مقالات وكتاب

الفرص والتجارة الموسمية

م. علي الغدير
مستشار المشاريع والخبير في الشأن الاقتصادي

 

تعتبر التجارة الموسمية فرصاً موسمية يتم فيها استغلال أوقات معينة حسب موسمها؛ يعود ذلك إلى أنّ المواسم تأتي في أوقاتٍ محددة كل عام. والحقيقة في ذلك، أن المنتجات التي تُطرح في الأسواق تمر بأوقات بيع مختلفة بعضها ما يكون نشطاً، وبعضها الآخر ما يكون راكداً كركود الماء. لذلك، تجد في مخططات البيع والشراء البيانية قمماً وقيعاناً تتبع للأوقات الموسمية.
ولكن، ما المقصود بالقمم والقيعان، وما علاقتها بالتجارة الموسمية؟. لكي تعرف ذلك، تابع معنا صديقي القارئ قراءة هذا المقال.
القمم والقيعان والتجارة الموسمية
قد يخطر ببال السامع مباشرةً أن القمم في تجارة المواسم تدل على نسبة المبيعات المرتفعة جداً. والقيعان (مفردها قاع) تدل على المنخفضة منها. لكن، الموضوع ليس ذلك تماماً؛ إذ أنّ المبيعات تتراوح بشكلٍ نسبيّ بين أعلى معدلاتها (القمم) وبين أخفضها (القيعان).
لذلك، تجد التجار يستغلون هذا الموضوع ويحاولون بيع أكبر عدد ممكن من منتجاتهم في مواسمها بأسعارٍ ربما تكون مرتفعة؛ لأن الناس بحاجة لها. هذا عدا عن أن البعض من التجار يعتمدونها عملهم الرئيسي الذي يحقق لهم أرباحاً طائلة مقارنةً بالتجارة غير الموسمية.
أنواع التجارة الموسمية
تختلف التجارة في المواسم حسب نوع الموسم الذي ينشطها، فيمكنك أن تجد تجارةً موسمية رمضانية تأتي في شهر رمضان المبارك. ومن الممكن أن تجد تجارةً موسمية متعلقة بالأعياد، مثل الأعياد الكبيرة والصغيرة أو عيد رأس السنة الميلادية والهجرية. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك أن تجد تجارةً موسمية ضمن فصول السنة. مثال على ذلك، التجارة الموسمية الصيفية والشتوية، والتجارة الموسمية الربيعية والخريفية.
في تلك المواسم التي ذكرناها سابقاً ترتفع معدلات مبيعات بعض التجار إلى أعلى معدلاتها، حسب نوعها في كل موسم. على سبيل المثال، ترتفع معدلات تجارة الملابس الشتوية في موسم التجارة الشتوية، وكذلك الأمر بالنسبة للتجارة الصيفية. في حين أن الملابس الشتوية تنخفض معدلاتها في موسم التجارة الصيفية؛ لأن الناس لم يعودوا بحاجة إلى تلك الملابس. لذلك، تجد التجار يُخفون البضاعات الشتوية حتى العام القادم والتجارة الموسمية الشتوية القادمة.
تجهيزات التجارة الموسمية
من الضروري جداً أن يتم التجهيز للتجارة الموسمية، فإن لم يتم التجهيز المسبق لها. من الممكن أن يؤدي إلى حصول خسارة كبيرة للتاجر، يندم عليها لأعوام. لذلك، تجد الناس كثيراً يجهزون أنفسهم بشكلٍ كبير إلى تلك المواسم؛ من أجل أن يحظوا بأرباح طائلة.
على سبيل المثال، تتضمن عمليات التجهيز شراء البضائع، والتخطيط لتخزينها بشكلٍ لا يضرُّ بها. وخاصةً فيما يتعلق بتجارة الأطعمة الموسمية. الأهم من ذلك، عليك أيها التاجر بتجهيز كمية المواد الكافية والوافية حتى انتهاء الموسم كي لا تتعرض لأي ضائقةٍ مادية أو تخزينية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التجار المحترفين يعملون على إطلاق خدمات جديدة بحيث أنهم يكونون الوحيدون في السوق من يقومون ببيع تلك الخدمات. ومن ثم يأتي العملاء إليهم من كل حدبٍ وصوب. من الجدير بالذكر أن تهتم صديقي القارئ بجودة تلك المنتجات وليس فقط بحداثتها. لأن عدم الجودة سوف يؤدي إلى خسارتك أضعاف ما خططت لربحه لا قدر الله.
التجارة الموسمية الرياضية
ربما سمعت عن الرياضة، ولكن ربما لم تسمع عن التجارة الرياضية الموسمية. وهي تلك التجارة التي تنشط فقط حين حصولِ حدثٍ رياضيّ مهم، مثل حدث كأس العالم لكرة القدم. فإن من يستغل ذلك جيداً يحقق أرباحاً طائلة.
مثال على ذلك، الدول التي تستضيف كأس العالم هي من سوف تحقق أكثر الأرباح؛ لأنها سوف تعمد إلى تنشيط الفنادق والسياحة والأسواق وغير ذلك. يمكن للدول الأخرى أيضاً أن تحقق أرباحاً كبيرة، من خلال بيع قمصان اللاعبين حسب كل فريق أو أدوات التشجيع. فكما نعلم يخرج الناس إلى الساحات العامة لمتابعة كأس العالم وهم على أهبة الاستعداد في اقتناء كافة أدوات التشجيع الحماسية.
بعيداً عن كأس العالم، وإذا فكرنا برقعةٍ أصغر من ذلك، فإننا سوف نجد بتحقيق التجار ربحاً أيضاً. من خلال استغلال نشاط المباريات المحلية التي تهيء الفرق إلى كأس العالم. وهذه المباريات لا تتوقف أبداً، مما يؤدي إلى استمرار التجارة الرياضية الموسمية.
الفرص غير الموسمية المفاجِئة
إن التاجر الحقيقي الذي يحقق أرباحاً كبيرة هو ذلك التاجر الذي لا يقوم بصرف كل ما يملك في التجارة الموسمية. إنه أيضاً من يستغلّ الفرص التجارية التي تأتي دون سابق إنذار. على سبيل المثال، أدت جائحة كورونا إلى ارتفاع نسبة مبيعات الكمامات. لذلك، كان على صاحب معمل الكمامات أن يدخر من مواده الأولية لسد العجز الحاصل عند كثرة شرائها. هذا ما يسمى بكل بساطة الفرص غير الموسمية التي تأتي على عجالة، ويجب أن تكون مستعداً دائماً لها.
مثال آخر، من الممكن أن يؤدي إفلاس شركةِ حواسيب محمولة إلى انخفاض سعر الحواسيب في السوق. لذلك، ينبغي عليك شرائها، من أجل بيعها بسعرٍ مرتفع عند شراء أسهم الشركة من قبل صاحب آخر وتنشيطها. ولذلك، تكون قد ربحت أرباحاً مضاعفة صديقي القارئ.
يمكن القول باختصار، إن التجارة تحتاج إلى شخص ذكي جداً ويمكنه اللعب على أكثر من وتر حساس. منها، وتر التجارة في المواسم، ووتر التجارة غير الموسمية، ووتر الإفلاس. ذاك الأخير الذي من الممكن أن يحصل فجأة دون سابق إنذار في حال لم تدخر بعض المال لأجل هذه الأيام العصيبة.
في ختام هذا النوع من المقالات، نرجو أن يكون المقال كافياً ووافياً علمياً بحيث أنك اطلعت على كافة جوانب التجارة في المواسم وأنواعها. الأهم من ذلك، فإننا ننصحك بإمعان النظر والتفكير جيداً بالكلام المذكور سابقاً. ومن ثم التفكير الكثير قبل البدء بأي نوع من أنواع التجارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى