولمعالي الوزير الدكتور محمد بن سعيد المعمري، رئيس الدورة الحالية على ما تفضل به هو وزملاؤه في الوزارة من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن الإعداد والتنظيم لهذا الاجتماع، ولأعمال هذه الدورة، وهو أمر ليس بمستغرب على أهل هذه البلدة الطيب أهلها المكرم ضيفها سائلًا الله أن يكلل هذا الاجتماع بالنجاح والتوفيق وأن يسدد أقوالنا وأعمالنا، وأن يعيننا على خدمة ديننا وتحقيق تطلعات وآمال قادتنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.