باحثون: هكذا تتعرف على أمراض الآخرين من أول نظرة
حين تقابل شخصاً تعرفه وقد بدا على وجهه الشحوب، أو في عينيه اصفرار أو احمرار، وتقول له “يبدو أنك مريض”؛ فهذه القدرة على التعرف على الأمراض لدى الآخرين، أصبحت موضوعاً لدراسة علمية في ستوكهولم.
ويقول موقع إذاعة صوت ألمانيا “دويتشه فيله”: من المعروف أن هناك كلاباً قادرة على شم رائحة مرض السكري، وفئراناً قادرة على التعرف من خلال حاسة الشم على المصابين بمرض السل؛ فقدرة بعض أنواع الحيوانات على التعرف على أمراض تصيب البشر معروفةٌ منذ وقت طويل؛ ولكن يبدو أيضاً أن هناك بشراً يمتلكون قدرات مشابهة.
وقال باحثون من معهد كارولينسكا في ستوكهولم: إن الأشخاص الذين يمتلكون هذه الموهبة ليسوا بحاجة للاعتماد على أنفسهم على سبيل المثال؛ حيث تكفي نظرة واحدة للتعرف على المرض؛ حسبما أكد الباحثون في دراستهم التي نُشرت اليوم الأربعاء (الثالث من يناير 2018) في مجلة “بروسيدنغز B” التابعة للأكاديمية الملكية للعلوم في بريطانيا.
تجربة
وللتأكد من صحة هذه النظرية؛ قام الباحثون -تحت إشراف جون أكسيلسون- بحقن متطوعين بحقنة بكتيريا كولاي “الإشريكية القولونية” التي تصيب الإنسان بالتهاب. كما حقن الباحثون مجموعة أخرى بحقنة تحتوي على عقار وهمي، ثم التقط الباحثون صوراً لجميع المتطوعين بعد ساعتين من الحقن. وكانت هناك مجموعة ثالثة من الناس أعطوا فرصة ثوان معدودة من الوقت للإجابة على سؤال عما إذا كان أصحاب الصور مرضى أم أصحاء.
81% تعرفوا على المرضى
وبالفعل تَعَرّف هؤلاء على المرضى بنسبة 81%؛ وهو ما فسره الباحثون على أنه ليس محض صدفة؛ ولكن الباحثين كانوا يريدون أيضاً معرفة الدلائل التي تحتوي عليها هذه الصور، واعتمد عليها هؤلاء الأشخاص في تشخيص المرضى؛ لذلك قام الباحثون بسؤال المجموعة الثالثة عن السمات المرضية المحددة التي تَعَرّفوا عليها في وجوه أصحاب الصور وساعدتهم على هذا التشخيص.
علامات المرض بالوجه
كان من بين هذه السمات: شفاه جافة، ووجوه شاحبة، وبشرة مبقعة أو لامعة، وفم متدلٍّ، وتورمات أو احمرار في العيون. وباستثناء البشرة المبقعة أو البراقة؛ فإن جميع هذه السمات كانت عوامل للتعرف على الشخص المريض. قال الباحثون: إن دراستهم تعطي دلائل على مدى إمكانية البشر التعرف على “بني جنسهم” المصابين.
محاذير
ورأى الباحثون أن هذه القدرة الخاصة يمكن أن تكون ميزة حيوية هائلة بالنظر للأمراض المعدية؛ ولكن الباحثين أشاروا في الوقت ذاته إلى أن هذا التحليل الذي يعتمد على الرؤية؛ يمكن أن يكون معرّضاً للخطأ؛ حيث إن الوجوه الحزينة أو المرهقة يمكن أن تبدو مريضة في بعض الأحيان. وبالفعل فإن هذه النظرية تنطبق مع دراسات أخرى أكدت أن الناس يتجنبون المرهقين، وأن إقصاء أصحاب الإعاقات الظاهرة أيضاً اجتماعياً؛ يحدث بسبب المبالغة في انتهاج آليات تجنّب المرض حسبما أوضح الباحثون.
بداية
وبرغم ذلك؛ فإن الباحثين رأوا أن دراستهم يمكن أن تكون بداية لبحث مدى إمكانية التعرف على المرضى المحيطين بنا، وقالوا إن هذا التعرف ممكن بشكل أفضل عندما تتم مراقبة رائحة الجسم وحركاته بشكل أفضل، كما أشار الباحثون إلى أهمية معرفة مدة إمكانية تدرب الإنسان على معرفة مرض الآخرين بمجرد رؤيتهم.
دراسات المستقبل
وخلُص الباحثون إلى أنه “على دراسات مستقبلية أن تبحث في مدى تقاطع تعبيرات الوجه الدالة على الإصابة بمرضى ما، مع العواطف البشرية الأساسية مثل الشعور بالهمّ والخوف، ومدى السرعة التي يمكن أن يكتشف بها بعض الأشخاص مرضاً لدى البشر الآخرين”.